وضعت سكارليت كوتين المصورة الفرنسية قدمها وسط صحراء سيناء، وبالتحديد في إحدى القرى السيناوية البسيطة، لتبدأ رحلتها منفردة نحو المجهول، فهذه المصورة تعشق الشرق الأوسط، وتبحث عن حياة جديدة لم تعتدها في شوارع باريس وأحيائها لتسجل لقطات لم ترها من قبل، ولكن بساطة أهل تلك القرية وأسلوب حياتهم غير المتكلف جذبها بشدة، مما دفعها لعمل مشروع فوتوغرافي متكامل عن أهل تلك القرية أسمته (ما زلت حية). يحكي المشروع (الجديد- القديم) لسكارليت، قصة حياة سكان إحدى القرى المصرية في سيناء، فعلى الرغم من أن سكان هذه القرية يعيشون حياة بسيطة ومتواضعة، لم تتوان المصورة عن تقديم ملامح الفرح، والسعادة، والحياة التي تنبع من أعين ساكنيها، فكان مشروع "ما زلت حية" نتاج هذه الرحلة التي تصفها صاحبتها ب"المغامرة". فكرة المشروع لم تطرأ في ذهنها إلا حين وطأت قدماها أرض القرية، ففي خاطرها، لم تكن تعلم أنها ستقابل هؤلاء الأشخاص، أو ستعيش معهم، إذ تقول المصورة الفرنسية: "كان هدفي الأساسي الابتعاد عن الحياة الروتينية التي كنت أعيشها، كما أنني في حياتي بشكل عام لا أحب التخطيط، وبالتالي لم أكن أعرف ما تخبئه لي الصحراء". وأشارت خلال عرض مجموعتها الفوتوغرافية في دبي إلي أن "سكان تلك المنطقة منعزلون، ولا أحد يوليهم أي اهتمام، وهم في طبيعتهم يختلفون عمن أعرفهم، كما أن حياتهم خالية من الإثارة والتشويق، واختيار هذا العنوان لا يعبر عنهم فحسب، بل يعبر عني كفنانة أيضا تبحث عن حياة جديدة لتعيشها". وتحتل صور نساء القرية جزءا كبيرا من مجموعة "ما زلت حية"، وفي معظمها تظهر النسوة وهن يغطين وجوههن، بسبب العادات والتقاليد التي تخضع لها النساء في سيناء، إلا أن سكارليت كوتين، ومن خلال هذه الصور، وجدت أن لغطاء الوجه معنى وقيمة أخرى تختلف عما يراه العالم الآخر. وتقول: "للمرأة وضع متميز في هذه القرية، فرغم الانتقادات المستمرة التي يوجهها الغرب لنقاب المرأة، وجدت أن هذا الغطاء هو جزء من الزينة التي تضعها النسوة، فهذا الغطاء مرصع بالمجوهرات والحرير والمطرزات، وعلى عكس ما يعتقد العالم، النساء هنا لهن سلطة كبيرة، فهن يتحدثن كالرجال تماما، ويعبرن عن مشاعرهن، وفي نفس الوقت هن ملكات المنزل، يعتنين بالأطفال، ويدرن أمور بيوتهن". وبعد انتهاء مشروعها عادت أكثر من مرة لتلك القرية، حيث تقول سكارليت: "استطعت العودة أكثر من مرة إلى هناك، وفي كل مرة كانوا يشاهدون الصور فيها كانت السعادة تظهر واضحة على وجوههم، فقد كانوا يقدمون لي النصائح حول أفضل الطرق التي تظهرهم في أحسن حال، إلا أن هدفي الرئيسي كان إظهارهم على طبيعتهم التي تعكس حياتهم الحقيقية رغم بساطتها وتواضعها". صور سكارليت كوتين تميزت بالألوان الحية، التي تعكس الطبيعة الصحراوية، كما أنها في بعض الصور حاولت المزج ما بين الحداثة والبساطة عبر تصوير أشياء تنتمي للعالم التقني الحديث، مثل التلفاز في منتصف الغرفة، وأقراص دي في دي لأفلام أجنبية، وهي أغراض لا تنتمي إلى هذا المكان، إلا أن المتفرج بشكل أو بآخر يشعر بأنها تتماشى مع بقية ما يظهر في الصورة.