مؤتمر صحفي للإعلان عن قواعد القبول بمعاهد معاوني الأمن    أسعار الدولار والعملات الأجنبية مقابل الجنيه في بداية تعاملات الأسبوع    استقرار أسعار اللحوم في مصر خلال الأحد 12 مايو 2024    الأونروا ترد على أوامر الإخلاء: إدعاء وجود مناطق آمنة في غزة "كاذب ومضلل"    «القاهرة الإخبارية»: القيادة المركزية الأمريكية تسقط 3 مسيرات جنوب البحر الأحمر    أخبار مصر: رد إسلام بحيري على محمد حسان وعلاء مبارك، نجاة فتاة بأعجوبة من حريق بالأميرية، قصة موقع يطارد مصرية بسبب غزة    موعد مباراة الزمالك ونهضة بركان في ذهاب نهائي الكونفدرالية والقنوات الناقلة    ترتيب هدافي الدوري الإنجليزي قبل مباراة مانشستر يونايتد وآرسنال اليوم    حالة الطرق اليوم، زحام مروري بكورنيش النيل وشارعا الهرم ورمسيس ومحور 26 يوليو    موعد عيد الأضحى المبارك 1445ه: تفاصيل الإجازة وموعد وقفة عرفات 2024    تحسين مظهر تطبيق واتسآب للأجهزة المحمولة    السيسي: لدينا خطط كبيرة لتطوير مساجد آل البيت والصحابة والصالحين    إسلام بحيري يرد على سبب تسميه مركز "تكوين الفكر العربي" ومطالب إغلاقه    الرئيس السيسي لسلطان البهرة: مشاركتكم في تطوير مساجد آل البيت مقدرة جدا    «حديد عز» يرتفع 167 جنيهًا.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأحد 12 مايو 2024    عاجل.. حدث ليلا.. قمع واعتقالات بمظاهرات تل أبيب وغضب في لبنان بسبب عصابة التيكتوكرز    حماس تعلن وفاة محتجز إسرائيلي في غزة    الحكومة: إجمالي الأجانب المقيمين في مصر 9 ملايين مهاجر    ما حكم الحج عن المتوفى إذا كان مال تركته لا يكفي؟.. دار الإفتاء تجيب    "اعرف هتقبض إمتى".. متى يتم صرف مرتبات شهر مايو 2024؟    أستراليا تشكل لجنة لمراقبة تأثير مواقع التواصل الاجتماعي على المجتمع    رئيس اليمن الأسبق: نحيي مصر حكومة وشعبًا لدعم القضايا العربية | حوار    محاكمة 19 متهمًا ب«خلية تزوير المرج».. اليوم    وزير الرياضة يفتتح أعمال تطوير المدينة الشبابية الدولية بالأقصر    بعد انخفاضها.. أسعار الدواجن والبيض اليوم الأحد 12 مايو بالبورصة والأسواق    تثاءبت فظل فمها مفتوحًا.. شابة أمريكية تعرضت لحالة غريبة (فيديو)    مفاجأة صادمة.. سيخ الشاورما في الصيف قد يؤدي إلى إصابات بالتسمم    الحكومة: تعميق توطين الصناعة ورفع نسبة المكون المحلى    بطولة العالم للإسكواش 2024| تأهل 4 لاعبين مصريين للجولة الثالثة    «آمنة»: خطة لرفع قدرات الصف الثانى من الموظفين الشباب    البحرية المغربية تنقذ 59 شخصا حاولوا الهجرة بطريقة غير شرعية    ما التحديات والخطورة من زيادة الوزن والسمنة؟    عمرو أديب ل إسلام بحيري: الناس تثق في كلام إبراهيم عيسى أم محمد حسان؟    تحذير مهم من "تعليم الجيزة" للطلاب وأولياء الأمور لهذا السبب    الصحة تعلق على قرار أسترازينيكا بسحب لقاحاتها من مصر    "الأوقاف" تكشف أسباب قرار منع تصوير الجنازات    يسرا: عادل إمام أسطورة فنية.. وأشعر وأنا معه كأنني احتضن العالم    ملف رياضة مصراوي.. مذكرة احتجاج الأهلي.. تصريحات مدرب الزمالك.. وفوز الأحمر المثير    كولر يحسم موقف الشناوي من رحلة تونس لمواجهة الترجي    يا مرحب بالعيد.. كم يوم باقي على عيد الاضحى 2024    أستاذ لغات وترجمة: إسرائيل تستخدم أفكارا مثلية خلال الرسوم المتحركة للأطفال    حبس سائق السيارة النقل المتسبب في حادث الطريق الدائري 4 أيام على ذمة التحقيقات    إصابة 7 أشخاص إثر انقلاب ميكروباص بمدينة 6 أكتوبر    خطأ هالة وهند.. إسلام بحيري: تصيد لا يؤثر فينا.. هل الحل نمشي وراء الغوغاء!    