- تدشين التحالف الديمقراطي السوري في برلين لإعادة الزخم للقضية السورية أعلنت عدة قوى سياسية سورية معارضة في العاصمة الألمانية برلين، السبت، تدشين تحالف سياسي جديد تحت اسم " التحالف السوري الديمقراطي السوري"، لإعادة الزخم نحو القضية السورية وطرحها على طاولة المجتمع الدولي بعد 12 عاما من الثورة السورية ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد. وجرت فعاليات اللقاء السوري الديمقراطي، على مدار يومين بحضور عشرات من السياسيين ومنظمات المجتمع المدني السوري من المغتربين في أوروبا، وسياسيين وخبراء ألمان؛ من أجل بناء كيانٍ سياسي تحالفي، يضمّ مجموعة من الكيانات السياسية والمدنيّة والشخصيات المستقلّة. وشهدت الجلسة الأولى من الفعاليات، مناقشة موسعة حول السياسة الأوروبية تجاه القضية السورية في ظل التطبيع الإقليمي مع النظام وتغيّر الاصطفافات السياسية عالميًا، فضلا عن العلاقة بين الحرب الروسية على أوكرانيا والقضية السورية. وأدار الجلسة، توماس فيربر، بحضور الصحفية الألمانية كريستين هيلبيرغ، الخبيرة الألمانية في الشأن السوري، الدكتور نيلس شميت عضو البرلمان عن الحزب الديمقراطي الاجتماعي SPD، الدبلوماسي الألماني أندرياس راينيكه، آخر سفير ألماني في سوريا (2008–2012). آخر سفير ألماني في سوريا يوضح سر فشل الثورة السورية: المعارضة لم تقدم بديلا للأسد قال الدبلوماسي الألماني أندرياس راينيكه، آخر سفير ألماني في سوريا (2008–2012)، إنه قبل اندلاع الثورة السورية كان هناك شعورا لدينا أن رئيس الدولة بشار الأسد وحرمه أسماء الأسد لديهم برغبة في تحقيق تقدم ديمقراطي في سوريا. وأضاف راينيكه، في كلمته باللقاء السوري بالعاصمة الألمانية ببرلين، أن الوضع في سوريا انقلب رأسا على عقب، بعد الخطاب الأول لبشار الأسد أمام البرلمان السوري عن التظاهرات، إذ كان تقديره السياسي عن الحراك الشعبي خاطئا. ورأي الدبلوماسي الألماني، أنه كان يجب على القيادات السورية الثورية ربما محاولة إقناع الأسد بتغيير الوضع دون إشعاره بأن يتم إسقاطه، في الوقت نفسه، "كان من الصعب علينا كسفراء غربيين أن نطرح هذا الأمر حتى لا يفهم على أنه تدخل خارجي"، يقول راينيكه. وأضاف أنه كانت هناك مظاهرات سلمية عارمة في مدن مثل حمص ودرعا لكن تم قمعها بالعنف واستخدام القناصة، حينها رأت لجأت بعض الحركات الثورية السورية إلى الخيار المسلح، وطلبوا تسليمهم أسلحة لمواجهة الأسد". وتابع أن السياسة الألمانية ترفض تقديم السلاح لأي جهة غير رسمية، "عندما رفضنا، قالوا لنا إذا سنحصل على السلاح من جهة أخرى، وهنا بدأ المشكلة الأكبر". وأشار إلى أنه التقى نشطاء وقيادات معارضة إبان الثورة ووجد أنها لم تقترح بديلا للأسد أو شخصية قيادية توحد القوى الثورية. وواصل أن الخطوة الفارقة في الثورة أيضا كانت في الموقف الأمريكي وتحذير الرئيس الأمريكي باراك أوباما من أن استخدام نظام الأسد لسلاح الغاز بمثابة خط أحمر، وهو ما قوبل بعناد من بشار الأسد وتدخلت بعض الدول عسكريا مثل فرنسا. وحول الموقف الألماني في ذلك الحين، قال: "ألمانيا دائما ما تتردد في التدخل العسكري ونميل إلى عدم التدخل العسكري في تلك قضايا". في نهاية المطاف وبعد 12 عاما من الثورة، بقي الأسد على كرسي الرئاسة، ولم يتغير ما طالب به الثوار، يقول السفير الألماني السابق