أصبحت القضية التي تقودها دولة جنوب إفريقيا ضد الكيان الإسرائيلي في محكمة العدل الدولية محل اهتمام الكتاب الإسرائليين، وتعبر مقالاتهم عن قلق بالغ على الصورة الذهنية التي تحاول إسرائيل تصديرها عن نفسها عالمياً، ويعد ذلك أكثر ما يقلقهم. اتهمت جنوب إفريقيا، إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية بانتهاك اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، معتبرة أن الهجوم الذى شنته حركة حماس فى 7 أكتوبر لا يمكن أن يبرر ما ترتكبه فى قطاع غزة من مجازر، وفى شكوى مكونة من 84 صفحة رفُعت إلى المحكمة في لاهاى حثت جنوب إفريقيا القضاة على إصدار أمر عاجل لإسرائيل بتعليق فورى لعدوانها على القطاع. وقال الكاتب الإسرائيلي جيرمي شارون إن هذه الادعاءات خطيرة للغاية، وحتى صدور حكم مؤقت ضد إسرائيل يمكن أن يكون له تأثير شديد على مكانتها الدولية وسمعتها العالمية، مع ما قد يترتب على ذلك من عواقب دبلوماسية وسياسية وخيمة. وأوضح شارون أن أحد الأسباب الكثيرة التي تجعل ما تقدمه جنوب إفريقيا ضد إسرائيل يبدو منطقياً هي التصريحات التحريضية العديدة التي أدلى بها وزراء الحكومة الإسرائيلية بشأن الفلسطينيين في غزة، وهذه التصريحات أظهرت أن "إسرائيل لديها النية لارتكاب إبادة جماعية، وهو جانب حاسم في أي اتهامات بالإبادة الجماعية". وأضاف أن الحكم في القضية قد يتخذ وقتاً ولكن الخطر في الموضوع هو ظهور ما تقدمه جنوب إفريقيا "معقولاً" أمام الرأي العام العالمي، وقال: "الأهم بالنسبة لإسرائيل سد الطرق أمام إثبات معقولية أعمال الإبادة الجماعية ويجب أن تهتم بذلك أكثر بكثير من الحكم النهائي لأن تصديق ما يُقال يضع الدولة اليهودية في خطر محتمل كبير". ومن بين أكثر التعليقات التحريضية التي أدلى بها كبار السياسيين الإسرائيليين تصريحات نتنياهو في 28 أكتوبر التي أشار فيها إلى العدو التوراتي لبني إسرائيل القدماء، قائلاً: "يجب أن تتذكر ما فعله عماليق بك، يقول كتابنا المقدس ونحن نتذكر." واستشهد المدعي الجنوب إفريقي بهذا التعليق، بالإضافة إلى الآية الكتابية في صموئيل الأول التي تأمر بني إسرائيل بقتل جميع رجال ونساء وأطفال عماليق، كما تمت الإشارة إلى وصف نتنياهو للحرب في خطاب آخر بأنها حرب بين "أبناء النور وأبناء الظلام"، والتي تعتبر أنها "تجريد من الإنسانية". ومن أبرز التصريحات الإسرائيلية الخطيرة ما قاله وزير التراث عميحاي إلياهو بأن إسرائيل تدرس استخدام قنبلة نووية في غزة، وتعليقه بأنه "لا يوجد شيء اسمه مدنيين غير متورطين في غزة". لذلك يرى لياف ليبليتش، من كلية الحقوق بجامعة تل أبيب، أن "هذه التصريحات لم يكن ينبغي الإدلاء بها على الإطلاق وقد أوقعت إسرائيل الآن في قدر كبير من المتاعب بسبب شرط إثبات النية في اتهامات الإبادة الجماعية، وقال: "إذا لم تكن هذه التعليقات قد قيلت، فلن يكون هناك أساس متعمد لهذه القضية". وقال ليتش إن الدفاع القانوني الإسرائيلي سوف يخوض "صراعاً شاقاً" حيث سيتعين عليه إقناع المحكمة بأن رئيس الوزراء والوزراء الآخرين في الحكومة لم يقصدوا ما قالوا وأن كلماتهم لا تعكس ما حدث بالفعل في غزة. يخشى ليتش وشارون نتائج ما قد يحدث في حالة ظهرت أدلة جنوب إفريقيا معقولة ومنطقية أمام المحكمة، حيث أوضحا: "لا توجد تدابير تنفيذية تحت تصرف المحكمة، ولكن إذا رفضت إسرائيل الامتثال لأوامرها، فمن الممكن إحالة القضية إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، الذي يتمتع بسلطة فرض العقوبات بمختلف أنواعها، ويمكن أن تشمل هذه العقوبات التجارية، أو حظر الأسلحة، أو غيرها من الإجراءات العقابية. وذلك ما أكده روبي سابيل من كلية الحقوق في الجامعة العبرية، حيث أشار إلى أنه لا توجد آثار جنائية لحكم محكمة العدل الدولية لأنها محكمة ليست جنائية، وقال إن التأثير الأساسي لأي قرار ضد إسرائيل سيكون على مكانتها الدولية، "سيكون ذلك بمثابة وصمة عار على سمعتنا".