أخبار × 24 ساعة.. وزارة الأوقاف تقرر منع تصوير الجنازات داخل وخارج المساجد    رئيس بلدية رفح الفلسطينية يوجه رسالة للعالم    اعرف سعره في السوق السوداء والبنوك الرسمية.. بكم الدولار اليوم؟    أحمد عبد المنعم شعبان صاحب اللقطة الذهبية في مباراة الأهلي وبلدية المحلة    بعيداً عن شربها.. تعرف على استخدامات القهوة المختلفة    حظك اليوم برج العذراء الأحد 12-5-2024 مهنيا وعاطفيا    علي الدين هلال: الحرب من أصعب القرارات وهي فكرة متأخرة نلجأ لها حال التهديد المباشر للأمن المصري    «التعليم» تعلن حاجتها لتعيين أكثر من 18 ألف معلم بجميع المحافظات (الشروط والمستندات المطلوبة)    خلال تدشين كنيسة الرحاب.. البابا تواضروس يكرم هشام طلعت مصطفى    وزارة الأوقاف تقرر منع تصوير الجنازات داخل وخارج المساجد    تيسيرًا على الوافدين.. «الإسكندرية الأزهرية» تستحدث نظام الاستمارة الإلكترونية للطلاب    الرقابة الإدارية تستقبل وفد مفتشية الحكومة الفيتنامية    نقيب الأطباء يشكر السيسي لرعايته حفل يوم الطبيب: وجه بتحسين أحوال الأطباء عدة مرات    ما حكمُ من مات غنيًّا ولم يؤدِّ فريضةَ الحج؟ الإفتاء تُجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مشروع عقوبات جديد.. ووقائع
نشر في الشروق الجديد يوم 03 - 03 - 2024

مهما كان الموقف فى مناهضة السلطة القائمة فى سوريا ومسئوليتها فيما آلت إليه البلاد والمطالبة بالمحاسبة عن الجرائم والانتهاكات، لا بد من التوقف لحظة عما تأخذ إليه السياسة الأمريكية اليوم، أو بالأحرى اللا سياسة الأمريكية تجاه سوريا وما يحيط بها.
فى نفس الوقت الذى تمثل فيه إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية بتهمة الإبادة الجماعية وتمنع الولايات المتحدة أى قرار من مجلس الأمن يلزمها بوقف حربها على الشعب الفلسطينى، يتم بسهولة كبرى وإجماع مريب إقرار قانون فى الكونجرس الأمريكى تحت عنوان «قانون منع التطبيع مع «نظام الأسد». والإشارة لأن مشروع القانون ينبغى أن يحظى بموافقة مجلس الشيوخ والرئيس الأمريكى كى يصبح نافذا.
هذا المشروع الجديد يعدل القانون المسمى «قيصر» ويمدد مدته حتى 2032 ويذهب إلى ما هو أبعد من المصرف المركزى إلى منع التعامل مع «الحكومة السورية»، أى مع مجمل مؤسسات الدولة، وإلى معاقبة الأفراد السوريين المرتبطين بهذه الدولة أو يتعاملون معها وأعضاء عائلاتهم، حتى يثبتوا هم براءتهم وليس العكس. كما يعاقب المشروع غير السوريين الذين يتعاملون مع المؤسسات والأفراد فى سوريا، بمن فيهم الحكومات والشركات والأفراد فى الولايات المتحدة وغيرها من الدول. ويلزم المشروع الرئيس الأمريكى بتقديم تقارير عن التصرفات الدبلوماسية والتجارية والمالية تجاه سوريا ليس لروسيا وإيران وحسب، بل أيضا لتركيا والإمارات ومصر والأردن والعراق وعمان والبحرين والكويت والسعودية وتونس والجزائر.
