بعد عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر 2023، غزا جيش الاحتلال الإسرائيلي، شمال غزة بنحو 40 ألف جندي مقاتل، بحسب معهد الشئون الخارجية الأمريكي، وقصف القطاع بواحدة من أعنف حملات القصف التي سجلها التاريخ. ونتيجة لذلك، فر ما يقرب من مليوني شخص من منازلهم، واستشهد أكثر من 17.000 مدني، وفقًا لوزارة الصحة في غزة، بينما يُرجح أن تكون الأعداد أكثر من ذلك. في إطار عدوانها على غزة، قصف جيش الاحتلال المستشفيات وسيارات الإسعاف ودمرت حوالي نصف المباني في شمال غزة، وقطعت جميع إمدادات المياه والغذاء وتوليد الكهرباء تقريبا عن سكان القطاع البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة. حتى الآن، وبينما تحاول قوات الاحتلال الإسرائيلي التوغل بشكل أعمق في غزة، فإن أهدافها العسكرية التي وضعتها قبل الحرب لم تتحقق بالشكل الذي أرادته تل أبيب، ما يؤكد فشل الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية في غزة، وفقًا لخبراء. ووضعت سلطات الاحتلال 3 أهداف معلنة لعدوانها على غزة، وهي القضاء على قيادة حركة حماس وتدمير البنية التحتية للفصائل الفلسطينية، وتحرير الأسرى الإسرائيليين. تفكيك حماس لكن الحرب لم تنجح حتى الآن في تفكيك حماس، وفق المخطط التي كانت تستهدفه إسرائيل ظاهريا. بعد 63 يوما من الحرب، ثبت أن إسرائيل قادرة فقط على تدمير غزة، إلا أنها لا تستطيع تدمير حماس، بحسب معهد الشئون الخارجية. ومنذ انهيار الهدنة، قصفت المقاومة الفلسطينية تجمعات لقوات الاحتلال الإسرائيلي في مدينة غزة، في حين أطلقت صواريخ باتجاه الأراضي المحتلة خصوصًا العاصمة تل أبيب، ومستوطنات غلاف غزة، وهو ما يؤكد بحسب خبراء، عدم انهيار البنية العسكرية للمقاومة ومنصات إطلاق الصواريخ رغم مرور أكثر من شهرين على الحرب. بحسب المعهد، "إسرائيل لم تحقق سوى نتائج هامشية، وبأي مقياس ذي معنى، فإن الحملة لم تؤد إلى هزيمة حماس ولو جزئيا". يعتقد جيش الاحتلال الإسرائيلي أنه قتل 5000 آلاف عنصر من مقاتلي حركة حماس، وتشير التقديرات إلى أن عدد مقاتلي الحركة يتجاوز 30 ألف مقاتل، وإن صحت الأرقام الإسرائيلية، فإن ذلك أيضُا لن "يقلل بشكل كبير من التهديد الذي يمكن أن تواجهه المستوطنات الإسرائيلية، لأنه، كما أثبتت هجمات 7 أكتوبر لا يتطلب الأمر سوى بضع مئات من مقاتلي حماس لاقتحام المستوطنات من جديد". وخلص معهد الشئون الخارجية، إلى أن الحرب الإسرائيلية على غزة، أتت بنتائج عكسية بالنسبة لإسرائيل، لأنه بدلًا من أن يتخلص الاحتلال من المقاومة، فإنها زادت من أعداد المقاومة في غزة أكثر مما تقتل، حيث أن كل مدني في غزة يموت، سيكون لديه عائلة وأصدقاء حريصون على الانضمام إلى المقاومة للانتقام. تحرير الأسرى لم تنجح حملة الاحتلال الإسرائيلي في إضعاف سيطرة المقاومة في غزة بشكل كبير، خصوصًا في ملف تحرير الأسرى، إذ ادعت إسرائيل بأنها أنقذت أسيرًا واحدًا فقط من بين نحو 240 رهينة تم أسرهم في هجوم 7 أكتوبر، وردت حماس على ذلك بأن هذا الأسير لم يكن محتجزًا عند المقاومة، وربما كان محتجزًا في بيوت غزة. ومع رفض الاحتلال