رسميًا رابط نتيجة تنسيق جامعة الأزهر 2025.. طب 95.08% وهندسة 89.54% وصيدلة 92.15%    هبوط عالمي في سعر الذهب اليوم الخميس 18-9-2025 بعد قرار الفيدرالي الأمريكي الأخير    محمود محيي الدين عن تصريح «الاقتصاد المصري لم يتحرك منذ 2015»: أرقام البنك الدولي الرسمية هي المرجع    أوكرانيا تتسلم المزيد من جثامين جنودها من موسكو    فيريرا يشيد ب عبدالله السعيد.. ويؤكد: نركز حاليا على لقاء الجونة    «تواجد بابي بادجي».. قائمة سموحة لمباراة حرس الحدود في الدوري    التشكيل الرسمي لمباراة برشلونة ضد نيوكاسل في دوري أبطال أوروبا    قبل صهرها وبيعها.. كاميرا مراقبة ترصد إتلاف «الإسورة الأثرية» في الصاغة بعد سرقتها من المتحف المصري    بيان تحذيري عاجل بشأن اضطراب حالة البحر في الإسكندرية غدًا الجمعة    انطلاق فعاليات الدورة الأولى من مهرجان بورسعيد السينمائي    ندوة توعوية لمركز التنمية الشبابية بالإسماعيلية حول حقوق ومسؤوليات ذوي الهمم    لدعم الطلاب الجدد.. طفرة في الخدمات المقدمة من جامعة حلوان| تفاصيل    محافظ المنيا يتفقد قافلة لبيع السلع الغذائية الأساسية بأسعار مخفضة    رئيس «العربية للتصنيع» يبحث مع وزير دفاع جامبيا أوجه التعاون المقترحة    التمثيل العمالي بجدة يبحث مطالب 250 عاملًا مصريًا بشركة مقاولات    ننشر خطوات تجديد رخصة القيادة إلكترونيًا    محافظ المنيا: حملات مستمرة للتفتيش على الأسواق    محمد بركات يكتب: أمريكا وجرائم إسرائيل    رحاب الجمل: محمد رمضان موهوب وذكي ورفضت دور بسبب ابني وزوجي    أحلام الكلب وربيع اليمامة    افتتاح 5 مشروعات طبية جديدة خلال احتفالات البحيرة بعيدها القومى    وزير الرياضة: قطاعا الصحة والرياضة ركيزتان لبناء الإنسان المصري    بعد سرقتها وصهرها وبيعها للصاغة.. 5 معلومات عن إسورة الملك أمنمؤوبي    ما حكم تبديل سلعة بسلعة؟.. أمين الفتوى يجيب    7 أخبار رياضية لاتفوتك اليوم    الرئيس الكازاخي لوفد أزهري: تجمعني علاقات ود وصداقة بالرئيس السيسي    تأجيل نظر تجديد حبس "علياء قمرون" بتهمة خدش الحياء العام ل 20 سبتمبر    رغم الحرب والحصار.. فلسطين تطلق رؤيتها نحو المستقبل 2050    ليس صلاح.. كيليان مبابي يتوقع الفائز بجائزة الكرة الذهبية    المقاولون العرب يكشف عن هوية المدرب المؤقت بعد رحيل محمد مكي    بكين: لن نسمح باستقلال تايوان والعالم بين السلام والحرب    هدى المفتي تخطف الأنظار بإطلالة مختلفة من كواليس إعلانها الجديد    «هربانة منهم».. نساء هذه الأبراج الأكثر جنونًا    الكابينة الفردي ب850 جنيهًا.. مواعيد وأسعار قطارات النوم اليوم الخميس    استمتع بصلواتك مواقيت الصلاة اليوم الخميس 18سبتمبر2025 في المنيا    الإمام الأكبر يكرِّم الطلاب الأوائل في حفظ «الخريدة البهية»    مواقيت الصلاة اليوم الخميس 18-9-2025 في بني سويف    هل تواجد امرأة في بلكونة المسجد وقت العذر الشرعي يُعتبر جلوسا داخله؟.. أمين الفتوى يوضح    جامعة أسيوط تجدد تعاونها مع الجامعة المصرية للتعلم الإلكتروني الأهلية في