الذي طالب بالنظر إلى أرض الواقع الآن وإيجاد طريقة للتعامل معه. ولفت إلى أن ألمانيا يجب أن تدعم القوى الديمقراطية لكن يبقى السؤال هو كيفية تقديم هذا الدعم، مستطردا: "لا نستطيع أن نرسل الجيش الألماني لنضع هياكل الديمقراطية هناك، لكن يجب أن تكون هناك توعية للسوريين بطريقة الانتقال السلمي والوصول إلى الحكم الديمقراطي". وانتهى، "المطالبات برحيل الأسد نستطيع أن تفهمها، لكن كيف يتحقق ذلك بطريقة عملية؟". كريستين هيلبيرغ: يجب إبعاد سوريا عن الصراع الدائر بين الإسرائيليين والفلسطينيين فيما أبدت كريستين هيلبيرغ، الخبيرة الألمانية في الشأن السوري، اهتمامها بالدعوة لعقد اللقاء السوري الديمقراطي الآن، متسائلة عن جدوى تأسيس كيان سوري جديد ينضم إلى الكيانات السورية الكثيرة التي تأسست في المهجر. وقالت هيلبيرغ، في كلمتها بالجلسة: "من الرائع أن تجتمع الأطراف من خليفات سياسية مختلفة لتبادل الآراء والحوار للبحث عن حلول عملية للأزمة"، مؤكدة أن الحلول يجب أن تكون من داخل سوريا وخارجها، وألمانيا الحكومة الألمانية تلعب دورا مهما وإيحابيا في دعم السوريين في المهجر، وأنها أكبر الجهات المانحة لسوريا بأكثر من مليار يورو. لكنها انتقدت إجبار الحكومة الألمانية للسوريين على الذهاب لاستخراج الوثائق الرسمية من السفارة السورية، وقالت: "على الرغم من مضي السنوات لم يتغير هذا النهج"، مطالبة بتشريع جديد لمعالجة هذه المشكلة والتعامل بصرامة مع النظام السوري. ورأت أن هناك بوادر إيجابية قد تساعد على تغيير الوضع المتأزم حاليا، مشيرة إلى الشمال السوري وتحركات المجتمع المدني هناك يمكن أن يساهم في معالجة الأزمة من جذوروها، ولفتت إلى أن النقاش يدور في ألمانيا على قدم وساق من أجل تقليل لجوء السوريين إلى ألمانيا، ومعالجة جذور الأزمة على أرض سوريا. وأكدت على ضرورة غلق الفجوة بين الأكراد والعرب، وهي الفجوة الأكبر الآن التي يستغلها الرئيس التركي أردوغان على سبيل المثال في تأجيج الصراع هناك. وأشارت إلى المزيد من تطبيع العلاقات بين نظام الأسد والعديد من الحكومات العربية، مشيرة إلى أن السياسيين الألمان يجب عليهم التعامل مع هذا الموقف والقبول بالأمر الواقع. وسلطت هيلبيرغ، الضوء على المخاوف التي أفرزها الصراع الدائر الآن في غزة بين الإسرائيليين والفلسطينيين، من فتح جبهة حرب جديدة من سورياولبنان. وأوضحت أن هناك مخاوف جدية من فتح جبهة حرب جديدة ضد إسرائيل من ناحية لبنان أو هضبة الجولان السورية المليئة بالمليشيات الموالية لإيران العدو اللدود لإسرائيل. وأعربت عن خشيتها من أن حيث اساءة استغلال على يد إيران مثلما ما حدث في لبنان، وأن يتم شن هجمات على إسرائيل من سوريا ردا على القصف الإسرائيلي المتواصل على سوريا خلال الأعوام الماضي. وقالت إن الأسد لم يعد له دور في منطقة الجولان، وأن إيران هي اللاعب الأساسي هناك وتريد أن تستغل ذلك لخدمة مصالحها لمهاجمة إسرائيل واستغلال ما حدث في غزة. وأضافت أن ذلك يمكن أن يفاقم الصراع في غزة وتمدده إقليميا، إذ قد تتدخل الولاياتالمتحدة كحليف لإسرائيل في الصراع ضد الميليشات الإيرانية في سوريا وحزب الله في لبنان، لكن قالت في الوقت نفسه إنه "من غير المرجح أن يحدث ذلك حاليا". لكنها توقعت أيضا أن يبقى الصراع في غزة منحصرا داخل الحدود هناك، متسائلة في الوقت