استقالات لرؤساء جامعات أمريكية، وجلسات استجواب في الكونجرس، وتهديدات بوقف التمويل من المانحين، وحظر للمظاهرات المؤيدة لفلسطين في الحرم الجامعي، تغيرات شهدها المجتمع الأكاديمي الأمريكي منذ اندلاع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في السابع من أكتوبر الماضي، والذي رافقه موجة من الاتهامات بمعاداة السامية يطلقها اللوبي الإسرائيلي ورموزه، ضد أي صوت منتقد للجرائم التي يرتكبها الاحتلال. * استجوابات واستقالات وأصبحت رئيسة جامعة هارفارد الأمريكية، كلودين جاي، أحدث القيادات الأكاديمية التي تستقيل من منصبها عقب تعرضها لضغوط وانتقادات لاعتبارها المظاهرات ضد إسرائيل داخل الحرم الجامعي ضمن نطاق "حرية التعبير". وقالت جاي في بيان إنها قدمت استقالتها حتى لا يتسبب الجدل حول شخصها "بإلحاق ضرر في الجامعة"، مشيرة إلى أنها اتخذت قرارها كي تتمكن الجامعة من مواصلة أهدافها بعيدا عن السجالات الأخيرة. وفي العاشر من الشهر الماضي، استقالت ليز ماجيل، رئيسة جامعة بنسلفانيا بعد تعرضها هي الأخرى لانتقادات مماثلة. وأدلت جاي وماجيل، بشهادتهما أمام لجنة التعليم والقوى العاملة بالكونجرس، في 5 ديسمبر الماضي، إلى جانب رئيسة معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا "إم آي تي" سالي كورنبلوث، في جلسة جاءت تحت عنوان "محاسبة رؤساء الجامعات ومكافحة معاداة السامية". وكانت هارفارد وبنسلفانيا من أبرز الجامعات الأمريكية التي نُظمت فيها مظاهرات مناهضة للعدوان الإسرائيلي على غزة، والذي أدى لاستشهاد آلاف الفلسطينيين. * ضغوط وابتزازات وتعرضت جاي وماجيل وكورنبلوث، لضغوط وانتقادات من أجل تقديم الاستقالة لأنهن رفضن اعتبار الاحتجاجات ضد إسرائيل "معادية للسامية". ولم يقتصر الهجوم الذي تعرضن له على وسائل التواصل الاجتماعي، بل وصل الضغط إلى حد تهديد المانحين الجامعيين ب "سحب تبرعاتهم" وهو ما حدث مع جامعة بنسلفانيا. ويعد مارك روان، الرئيس التنفيذي لشركة "أبولو جلوبال مانجمنت"، إحدى أكبر المؤسسات المالية في الولاياتالمتحدة، ورئيس المجلس الاستشاري لكلية وارتون لإدارة الأعمال في جامعة بنسلفانيا، الاسم البارز في مرحلة الضغوط والابتزاز. وروان هو واحد من أكبر الجهات المانحة لجامعة بنسلفانيا، وتشير التقديرات إلى أن المبلغ الذي تبرع به للجامعة حتى الآن لا يقل عن 50 مليون دولار. ومن المعروف أيضا أن روان، من أكبر المانحين والداعمين لجماعات الضغط الإسرائيلية في الولاياتالمتحدة، بما في ذلك "لجنة الشئون العامة الأمريكية الإسرائيلية (إيباك)" و"الأغلبية الديمقراطية من أجل إسرائيل"، التي تمارس الضغط على السياسيين الأمريكيين من أجل إرسال أموال وأسلحة إلى تل أبيب. كما أرسل روز ستيفنز، المؤسس والرئيس التنفيذي لمجموعة "ستون ريدج" القابضة، وأحد المتبرعين لجامعة بنسلفانيا، خطابا إلى الجامعة يهدد الإدارة بضرورة فصل ماجيل وإلا سيسحب أسهم "ستون ريدج" التي تصل قيمتها إلى 100 مليون دولار من الجامعة. وتخضع الولاياتالمتحدة لضغوط اللوبي الإسرائيلي المتغلغل داخل مختلف مؤسسات صنع القرار الأمريكية خاصة الكونجرس والبيت الأبيض، لكن هذه الضغوط طرقت هذه المرة أبواب المجتمع الأكاديمي الأمريكي. * التضييق على المظاهرات الطلابية الداعمة لفلسطين شكل التضييق على المظاهرات الطلابية الداعمة لفلسطين والمطالبة بوقف العدوان الإسرائيلي الوحشي على قطاع غزة، مسارا آخرا لتحركات اللوبي الإسرائيلي في الساحة الأكاديمية الأمريكية. وأمرت السلطات الجامعية في فلوريدا، بمشاركة حاكم الولاية رون ديسانتيس، المرشح الجمهوري المحتمل للانتخابات الرئاسية الأمريكية، الكليات في الولاية بإغلاق فروع منظمة "طلاب من أجل العدالة في فلسطين"، وهي مجموعة كانت في قلب الحراك في الحرم الجامعي الأمريكي منذ عملية طوفان الأقصى. ويوجد فروع للمنظمة في جامعتين على الأقل في فلوريدا وهما جامعة فلوريدا وجامعة جنوبفلوريدا. وعلى إثر ذلك، تقدم اتحاد الحريات المدنية الأمريكي بطعن على هذا الحظر، قائلا في دعوى قضائية فيدرالية إن الولاية تنتهك حرية التعبير للطلاب.