منذ تصريحات الرئيس الأمريكي جو بايدن الأخيرة عن إسرائيل، وبداية فقدانها الدعم في العالم، انتشرت التقارير التحليلية في منصات الإعلام العالمية عن الخلاف الذي ظهر على السطح بين بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وبدأت الخلافات تظر في أكثر من صورة، بعد تصريحات بايدن، تعرضت الجهود الأميركية (لإظهار احتفاظها بنفوذ كبير على الحكومة الإسرائيلية) لضربة مزدوجة يوم الخميس، عندما قال وزير الدفاع الإسرائيلي إن "الأمر سيستغرق شهورا لاستكمال مهمة استئصال حماس". وكشف تقييم استخباراتي أمريكي مسرب أن ما يصل إلى 45% من 29 ألف ذخيرة جو-أرض أسقطتها إسرائيل على غزة منذ 7 أكتوبر، كانت عبارة عن "قنابل غبية" غير موجهة لأي أهداف حقيقية، بحسب تقرير لصحيفة الجارديان. والتصريحات الإسرائيلية عن استمرار العداون لشهور ينافي تصريحات أمريكية حول محاولات إنهاء الهجمات الغاشمة الإسرائيلية على غزة في أقرب وقت، خاصة بعد قول رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن "إسرائيل لن تتوقف حتى النصر الكامل". كما يتناقض التسريب بشأن الذخائر مع ادعاءات وزارة الخارجية الأمريكية بأنها ليس لديها أي مخاوف أو تقييم ما إذا كان القصف الإسرائيلي يمكن أن يشكل انتهاكا للقانون الإنساني الدولي. تسلط هذه الأمور الضوء على تساؤلات حول طبيعة سيطرة أمريكا على تصرفات إسرائيل السياسية والعسكرية، يقول باتريك وينتور، المحلل المتخصص في الشأن السياسي في الجارديان: "منذ أيام قليلة كانت الرواية المفضلة للبيت الأبيض هي أن هذه حرب مبررة تمامًا للدفاع عن النفس ولها هدف يمكن تحقيقه، وكانت هذه الرواية ضرورية بالنسبة للولايات المتحدة لاحتضان الحكومة الإسرائيلية للحفاظ على ثقتها وتوجيه عملية صنع القرار ومنع التصعيد الإقليمي". طالما حرصت وزارة الخارجية الأمريكية في تصريحاتها وبياناتها الإعلامية المنتظمة، على ذكر أمثلة لكيفية استماع إسرائيل للنصيحة الأمريكية والتصرف بناءً عليها، لكن هذا السرد بدأ يتلاشى مع ظهور خلافات مكبوتة بين الولاياتالمتحدة وإسرائيل، ليس فقط حول الأساليب، بل حول الأهداف، بحسب وينتور. وقال وينتور: "بايدن يخشى العقاب؛ لأنه سمح بمقتل ما يزيد عن 18 ألف فلسطيني، وفي الوقت نفسه الانطباع المتبقي هو أن إسرائيل لا تستمع إليه، إنهم يأخذون أسلحته، ولكن ليس نصيحته". وأوضح أن الخطر بالنسبة لبايدن فيما يحدث الآن هو "أن يصبح جزءا من خطة نتنياهو للبقاء. في الواقع، يدير نتنياهو حملة لإعادة انتخابه -وهو أمر متوقع في العام المقبل- وإذا لزم الأمر، فهو على استعداد لاستخدام التدخل الأمريكي غير المبرر في أمن إسرائيل كأداة لحملته الانتخابية". كما أحبط رئيس الوزراء خطط الغرب الرامية إلى إعادة إحياء السلطة الفلسطينية التي تسيطر عليها حركة فتح لتتولى المسئولية في أنحاء غزة والضفة الغربية، والحل الوحيد المتبقي هو إدارة إسرائيل للأراضي الفلسطينية، وهو الأمر الذي قالت الولاياتالمتحدة إنه لا ينبغي أن يحدث ولا توافق عليه. يوضح وينتور أن المعضلة التي يواجهها بايدن هي كيفية التعامل مع نتنياهو وحكومته الآن بعد أن أصبحت خلافاته علنية، فهل من الأفضل الاستثمار في قادة إسرائيليين آخرين، ومحاولة التوصل إلى نوع من التفاهم مع القادة العرب يمكن الضغط على نتنياهو لقبوله.