سوق سوداء لبعض المنتجات المحلية بعد زيادة الطلب عليها.. تباع بأعلى من سعرها 3 جنيهات محمود: يجب خلق منتجات محلية بجودة وتكلفة جيدة للمستهلك المصرى جنينة: تأثيرها «سياسى».. وقتل الأبرياء أهم من الالتفات للضرر الاقتصادى تباينت مواقف عدد من الخبراء والمحللين الاقتصاديين حول تأثيرات حملات مقاطعة الشركات والمنتجات العالمية، خاصة الداعمة لكيان الاحتلال الإسرائيلى فى ظل عدوانه المستمر على قطاع غزة، فعلى الرغم من التخوفات من تأثير هذه الحملات السلبى على الاقتصاد المصرى والشركات فإنها تعد مبادرات لتشجيع المنتجات المحلية قد تدفع الشركات الوطنية لتحسين جودة منتجاتها، أملا فى استمرار زيادة الطلب عليها وارتفاع مبيعاتها، وهو ما سيكون له بعض الآثار الإيجابية على الاقتصاد المحلى. فيما يرى البعض الذين تحدثت معهم «الشروق»، أن هذه الحملات تضر بالشركات المحلية التى تحصل على حق الامتياز من الشركات الأم «فرانشايز» وبالتالى على الاقتصاد الوطنى، بينما لا تؤثر على الشركات الأم التى تدعم الكيان الصهيونى. ومنذ اندلاع العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة فى 7 أكتوبر، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعى، دعوات لمقاطعة الشركات العالمية باعتبارها تدعم إسرائيل، فى حربها على قطاع غزة، واستبدالها بمنتجات مصرية، واشتعلت المواقع بحملات لدعم المنتجات المحلية ما تسبب فى انتعاش الطلب على بعض المنتجات. قال مصطفى شفيع، رئيس قسم البحوث بشركة عربية أون لاين لتداول الأوراق المالية، إن دعوات المقاطعة عملة ذات وجهين، إذ لها تأثير إيجابى يتمثل فى الابتعاد عن المنتجات والماركات العالمية، والاستعاضة عنها بمنتجات محلية مثل ما يحدث حاليا فى المنتجات الغذائية فى مصانع الألبان والجبن والمياه الغازية، وبالتالى الاعتماد على البرندات المحلية بدلا من العالمية. وأضاف شفيع، أن ذلك يرفع الطلب على الشركات المحلية، وهو ما سيقابله ارتفاع كبير فى المبيعات، وزيادة فى أحجام الإنتاج وانتعاش الإيرادات، ومن ثم تحقيق صافى أرباح جيدة، ولكننا لا نستطيع الجزم بأن نسبة كبيرة من الشعب سوف تنتهج فكر المقاطعة، مضيفا أن الجميع مقتنع بأن ما يحدث فى فلسطين عدوان، وأن الاحتلال الإسرائيلى معتد وغاشم، ولكن ليس الجميع مجمعا على المقاطعة، بحسب قوله. وأوضح أن هناك جانبا سلبيا للمقاطعة وهو جانب اقتصادى بحت يتمثل فى التأثير السلبى على الشركات المحلية التى تحصل على حق الامتياز من الشركات الأم «فرانشايز»، بالتالى تضر المقاطعة بالعاملين فى هذه الشركات وأسرهم، وهو ما يؤثر على معدلات البطالة، إذ من الممكن إذا استمرت المقاطعة لفترة طويلة أن تؤدى إلى ارتفاع معدلات البطالة، مضيفا أن هذه الشركات تقوم على طلب المستهلكين، ومن ثم انخفاض الطلب على منتجاتها، سيؤثر على الموظفين فى هذه الفروع. ويرى محمد محمود، الباحث الاقتصادى، ضرورة التفريق بين الشركات والمصانع المحلية التى تأخذ حق الامتياز، وبين المقاطعة الاقتصادية لكل ما هو إسرائيلى، مضيفا أن هناك مؤسسات وطنية تستخدم علامات تجارية عالمية تتبع نظام «حق الامتياز» والذى يقوم من خلاله رجال أعمال وطنيون بشراء اسم العلامة «محليًا» مع حصول الشركة الأم على عمولة، موضحا أن رأس المال المشروعات وطنى، وتشغل عمالة وطنية كما يتم دفع الضرائب والرسوم للدولة، «صحيح أن هناك ارتباطا بالشركة الأم ولكنه يظل مقصورا على إجراءات التشغيل وتحصيل العمولة المستحقة، وبالتالى فضرر المقاطعة هنا مؤثر على الاقتصاد الوطنى بشكل كبير والذى سيتضرر هو رجل الأعمال والعمالة المصرية». وأضاف أنه يجب خلق منتجات محلية بجودة وتكلفة جيدة للمستهلك المصرى، وهو ما يساعد على قرار الاستغناء عن المنتجات الأجنبية وتحقيق تنمية اقتصادية حقيقية، وأن يكون الدافع للمقاطعة دافعا اقتصاديا وطنيا حقيقيا ناتجا عن ثقافة دعم المنتج المصرى، موضحا أن المستهلك حاليا يحركه سلوك عاطفى تجاه ما يحدث فى فلسطين لكن هل سيستمر هذا الاتجاه خلال السنوات القادمة؟ «أعتقد أنه لن يستمر، لأن هذا مجرد شعور وقتى سيزول، حيث دائما ما تحدث مقاطعات وتختفى»، لكنه يرى أنها فرصة جيدة من الممكن أن تستفيد منها الشركات المحلية، إذا استغلتها جيدا لتقوية المنتجات المحلية بما لا يضر بالاستثمارات الأجنبية. وتابع أن تشجيع المنتجات المحلية يعنى خلق فرص تنافسية للصناعات الوطنية وزيادة الاستثمارات، كما أن الاعتماد على المنتجات المحلية بدلا من المستوردة يساهم فى تقليل الفجوة الاستيرادية وزيادة النمو، وتوفير فرص عمل وزيادة فرص التصدير وتوفير الدولار، بالإضافة إلى إمكانية تشجيع وجود بديل لمستلزمات الإنتاج اللازمة لتطوير الصناعة الوطنية. وفى المقابل يرى هانى جنينة، كبير الاقتصاديين ومحللى استراتيجيات الاستثمار بمجموعة كايرو كابيتال للاستثمارات المالية، أن المقاطعة حتى لو كان لها تأثير اقتصادى سلبى على بعض الشركات العاملة فى مصر والعمالة بها، لكن يوجد العديد من البدائل الأخرى، كما يمكن للموردين لهذه الشركات الاتجاه إلى التوريد للشركات المحلية الأخرى. وأوضح جنينة، أن المقاطعة تأثيرها الأساسى سياسى وليس اقتصاديا، «صحيح أن لها بعض الآثار الاقتصادية السيئة فى الأمد القصير، ولكن التأثير السياسى لها مهم جدا لأنه يعطى رسالة للعالم أن شعب هذه الدولة رافض لهذه السياسات وانحيازات الدول الأوروبية وأمريكا للكيان المحتل»، مضيفا: «هل الأولى حاليا التفكير فى الضرر الاقتصادى أم قتل الأبرياء؟». ومع اتجاه المستهلكين للإقبال على البدائل المحلية ظهرت بها سوق سوداء، حيث استغل التجار المقاطعة، ويبيعون بعض المنتجات بأغلى من سعرها، ومنها مشروب «سبيرو سباتس» وv7، وهى مشروبات غازية لاقت رواجا، مع دعوات المقاطعة لمنتجات أخرى مشهورة مثل بيبسى وكوكاكولا. وقال حازم المنوفى، رئيس شعبة المواد الغذائية بغرفة المواد الغذائية بالإسكندرية، إن المقاطعة أثرت فى حجم الطلب على منتجات لحساب منتجات أخرى، حيث تراجع الطلب على المنتجات والبراندات العالمية بما يتراوح بين 20 و30%، فيما استفادت سلع أخرى محلية الصنع لم يكن عليها طلب من قبل، موضحا أن أكثر السلع التى استفادت من المقاطعة هى العصائر مثل «البست»، والمياه الغازية مثل ال RC وسبيرو سباتس. وأرجع أسباب ارتفاع أسعار السلع عن سعرها الطبيعى، إلى أن هذه الشركات لم تكن لديها الاستعدادات الكافية لمواكبة لهذا الحجم الكبير من الطلب مع محدودية المعروض، وهو ما أدى إلى اختلاف السعر من مكان لآخر، قائلا إن الأفضل لهذه الشركات أن تضع السعر على العبوة للتأكد من أن المنتج سيصل للمستهلك بسعره الحقيقى. وقال حسن عاصى، أحد تجار الجملة فى البحيرة، أن هناك طلبا كبيرا على منتج سبيرو سباتس من قبل التجار والمستهلكين وهو ما أدى إلى زيادة الضغط على المصنع، موضحا أن سيارات التجار تنتظر أمام المصنع بما يصل ل 3 أيام للحصول على الطلبيات ولا تحصل على احتياجاتها كاملة. وأضاف أن المندوب يأخذ حصته من المصنع ويعطيها لتجار الجملة الكبار، بدلا من توزيعها على المحافظات، ثم يقوم هؤلاء التجار ببيعها بسعر أعلى لتجار التجزئة، قائلا نضطر للحصول على المنتج من السوق السوداء بسعر مرتفع لتغطية الطلب، وبالتالى تباع للمستهلك ب10 جنيهات، فى حين أن سعرها من المصنع 7 جنيهات. واحتلت مشروبات سبيرو سباتس المصرية المقدمة فى بحث الكثير من المواطنين، استجابة لدعوات المقاطعة باستبدال منتجات بيبسى وكوكاكولا بمنتجات أخرى مصرية وعربية، وارتفعت مبيعاتها بنحو 300% بحد أدنى تقريبا منذ بداية الاتجاه للمنتج، وهو ما دفع الشركة إلى العمل 24 ساعة وطوال الوقت، لتلبية احتياجات السوق. وأعلنت الشركة عبر صفحتها الرسمية على «فيس بوك»، عن توسيع نطاق توزيع منتجاتها لتشمل معظم محافظات الجمهورية وقد أدى ذلك لاحتياجها لمزيد من العاملين، مما دفعها للإعلان عن يوم مفتوح للتوظيف بالشركة.