المجالات الأكاديمية والبحثية    البورصة المصرية تربح 15.5 مليار جنيه في ختام تعاملات الخميس    الصحة: تقليص معدل الإنجاب وتحسين الخصائص السكانية في 7 محافظات    إصابة 4 أشخاص إثر انقلاب سيارة في الوادي الجديد    سرقتها أخصائية ترميم.. الداخلية تتمكن من ضبط مرتكبى واقعة سرقة أسورة ذهبية من المتحف المصرى    هل اقترب موعد زفافها؟.. إيناس الدغيدي وعريسها المنتظر يشعلان مواقع التواصل    يوفنتوس يتحرك لضم برناردو سيلفا من مان سيتي    300 مليون جنيه لاستكمال مشروع إحلال وتجديد مساكن المغتربين في نصر النوبة بأسوان    ملك إسبانيا في الأقصر.. ننشر جدول الزيارة الكامل    سرداب دشنا.. صور جديدة من مكان التنقيب عن الآثار داخل مكتب صحة بقنا    ديستيني كوسيسو خليفة ميسي ويامال يتألق فى أكاديمية لا ماسيا    التأمين الصحي الشامل: 495 جهة حاصلة على الاعتماد متعاقدة مع المنظومة حتى أغسطس 2025    «أنتي بليوشن» تعتزم إنشاء مشروع لمعالجة المخلفات البحرية بإستثمارات 150 مليون دولار    مورينيو يرحب بالعودة لتدريب بنفيكا بعد رحيل لاجي    جبران: تحرير 3676 محضرًا خاصًا بتراخيص عمل الأجانب خلال 5 أيام فقط    مصر وروسيا تبحثان سبل التعاون بمجالات التعليم الطبي والسياحة العلاجية    الهلال الأحمر يدفع بأكثر من 80 ألف سلة غذائية للأشقاء الفلسطينيين عبر قافلة «زاد العزة» ال 40    مفوضية اللاجئين ترحب بخارطة طريق لحل أزمة السويداء وتؤكد دعم النازحين    ملك إسبانيا: المتحف الكبير أيقونة مصر السياحية والثقافية الجديدة    وزير الخارجية يتوجه إلى السعودية لإجراء لقاءات مع كبار المسؤولين في المملكة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خطبة جمعة
نشر في الشروق الجديد يوم 24 - 04 - 2010

رأيت فيما يرى النائم خطيبا يصعد منبرا ويخرج من فمه كلامٌ تذكرت بعضه فسطرته فى كلمات أنقلها إليكم.
عباد الله، إن المسلمين مأمورون بتلاوة القرآن وتدبر آياته. وقد جئت إليكم اليوم بخمس آيات عظيمة من كتاب ربنا عز وجل؛ فهى رسائل من رب العالمين إلى العالمين. جعلنى الله وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وصرفنى الله وإياكم عمن قال فيهم: «إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون، ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم، ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون».
الآية الأولى هى قول الحق سبحانه: «وَقُلْ رَبِّ زِدْنِى عِلْمًا»(طه،114) وهى آية تبدو كمحصلة لمجموعة من الآيات الأخرى والتى تأخذ شكل نظرية مترابطة، تحملنا مسئولية البحث عن العلم والاشتغال به على النحو التالى:
وما أوتيتم من العلم إلا قليلا + وفوق كل ذى علم عليم + هل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون + يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات = وقل ربى زدنى علما.
ولتطبيق هذه المعادلة القرآنية على أرض الواقع يأتى قول الرسول الكريم: «طلب العلم فريضة» و«لايزال المرء عالما ما طلب العلم، حتى إذا قال علمت فقد جهل».
