بالتزامن مع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة المستمرة منذ 37 يومًا، أجرى الإعلامي أحمد فايق حلقة خاصة من برنامج «مصر تستطيع» على قناة «dmc»، مع أطفال فلسطينيين مصابين بمرض السرطان يتلقون العلاج في مصر، ممن جرى نقلهم إلى البلاد في ظل الحرب الراهنة على قطاع غزة. في هذه الحلقة الخاصة، أجرى فايق سلسلة مقابلات مع عدد من الأطفال المرضى، أولئك الذين يخوضون حربا ضد عدوين، أحدهما السرطان والآخر الاحتلال الذي يتوحش في عدوانه على الفلسطينيين. استهل فايق مقابلاته مع «الطفلة جوري»، التي نجت من إحدى الغارات الإسرائيلية في قطاع غزة، روت أنها لم تجد العلاج المطلوب لها في غزة، فتم نقلها إلى مصر، شأنها شأن عدد آخر من الحالات. تحدثت الطفلة صاحبة العشرة أعوام، عن اللحظة المؤلمة وقت القصف الإسرائيلي، وبدأت بالتوضيح أنهم كانوا قد انتقلوا ليلا إلى إحدى مدارس وكالة الأونروا، وعادوا صباحا للمنزل. وبينما كانت والدتها تهم بوضع "المصلية" لأداء الصلاة، باغتهم قصف إسرائيلي عنيف ما أحدث أضرارا في المنزل الواقع في مخيم جباليا، وباتت جثث الشهداء ملقاة في الشارع. بجانب جوري على سريرها توجد "عروسة لعبة"، اختارت أن تسميها "ريم"، وهو اسم خالتها التي تحبها كثيرا، وقد كانت رفقتهم في النزوح إلى مخيم النصيرات. بأسى شديد، تتحدث جوري عن صديقتها في المدرسة التي تعرض منزلها للقصف، لكنها بخير إلا أن عددا من أبناء عمومتها استشهدوا جراء القصف الإسرائيلي. قبل 11 شهرا، عرفت جوري أنها عدوها ليست فقط إسرائيل، وأن هناك عدوا آخر يستهدفها وهو مرض السرطان، حيث تواجد ورم في منطقة الحلق، كانت تشعر بها بوضوح، وكان التشخيص الأولّي أن هناك عملية يتوجب عليها أن تُجريها، وهو ما جرى بالفعل. خاطبت الطبيبة، جدة "جوري" وأخبرتها بهذا النبأ المؤلم، فانهمرت في البكاء، لكن الطفلة لم تكن تعي شيئا مما يحدث، بينما كانت جدتها تواصل البكاء دون أن تخبرها بشيء عما حدث. لكن في نهاية المطاف، عرفت «جوري» بإصابتها بالسرطان، وأنها ستحصل على علاج بالكيماوي ، وتحدثت عن هذا العلاج الصعب قائلة: «إذا أخذنا جرعة ثقيلة فإنها تُسقط الشعر وتؤدي لتقرحات في الفم وترفع درجة الحرارة». اختارت جوري، أن المأساة التي خلّفها الاحتلال في غزة أشد ألما عليها من إصابتها بالسرطان. صحيحٌ أن الاحتلال فشل في اغتيال براءة جوري كما فعل مع أكثر من أربعة آلاف طفل فلسطيني، لكنّه لم يترك صندوق ألعابها. لم تستطع جوري الحديث عن ذلك وغلبها بكاؤها، وكان صمتها دالا على ما فعله الاحتلال بها. كان المشهد مؤلما على مقدم البرنامج، الذي حاول التخفيف عن الطفلة الفلسطينية، بأن أخبرها بتقديم بعض الألعاب لها في محاولة لتعويض ما سرقه الاحتلال منها. ثم قدّم فايق صندوق الألعاب الجديدة ل«ابنة غزة»، فعادت الضحكة إليها. سئلت جوري عن شعورها بما يحدث في غزة الآن، فقالت إن المشهد الذي لن تنساه قط هو مشهد الأشلاء التي شاهدتها منتشرة في مناطق عدة، وبالتحديد في المنطقة التي تقطنها. تغزلت الطفلة الفلسطينية في مصر ووصفتها ب«الحلوة كتير لدرجة لم تتوقعها»، وقالت إن كل ما في مصر «جميل». وجهت طفلة غزة وعلامة براءتها، رسالة يملؤها العزم ممزوجا بالألم: «ادعو للفلسطينيين ربنا ينصرهم.. ادعولنا ربنا يشفينا».