أثار هجوم السابع من أكتوبر والذي شنته حركة المقاومة الفلسطينية حماس على قوات الاحتلال الإسرائيلي، موجة من "الهجرة العكسية" لمستوطنين إسرائيليين إلى دول أوروبا والولاياتالمتحدةالأمريكية. ونشرت صحيفة haaretz تقريرا بعنوان "محاربة حماس أو الهروب: الإسرائيليون يفرون من البلاد خلال الحرب"، عن رغبة الكثير من الإسرائيليين للخروج بسبب خوفهم من تطور الأحداث. وذكرت الصحفية أنه "إلى جانب آلاف الإسرائيليين الذين عادوا إلى إسرائيل عندما اندلعت الحرب، يتجه كثيرون على الجانب الآخر إلى الخارج بينما تواجه البلاد واحدة من أصعب الأوقات، معظمهم لديهم أطفال صغار، والأغلبية تستطيع حجز التذاكر دون الحاجة للقلق بشأن ارتفاع أسعارها". ونقلت على لسان أحد الفارين: "لقد هربنا إلى قبرص مباشرة بعد انطلاق صفارة الإنذار الأولى يوم السبت، نحن عائلة مكونة من أبوين وأربعة أطفال، أخبرني حدسي أن هذه لم تكن مجرد جولة أخرى، وأن أعصابي كانت متوترة لمدة 10 أشهر بسبب هذا البلد الذي جن جنونه علينا، اشترينا التذاكر في الساعة 10 صباحًا، وبحلول الساعة 5 كنا في بافوس. والآن نحن هنا نحاول تهدئة أنفسنا". وأفادت الصحيفة بأن القاسم المشترك بين العديد من الإسرائيليين الذين أجرت معهم المقابلات في الأيام الأخيرة، وسافر بعضهم بالفعل، أو يخططون للسفر إلى الخارج، هو أنهم جميعاً لديهم أطفال صغار، وأحياناً رضع. ولم يقل أي منهم إنهم يشعرون بالخجل من هذه الخطوة. وقال أحد الإسرائيليين الذين قرروا المغادرة: "عندما قررت الرحيل، ألهمني في ذلك صديق رحل بالفعل، ثم اكتشفت أن لدي أربعة أو خمسة أصدقاء آخرين غادروا". ولفتت الصحيفة أن معظم المغادرين سافروا إلى أثينا أو قبرص، وهناك جروب على منصة فيسبوك لمساعدة الفارين من إسرائيل، وذكر مدير المجموعة لهآرتس، أنه 200 إسرائيلي ينضم إلى المجموعة يوميا. وفي تقرير آخر لموقع "ميدل إيست مونيتور"، نشر في أكتوبر الجاري، أفاد بأن "دائرة الهجرة البرتغالية أعلنت أن 21 ألف إسرائيلي تقدموا بطلبات للحصول على جنسيتها منذ بداية العام، ليحتلوا المرتبة الأولى بين الجنسيات الأخرى، لقد أصبحت مكاتب الهجرة مقصداً لآلاف الإسرائيليين، وقد حدثت زيادة بنسبة 10% في عدد الاستفسارات الجديدة المتعلقة بالجنسيات البرتغالية والألمانية والبولندية منذ تشكيل الحكومة الحالية". منذ نوفمبر 2022، بعد الانتخابات الإسرائيلية، حدثت زيادة كبيرة في عدد الطلبات المقدمة للحصول على جنسية دول الاتحاد الأوروبي، وفي الأشهر الأخيرة، كانت هناك زيادة بنسبة 10% في الطلبات الإسرائيلية الجديدة للحصول على الجنسية الألمانية، والأمر نفسه بالنسبة للحصول على الجنسية البرتغالية، كما كشفت السفارة الفرنسية في تل أبيب أن هناك ارتفاعا مماثلا في عدد طلبات الحصول على الجنسية الفرنسية". وأشار التقرير ذاته إلى أن مكتب الاتحاد الأوروبي في تل أبيب أقر بحدوث زيادة في أعداد الراغبين الجدد في الحصول على جنسيات دوله، فيما رفضت سفارة الولاياتالمتحدة الإجابة على سؤال حول ما إذا كان هناك تغيير في أعداد الراغبين في الحصول على الجنسية، طلبات الحصول على جنسيتها. وبالنظر إلى التوترات التي شهدتها إسرائيل مؤخراً، أصبح القلق الرئيسي الذي يقلق آلاف الإسرائيليين هو بحثهم عن اسم الدولة التي سيحصلون على جواز سفرها، لقد انشغلوا بأسئلة مثل: ما هي الدول التي ستمنحهم جوازات السفر دون تعقيدات، وما هي التكلفة، وما هي الدول التي خففت شروط منح جوازات سفرهم؟ ويربط بعض الإسرائيليين هذه الظاهرة بالتشريعات القضائية الجاري تنفيذها، يعتقد البعض الآخر أن السبب هو ارتفاع تكاليف المعيشة في إسرائيل، ومن بين الذين رصدوا هذه الظاهرة سفارات فرنسا وهولندا ورومانيا والبرتغال وإسبانيا وألمانيا وإيطاليا، التي أعلنت عن زيادة خلال عام 2023 في طلبات الحصول على جوازات سفرها. بالتزامن مع الظاهرة الجديدة المتمثلة في حصول الإسرائيليين على جوازات سفر أجنبية، تسعى حركة يهودية تسمى "مغادرة البلاد – معاً" إلى جذب 10 آلاف إسرائيلي لمغادرة إسرائيل، على خلفية الانقلاب القانوني الذي يجريه نتنياهو، وقرر يانيف غورليك، أحد الناشطين في المظاهرات ضد نتنياهو والناشط في المؤتمر الصهيوني، مردخاي كاهانا، رجل الأعمال الإسرائيلي الأمريكي، مساعدة الإسرائيليين على المغادرة إلى أمريكا. وترى الحركة أن الوقت قد حان لتقديم بديل للحركة الصهيونية في حال استمرار تدهور الأوضاع في إسرائيل، لأن نتائج الانتخابات الأخيرة وتصرفات الحكومة الحالية قد تدمر إسرائيل. وبلغ إجمالي عدد الإسرائيليين الذين هاجروا إلى دول أخرى ويقيمون حاليا في الخارج 756 ألفا نهاية عام 2020. وقالت دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية إن ما بين 572-612 ألف إسرائيلي يعيشون خارج البلاد، وهذا التقدير لا يشمل العدد من المولودين في الخارج. وقد أدى ذلك مرة أخرى إلى إحياء المخاوف الإسرائيلية من انخفاض أعدادهم. ومجموعة "دعونا نترك البلاد معاً" ظهرت منذ عام 2022، ونظمت احتجاجات مختلفة ضد نتنياهو، خوفاً من ممارسته سياسات دينية متشددة.