الآية الثانية تقول: «رَبَّنَا لا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا»(الممتحنة،5) وهو دعاء يحمل فى طياته المعنى التالي: أى يا رب لا تجعلنا دليلا يتخذه الكافرون على صدق كفرهم وكذب إيماننا فنكون سببا فى تحول الناس عن دينك لأنهم ما عرفوه إلا لأنهم عرفونا، فبدلا من أن نكون هداة مهتدين نكون ضالين مضلين.
تذكرت هذه الآية عندما قرأت كلام الشيخ محمد الغزالى: «إن المسلمين جدار سميك بين العالمين ودينهم». أى أن المسلمين، بسوء سلوكهم يقفون حائلا بين تعرف غير المسلمين على صحيح الإسلام. تذكرت هذه الآية وأنا أجمع المادة العلمية لكتابى عن المسلمين والديمقراطية لتكون المفاجأة أن ثمانين بالمائة من المسجونين السياسيين فى العالم (أى بسبب آرائهم السياسية) مسلمون، وأن الدول العربية تحديدا مسئولة عن أكثر من خمسين بالمائة من النظم غير الديمقراطية فى العالم. فلو أراد أحد ساكنى المريخ أن يتخير دينا من ديانات الأرض بالنظر فقط إلى أحوال أتباع كل دين، فأغلب الظن أنه لن يختار الإسلام. ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا.
تذكرت هذه الآية الكريمة أثناء حوارى مع طالب دكتوراه من اليابان طلب منى أن أقرأ جزءا من رسالته فروى لى بعض ما واجهه من صعاب أثناء زيارته لبعض الدول العربية وكيف أنه خرج بانطباع سلبى عن الإسلام (وكان الأحرى أن يحصر انطباعه فى حدود العرب) بما انعكس بوضوح فى رسالته. وكان مطلوبا منى أن أقول له إن الإسلام عظيم وأغلب المسلمين لا يتصرفون بوحى منه، وأن اعتزازهم به لا يعنى التزامهم بآدابه ولكن هيهات: وكأن لسان حاله يقول إذا لم يكن الإسلام قد نفع المسلمين فى شىء فكيف ينفع الآخرين؛ فكيف يستقيم الظل والعود أعوج.
تذكرت هذه الآية وأنا أطالع مقال الدكتور علاء الأسوانى فى الشروق: «هل يعتبر تزوير الانتخابات من الكبائر؟» فى ضوء حقيقة أن مجتمعاتنا العربية لا تعرف الانتخابات النزيهة إلا فى ظل الاحتلال، مع الأسف، لأننا تحكمنا قيادات مزورة تخشى نزاهة الحقيقة.
الآية الثالثة «إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِى الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ» (النحل، 90)، فى هذه الآية العظيمة يبدأ الله أمره لنا بالعدل، وكأنه الحد الأدنى لعلاقة الإنسان بالآخرين، ويذكر فى عقبه الإحسان وهو تعجيل الخير وهى منزلة أعظم ولا شك. فالعدل يعنى القسط والموازنة وعليه «وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به»، لكن للإحسان نصيب «ولئن صبرتم لهو خير للصابرين» فمن العدل قوله تعالى: «وجزاء سيئة سيئة مثلها» ولكن من الإحسان «فمن عفا وأصلح فأجره على الله.»، ومن العدل «والجروح قصاص»، ومن الإحسان «فمن تصدق به فهو كفارة له».
ولذى القربى نصيبهم لأنهم يقعون فى دائرة مسئوليتنا المباشرة أكثر من هؤلاء الذين باعد بيننا وبينهم المكان أو الزمان أو النسب. فما دون العدل ظلم وجور وكذب وخيانة وفحشاء ومنكر وبغى، وكل هذا ليس من الإسلام، أما ما فوق العدل من إحسان وكرم وتفضل وعفو وصفح وبر بالآخرين فهو من كمال الإسلام بل من الإيمان الذى وقر فى القلب وصدقه العمل.