نفسه، عن كيفية إبعاد سوريا عن الأزمة الإسرائيلية- الفلسطينية. فيما قال الدكتور نيلس شميت عضو البرلمان عن الحزب الديمقراطي الاجتماعيSPD، الرئيس في لجنة العلاقات الخارجية، إن الأزمة السورية لم تعد في واجهة الأزمات العالمية، مؤكداً على أهمية عقد هذا اللقاء السوري الديمقراطي. وأشار إلى أنه لا يوجد لديه أدنى فكرة عن ما يمكن تقديمه من قبل الاتحاد الأوروبي، وأنه لن يتردد في تقديمه حالما يتم تحديد الأمر. لكنه شدد على عدم وجود أي نية في التدخل العسكري للاتحاد الأوروبي، أو حل النزاع بشكل عسكري. ولهذا تم التوجه للحل السياسي، وذلك بدعم المعارضة في المهجر، والاستمرار في الدعم الانساني في سوريا، وجمع الأدلة الثبوتية لمحاسبة الجناة. وقال شميت إن الدور الألماني في سوريا توقف بشكل أساسي عند استقبال اللاجئين، موضحاً أن إسهام ألمانيا يقوم على دعم العملية الديمقراطية وما يمكن فعله الآن، هو مواصلة توحيد الصفوف في سوريا. وأكد شميت أن الحل يجب أن يكون من الداخل، مبني على قاعدة من المصالحة السورية- السورية. دانيال جيرلاش: المجتمع الدولي ليس لديه خارطة طريق لحل الأزمة السورية قال دانيال جيرلاش، الخبير الألماني البارز في شؤون الشرق الأوسط، إن المجتمع السوري هو الطرف الأكثر أهمية في هذه الأزمة التي تدور منذ 12 عاما بعد الثورة السورية عام 2011. وأضاف جيرلاش: "الشعب السوري لا ذنب له في هذه الأزمة، والمجتمع الدولي كان ينظر إليه كطرف ثانوي في الأزمة"، مؤكدا أن القوى العسكرية المسيطرة الآن في سوريا ستزول في وقت ما فيما سيبقى المجتمع المدني. وأكد على ضرورة أن يتعامل المجتمع الدولي مع المجتمع السوري ككل بتعدادته وأطيافه المتعددة، في الوقت نفسه، "يتعين علينا أن نجد أرضية مشتركة وموحدة ونصل إلى وفاق جمعي وجماعي يمكن للسوريين أن يقبلوا ويتعايشوا معه لدفع المجتمع الدولي لتبني قضية المجتمع السوري". "يتعين عليكم أن تجدوا حوار جامع وتعددي بين السوريين في الداخل والخارج"، يدعو جيرلاش إلى وحدة الخطاب السوري. وأشار إلى أن الأوروبيين مفترقون حول القضية السورية، بعض الدول الأوروبية بدأت تنظر إلى أنها أخطأت في قطع علاقاتها مع نظام الأسد.. والآخر لا يهتم ويفضل بقاء الوضع كما هو عليه، حتى المجتمع الدولي أيضا مفترق حول القضية السورية". "الجميع ليس لديه خارطة طريق لحل الأزمة السورية.. ولا يمكن للمجتمع الدولي أن يُملي على دولة ما أن تتخذ موقفا معينا، لكنه يقدم المشورة والنصيحة"، يضيف الخبير الألماني. ودعا جيرلاش المجتمع المدني السوري إلى الوحدة والعمل على إقناع المجتمع الدولي بالطريقة الصحيحة للتعاطي مع الأزمة المستعصية منذ 12 عاما. وأشار إلى بشار الأسد لا يزال يتمتع بالحضور على الساحة واستضافته الدول العربية واحتفت به، لهذا يجب النظر بواقعية في التعاطي مع الأزمة أيضا. وفي ختام اللقاء، أعلن مروان خوري، رئيس التحالف السوري الديمقراطي، أنه من المقرر أن تعقد الأمانة العامة المنتخبة اجتماعها للإعلان عن برنامجها، مؤكدا في الوقت نفسه: "خطوتنا المقبلة التواصل مع الأطياف السورية المختلفة وعقد لقاءات مع أكبر عدد من القوى السورية التي تؤمن بالديمقراطية". وأضاف أنه سيتم التركيز على حشد المجتمع الدولي من جديد نحو مطالب السوريين، وتنفيذ القرارات الدولية الصادرة بشأن الأزمة السورية.