في الشهر الماضي قررت المملكة العربية السعودية استمرار خفض إنتاجها النفطي خلال العام المقبل، كما نجحت في إقناع عدد قليل من الدول الأعضاء في تجمع "أوبك بلس" للدول المصدرة للنفط بخفض إنتاجها مجددا، بهدف دعم أسعار الخام في السوق العالمية. والآن على هذه الدول أن تنتظر وتتمنى أن يتحقق هدفها ويتوقف تراجع أسعار النفط، بحسب المحلل الاقتصادي خافيير بلاس. وفي تحليل نشرته وكالة بلومبرج للأنباء، قال بلاس إنه رغم الحديث المتكرر عن ضعف الطلب العالمي على النفط خلال العام الحالي، فإن الأرقام تشير إلى نمو الاستهلاك بنحو 3ر2 مليون برميل يوميا. وأدى التعافي من آخر تداعيات جائحة فيروس كورونا المستجد إلى زيادة الاستهلاك السنوي خلال العام الحالي إلى مستوى قياسي جديد متجاوزا ذروته السابقة المسجلة في 2019 قبل تفشي الجائحة، وهو أمر جيد بالنسبة للسعودية. لكن مشكلة سوق النفط العالمية حاليا ترتبط غالبا بجانب العرض، حيث سجلت صناعة النفط الصخري الأمريكية نموا قويا خلال العام الحالي، متحدية تباطؤ قطاع النفط بشكل عام. كما ارتفع إنتاج إيران من النفط في أعقاب تخفيف الولاياتالمتحدة للعقوبات المفروضة على طهران أو غض الطرف عنها، حيث أصبحت إيران ثاني أكبر مساهم في زيادة إمدادات النفط في السوق العالمية. في الوقت نفسه، أدت العقوبات الغربية على روسيا بسبب غزو أوكرانيا إلى توسع روسيا في تصدير نفطها الخام إلى الأسواق الآسيوية. كما زاد الإنتاج في البرازيل وجوايانا وعدد آخر من الدول النفطية غير الأعضاء في تجمع أوبك بلس الذي يضم 23 دولة مصدرة للنفط على رأسها المملكة العربية السعودية وروسيا. وفي منتصف العام الماضي، قررت دول أوبك بلس خفض إنتاج النفط، نتيجة زيادة الفائض في السوق وانخفاض الأسعار. لكن التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط أدت إلى ارتفاع سعر النفط ليقترب من 100 دولار للبرميل في أكتوبر الماضي، قبل أن يتراجع بعد ذلك، ليتجه خام برنت القياسي للنفط العالمي نحو تسجيل سعر متوسط للعام الحالي ككل في حدود 82 دولارا للبرميل. ورغم أنه سعر جيد في الظروف الطبيعية فإنه أقل كثيرا من السعر المرتفع الذي استمتعت به دول أوبك بلس قبل سنوات. وفي اجتماع أوبك بلس الأخير يوم 30 نوفمبر الماضي قرر عدد من الدول خفض إنتاجها النفطي لدعم الأسعار. وفي ذلك اليوم، أعلن العراق أنه سيقوم بخفض طوعي إضافي لمعدلات إنتاج النفط الخام بمقدار 220 ألف برميل يوميا ابتداء من الأول من يناير المقبل. وذكر بيان لوزارة النفط العراقية أن هذا الخفض سيستمر حتى نهاية شهر مارس المقبل بالتنسيق مع بعض الدول المشاركة في اتفاق البلدان المصدرة للنفط (أوبك) وحلفائها. وأوضح البيان أن معدلات إنتاج النفط الخام العراقية ستكون بعد هذا التخفيض بمعدل 4 ملايين برميل يوميا حتى نهاية شهر مارس 2024 دعما لاستقرار السوق، وستتم إعادة كميات الخفض الإضافي هذه تدريجيا حسب أوضاع السوق. وأكدت وزارة النفط العراقية في بيانها أن هذا الخفض الطوعي، هو بالإضافة إلى الخفض الطوعي البالغ 211 ألف برميل يوميا، الذي سبق أن أعلن عنه العراق في شهر أبريل الماضي وسيستمر حتى نهاية شهر ديسمبر من العام المقبل، وأن هذا الخفض الطوعي الإضافي يأتي لتعزيز الجهود الإحترازية التي تبذلها دول منظمة أوبك بلس بهدف دعم استقرار أسواق البترول وتوازنها. كما أعلنت الإمارات عزمها تطبيق خفض إضافي لإنتاجها من النفط بمقدار 163 ألف برميل يوميا طوعيا، اعتبارا من الأول من يناير حتى نهاية مارس المقبلين بالتنسيق مع بعض الدول المشاركة في اتفاق أوبك بلس. وبهذا التخفيض سيصبح إنتاج الإمارات النفطي 2 مليون و912 ألف برميل يوميا، حتى نهاية مارس 2024. وبعد نهاية هذه الفترة، ستتم إعادة كميات الخفض الإضافي تدريجيا، حسب أوضاع السوق. ويأتي هذا الخفض إضافة إلى الخفض الطوعي البالغ 144 ألف برميل يوميا، الذي سبق أن أعلنت عنه الإمارات في أبريل 2023 والذي سيستمر حتى نهاية ديسمبر 2024. ورغم ذلك تشير المؤشرات إلى أن السعودية والدول النفطية الأخرى ستنتظر لترى نتائج قرارات خفض الإنتاج على مستويات الأسعار خلال العام المقبل.