وعليه حين قاتل الرسول صلى الله عليه وسلم الكفار فقد قاتلهم بالعدل، وحين عفا عنهم فى فتح مكة فقد عفا عنهم بالإحسان وما كان ليظلم أو يبغى. وكذلك حين رفض ابن الخطاب أن يعطى لبعض ضعاف النفوس من الأعراب سهم المؤلفة قلوبهم فكان يتصرف بالعدل، وحين أمر لليهودى العجوز من بيت المال، فكان من العدل لأنه ليس من العدل أن يأخذ منه الجزية فى شبابه ويحرمه فى شيخوخته، وكذا حين رفض أن يصلى فى كنيسة القيامة حتى لا يتخذها المسلمون من بعده مسجدا. وحين احترم المسلمون حقوق الآخرين فى بناء دور العبادة، فكان من العدل لأنه لا إكراه فى الدين، وحين تبادلوا معهم التهانى فى أعيادهم فكان من الإحسان وهذا هو جوهر قول الحق سبحانه «لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِى الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ»(الممتحنة، 8).
فالله يقول إن الذين يعيشون معنا ولم يقتلونا أو يخرجونا من ديارنا لهم أن نتعامل معهم بالبر (وهو من مراتب الإحسان) وكأننا نعجل لهم الخير مثلما هو حالنا مع بر الوالدين، وإن لم نكن بهذا القدر من الإحسان، فعلى الأقل فلنكن عادلين ومن العدل أن يكون لهم حقوق كما لنا حقوق غير منقوصة. اللهم اجعلنا من أهل العدل والإحسان.
الآية الرابعة تقول: «وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا»(الكهف،28). والآية ترسم منهجا يضعه الخالق لرسوله ولعباده من بعده بأن فرّق بين منهجين فى الحياة وفريقين يسيران على نهجهما: الأول هو منهج من جعل نفسه وحياته ومماته لله يدعوه ويذكره ويعمل له ويخشاه ليلا ونهارا لأنه يريد وجهه سبحانه ولا شىء سواه، لكن المهم ألا تذهب عيناك بعيدا عن هؤلاء لأنهم عادة قليلون ومتع الحياة الفانية غالبا ليست عندهم وإنما عند من أساء وأخطأ وتعمد الخطأ حتى أغفل الله قلبه عن ذكره واتبع هواه فأصبح أمره فرطا، وهم أصحاب المنهج الثانى. هى آية تحتاج الكثير من التأمل كى نحسن فهمها ونعمل بهديها. اللهم اجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
الآية الخامسة هى قول الحق سبحانه: «إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِى الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِى الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ»(النور،19) وهذه الآية هى جوهر الحدود فى الإسلام. فمن أراد أن يمارس الرذيلة بعيدا عن الناس، فعقوبته الأليمة عند ربه، أما من ينشر الرذيلة فى المجتمع طمعا فى زخرفها فإنه يضلل الناس عن دينهم، ولا بد أن يعاقب فى الدنيا وفى الآخرة؛ وعقاب الدنيا هو الحدود التى يقوم على تنفيذها ولى أمر المسلمين بشرط أن يطبقها على نفسه والمقربين منه قبل أن يوقعها على من عداهم.
فإذا أردت، أيها الإنسان، شيئا من شهوات الدنيا الحرام فتذكر أنك فى علاقة تضاد مع إرادة الله ما لم تلتزم منهجه فى الوصول إليها «قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ «(الأعراف، 33).
هذه الآيات الكريمة وغيرها تؤكد وظيفة المسلم الأسمى فى هذا الكون وهى أن يكون سيدا للكون عبدا لله، وياله من دين لو كان له رجال.
ويمكن أن نكون جميعا من رجالات هذا الدين بأن نتخلق بأخلاقه، ونتسلح بالمعارف الدينية والدنيوية التى لا ينصلح حالنا إلا بها، وأن نكتسب المهارات اللازمة كى نكون أندادا لعالم تفوق علينا، وأن نملك الشجاعة أن نقول كلمة الحق عند السلطان الجائر بنفس جرأتنا عند مخاطبة الضعيف الخائر. وكما قال الرسول الكريم: «اطلبوا حوائجكم بعزة الأنفس، فإن الأمور تجرى بمقادير».
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه، قوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.