• • •
يقال إنه كان لبعض الأشخاص السوريين الأمريكيين المعارضين دور كبير فى الوصول إلى نص المشروع الجديد والتصويت عليه، بالتعاون مع مجموعات ضغط أخرى، إيرانية معارضة وغيرها... كل هذا رغم المناخ الثقيل للحرب على غزة. لكن إقراره أدى إلى انقسام عميق حوله، خاصة ضمن الأوساط المعارضة والمدنية السورية. ذلك أنه سيؤدى لازدياد معاناة السوريين والسوريات فى جميع المناطق، بشكل مباشر أو غير مباشر. واللافت أن الدول المعنية بالرقابة الأمريكية وبالمعاقبة المحتملة على تعاملها مع الدولة السورية، لم تنشط كثيرا لمواجهة ما يشكل انتهاكها لقرارها السيادى ومصالحها وشئون مواطنيها ومواطناتها، إلا نادرا، لا مباشرة من سفاراتها ولا عبر مجموعات ضغطها فى واشنطن، وهى نافذة. ويحكى أن تركيا والبحرين كانتا الدولتين الوحيدتين اللتين أبرزتا معارضة قوية.
لكن أشد الاعتراضات صدرت من منظمات مدنية أمريكية، لما يشكله هكذا نص من انتهاك للدستور الأمريكى والحق بالبراءة حتى تثبت الإدانة والفصل بين شخص المتهم وشخص أفراد أسرته. كما جاءت أكثر الاعتراضات وقعا من شخصيات دبلوماسية أمريكية سابقة، شديدة العداء للسلطة السورية، لكنها بعثت رسائل إلى الكونجرس تحذر من وقع العقوبات الأمريكية الكارثى على الشعب السورى، بمن فيهم الطبقة التى كانت وسطى وأولئك المتواجدون خارج مناطق سيطرة السلطة، بالتوازى مع توجه مجمل المساعدات الدولية حاليا إلى الانحسار الكبير. وعلى نقيض توجه مشروع القانون الجديد، ينصحون بأنه «يمكننا أن نبدأ بمساعدة السوريين العاديين بشكل أفضل عندما ندرك الضرر الذى تسببه عقوباتنا الحالية ونفكر فى طرق أفضل لمساعدة السكان، مثل محاولة الاستفادة من تخفيف العقوبات لزيادة الرقابة الخارجية على صرف تدفقات المساعدات الإنسانية المتبقية فى المناطق التى تسيطر عليها الحكومة فى سوريا»...
بالتأكيد لا ترقى هذه الاعتراضات إلى مستوى التضحية بالنفس الذى بذلها آرون بوشنل، الجندى فى سلاح الطيران الأمريكى، الذى لم يرض أن يكون شريكا فى جريمة الإبادة بحق الفلسطينيين والفلسطينيات (وبالمناسبة لم تقم وسائل الإعلام الأمريكية بتغطية إحراقه لنفسه إلا هامشيا وبحياء)، لكنها تبقى رسائل صريحة بما فيه الكفاية أن الولايات المتحدة قد خرجت حتى عن منطق الحقوق المدنية والإنسانية... والسياسية.
من الواضح فى واشنطن أن الإدارة الديموقراطية الحالية ضعيفة، لا تهتم سوى بصراعها الطويل الأمد مع الصين، وقليلا مع روسيا عبر أوكرانيا. أما العالم العربى والشرق الأوسط فيبدو أنها تركت الأمور فيها لنتنياهو، كى يقرر ما يشاء... وليس فقط فى غزة.
