تتعامد الشمس غدا الخميس على معبد آمون العظيم بمدينة الأقصر التاريخية في صعيد مصر، إيذاناً ببداية فصل الشتاء في ظاهرة فلكية تشهد على ريادة قدماء المصريين لعلوم الفلك والهندسة في العالم القديم. وأعلنت سلطات محافظة الأقصر، في بيان صحفي، عن استعدادها للاحتفال بتلك المناسبة التي من المنتظر أن يشهدها المئات من السياح الأجانب والمصريين. وقالت نيرمين نجدي المتحدثة باسم محافظة الأقصر، إن فعاليات الاحتفال بتعامد الشمس على معبد الإله آمون رع بمجموعة معابد الكرنك، تتضمن إقامة ندوة علمية حول الظواهر الفلكية بالمعابد المصرية القديمة تقام مساء غد بمكتبة مصر العامة، التي تُطل على طريق الكباش الفرعوني المعروف باسم طريق المواكب الكبرى. وقال رئيس الجمعية المصرية للتنمية السياحية والأثرية، أيمن أبوزيد، في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية (د. ب.أ)، إن معبد آمون رع، وهو الأكبر بين مجموعة معابد الكرنك، الذي شُيّد على نظام هندسي/ فلكي خاص ليستقبل مع شروق شمس الغد أول شعاع شمسي على محوره الرئيسي. ولفت إلى أن قرص الشمس سيظهر بين البوابة الشرقية للمعبد لتمر أشعة الشمس وسط الصالات المقدسة لتنير ظُلمة قدس أقداس آمون، ثم يواصل قرص الشمس صعوده وسط البوابات الكبرى لمعابد الكرنك في مشهد لافت يدل على مدى تمكن المصريين القدماء ودرايتهم بأسرار علوم الفلك وتطويعها لخدمة عمارتهم الدينية. وأوضح أبوزيد أن مدينة الأقصر تزخر بالعديد من الظواهر الفلكية بين ربوع معابدها شرقا وغربا، مما يجعلها مدينة الشمس الجنوبية بعد مدينة "أون أو" عين شمس الحالية، وأن العديد من هذه المعابد التي تشهد ظواهر فلكية، تتفرد عن غيرها من معابد العالم القديم بقدمها وعمرها الزمنى الذي يزيد عن ثلاثة آلاف عام، واحتفاظها بالكثير من الأسرار الفلكية. واعتبر أن مجموعة معابد الكرنك الشهيرة شرقي مدينة الأقصر ، أحد عواصم السياحة الثقافية في العالم ، تعد من أهم المعابد التي شيدها قدماء المصريين، وتشهد في كل عام عددا من الظواهر الفلكية التي باتت تجذب أنظار الباحثين في علوم الآثار والفلك والهندسة وتجري وسط حضور أعداد كبيرة من السياح. ونوّه بأن ظاهرة تعامد الشمس على معبد الإله آمون رع في الكرنك، وغير ذلك من الظواهر الفلكية التي تشهدها المعابد المصرية القديمة في الأقصر، تدلل على مدى تفرّد هؤلاء المهندسين الذين خططوا وأشرفوا على تشييد تلك المعابد الشاهقة والمباني القديمة التي أبهرت العالم ولا تزال تجذب ملايين السياح لزيارتها في كل عام، خاصة البنايات الدينية التي ربطوا فيها بين فنون العمارة وعلوم الفلك. واعتمد قدماء المصريين على ضوء الشمس في حياتهم، وفي عباداتهم أيضًا، وأدى الضوء دورًا مهمًا في تحديد التشكيل المعماري لمعابد قدماء المصريين، وهناك علاقة كبيرة تربط بين علوم الفلك ووجهة كثير من آثار ملوك وملكات قدماء المصريين، نحو الشرق أو الغرب، وتشهد معظم المعابد المصرية، ظواهر فلكية متعددة، مثل تعامد الشمس، وتعامد القمر أيضًا. وربط قدماء المصريين بين اتجاهاتهم ومبانيهم الدينية، ولعبت ملاحظة السماء دورًا جوهريًا ،بحسب علماء الفلك والمصريات ، في بناء تلك المباني من معابد ومقاصير وأهرامات، وربطوا بين العمارة وعلوم الفلك، فأقاموا المعابد وفقًا للنجوم والاتجاهات الأرضية الأصلية، واستخدمت المعابد كمراصد للنجوم وتسجيل الوقت. وأثبتت الظواهر الفلكية ، التي جرى رصدها وتوثيقها داخل المعابد والمقاصير المصرية القديمة، ريادة قدماء المصريين لعلوم الفلك والهندسة، ومدى تمكنهم من تشييد معابدهم، بإعجاز فلكي وهندسي، جعل الشمس تتعامد فوق قدس أقداس كثير من المعابد، وفي أيام محددة من السنة. ويتزامن ذلك التعامد مع مناسبات دينية وأعياد شعبية، وأحداث تاريخية بعينها في كل عام، مثل تعامد الشمس على قدس أقداس بعض المعابد في يوم عيد الإله حورس، ويوم عيد المعبودة حتحور، ويوم الانقلاب الصيفي وعيد الإله آمون، وغير ذلك من الأحداث التي عرفتها مصر الفرعونية.