التفاوض بشأن تحرير الأسرى في أول الحرب، إلا أنها امتثلت في النهاية لشروط المقاومة بتبادل الأسرى، حيث أطلق الاحتلال سراح 3 أسرى فلسطينيين مقابل أسير إسرائيلي واحد من المدنيين قبل انهيار الهدنة، وجرى تسليم أعداد من الأسرى في شمال غزة التي يقول جيش الاحتلال أنه أحكم السيطرة عليها، ما يدل على أن الجماعة لا تزال تسيطر على مقاتليها، بحسب معهد الشئون الخارجية. وعلى الرغم من النقص الكبير في الطاقة والدمار الواسع في جميع أنحاء غزة، تواصل المقاومة إنتاج مقاطع فيديو دعائية للخسائر التي كبدتها لقوات الاحتلال، عبر تطبيق تليجرام، وبحسب إحصاء لمشروع جامعة شيكاغو حول الأمن والتهديدات، قام الجناح العسكري لحماس، كتائب القسام، بنشر ما يقرب من 200 مقطع فيديو والملصقات كل أسبوع، حتى نهاية نوفمبر الماضي. خسائر عسكرية بلغ قتلى جيش الاحتلال الإسرائيلي في غزة منذ يوم 7 أكتوبر، 420 ضابطًا وجنديًا، بحسب ما أعلنه جيش الاحتلال يوم الجمعة 8 ديسمبر، وهي إحصاءات لا يمكن الاعتماد عليها، إذ ترجح كتائب المقاومة أن الخسائر في صفوف جيش الاحتلال أكبر من ذلك بكثير. وقُتل خلال الحرب قيادات ورتب عسكرية كبيرة في جيش الاحتلال، وهم إساف حمامي قائد اللواء الجنوبي في فرقة غزة الذي قتل في هجوم 7 أكتوبر، العقيد يوناتان شتاينبرغ قائد لواء ناحال، العقيد ليئون بار، وهو ضابط كبير في فرقة الضفة الغربية بجيش الاحتلال، العقيد روعي يوسف ليفي، قائد الوحدة المتعددة الأبعاد، والمقدم ساهار تسيون مخلوف (33 عاما) من فرقة غزة قائد كتيبة اتصال. والمقدم يوناتان تسور (33 عاما) قائد كتيبة في لواء جولاني، والمقدم إيلي جينسبيرغ (42 عاما) ضابط في وحدة الكوماندوز البحرية "هشايطيت-13" من وحدات النخبة، خدم في آخر منصب له قائدا لمدرسة "مكافحة الإرهاب"، والمقدم عليم عبد الله (40 عاما) نائب قائد اللواء 300، قُتل في مواجهة على الحدود مع لبنان، والمقدم ميدان يسرائيل (35 عاما) قائد إمداد القيادة في القيادة الجنوبية، والمقدم سلمان حبقة (33 عاما) قائد الكتيبة 53، قتل في معركة شمال قطاع غزة. بالإضافة إلى مقتل الرائد احتياط "غال آيزنكوت" في معارك غزة، وهو نجل "غادي آيزنكوت"، الذي يشغل حاليًا منصب وزير في حكومة الحرب الحالية. ذلك فضلا عن تدمير مئات الآليات العسكرية الإسرائيلية والدبابات من طراز ميركافا، بصواريخ محلية الصنع من نوع ال ياسين 105، وأسر جنرلات ورتب عسكرية كبيرة في عملية طوفان الأقصى. وواصلت المقاومة إحباط محاولات الاحتلال الإسرائيلي، استعادة أسراه، وهو ما أعلنت عنه كتائب القسام اليوم الجمعة 8 ديسمبر، بإفشال مخطط إسرائيلي لاستعادة أحد الأسرى من العسكريين. وقالت الكتائب إن مقاتليها اكتشفوا قوة إسرائيلية خاصة أثناء محاولتها التقدم "لتحرير أحد أسرى العدو" واشتبكوا معها، وأكدت أن الاشتباك أدى إلى مقتل وإصابة أفراد هذه القوة وتدخل الطائرات الحربية بالقصف للتغطية على الانسحاب. وأكدت الكتائب، أن الاشتباك أدى أيضا إلى مقتل الجندي الأسير ساعر باروخ البالغ من العمر 25 عاما، والسيطرة على بندقية وجهاز اتصال للقوة الخاصة الإسرائيلية.