وفى ظل الصراع الانتخابى المحتدم على الرئاسة القادمة والأموال الكبيرة التى تنفق عليها، والاحتمال الكبير لعودة دونالد ترامب، تنفلت مجموعات الضغط من جميع الجهات، وخاصة الصهيونية منها، للعب أوراقها فى «الوقت الضائع» لخدمة مصالح الدول التى تؤيدها.
• • •
بالنسبة لسوريا ومشروع قانونها، يبرز فى النص تخوف «المشرعين» مما يمكن أن يقوم به رئيس قادم. كما يبرز أيضا محاولة إغلاق مجال الدبلوماسية والسياسة، ليس فقط من قبل الولايات المتحدة، بل أيضا من قبل حلفائها فى المنطقة. واللجوء إلى التهديد الواسع بعقوبات... حسب قانون أمريكى دون محاكمة. ومن اللافت أيضا أن التهديد لا يطال سوى دول المنطقة وليس دولا أوروبية وعالمية أخرى ما زالت تحتفظ بعلاقات دبلوماسية وتجارية مع سوريا... الدولة.
تزعم المجموعات التى تضغط لإقرار القانون أنه «يسد ثغرات قانون قيصر التى يستفيد منها النظام». وكأن الأمر «شطارة». فى حين أنها تعرف جيدا أن العقوبات العامة وعلى مؤسسات الدولة أنهكت المجتمع السورى إلى درجة تبديده، وفى جميع المناطق. فالسوريون والسوريات يفرون إلى الخارج حتى من مناطق «الإدارة الذاتية» المحمية أمريكيا والمعفية من العقوبات. وهذه المجموعات تعرف جيدا أن كل هذا سيأخذ إلى تكريس انقسام سوريا بشكل أعمق. كما بات واضحا أن العقوبات على الأفراد زادت من ترابط هؤلاء مع السلطة القائمة فى وحدة مصيرية، مما زاد من شراسة الاستبداد والاستغلال. إن تلك المجموعات تعى أن الإغلاق التام على الدولة السورية سيأخذها للارتهان كاملا لإيران وروسيا، لأن لا مخرج لهذه الدولة غير ذلك. كما تعرف أنه عندما تأتى العقوبات الأمريكية الأحادية الجانب بقانون وليس بأمر إدارى، سيخضع رفع هذه العقوبات، حتى لو «سقط النظام»، لضغوطات على «النظام» الذى سيليه. هذا دون الحديث عن الصراع بين مجموعات الضغط الأمريكية حينها. والعراق أفضل مثال على ذلك.
• • •
لكن السؤال الكبير هو ما فائدة هذا المشروع أمريكيا؟ فهل سيأخذها الأمر إلى فرض عقوبات على الدولة السعودية أو الإماراتية، أو على مواطنيها وشركاتها؟ علما أن البلدين يحتويان على أعداد ملحوظة من السوريين، الذين يعملون ولهم عائلات ومصالح فى سوريا، أم أن المستهدف ضمنا هما لبنان والعراق، المرتبطان ارتباطا عضويا مع سوريا، بغية إبقائهما فى «فخ الهشاشة» الذى غرق كلاهما فيه؟
ما الذى يأخذ الولايات المتحدة لتنزع كل الوسائل السياسية والدبلوماسية فى تعاملها مع سوريا، ولتهدد بسلاح العقوبات المنطقة برمتها، وخاصة تلك الأكثر ضعفا المحيطة بسوريا؟ هذا فى حين أضاعت، هى كما السلطة السورية، وكما دول الجوار فرصة نادرة حين حدث الزلزال. أهو تمهيد لما تنويه إسرائيل بعد انتهائها من الإبادة الجماعية؟ وتهديد بأن ينفلت جنون قادتها إلى ما هو أبعد بكثير؟
إن مشروع قانون «قيصر 2.0» يعنى نهاية قرار مجلس الأمن 2254 وإنهاء آلية جنيف، لأن التفاوض هو مع الدولة السورية. ولا معنى للتغيير والمحاسبة إذا كان ذلك على حساب لقمة الشعب السورى وسيادته على أراضيه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.