تشهد الأوضاع الإنسانية والصحية في قطاع غزة، المحاصر بصواريخ وقذائف قوات الاحتلال الإسرائيلي، تدهوراً غير مسبوق، بسبب انقطاع الكهرباء والماء ونفاذ الطاقة ومنع إسرائيل وصول هذه الخدمات إلى أهالي القطاع. وتحاول وكالات الأنباء والمراسلين نقل صورة حية مما يحدث داخل المستشفيات من تردي متزايد يتزامن مع تزايد الجرحى والشهداء جراء القصف المستمر. مستشفى دار الشفاء على شفا الإنهيار وتمكن طاقم تصوير NBC News من الوصول إلى مستشفى دار الشفاء في غزة، وهو مرفق مكتظ بطوفان الجرحى لدرجة أن العاملين في المجال الطبي يعالجون الكثيرين على الأرض، ونظرًا لحجم المرضى، تم استبدال ملاءات الأسرة بالنقالات، والمستشفى على شفا الانهيار. ومن يشاهد المستشفى سوف يجد أطفالًا صغارًا بأطرافهم ملطخة بالدماء وممرات تصطف على جانبيها أفراد عائلات قلقون ينتظرون تحديثات بشأن أحبائهم، ونقلت مراسلة NBC News أنه "تجلس إحدى النساء على الأرض، تبكي ووجهها بين يديها، وساقاها مغطاة بملاءات ملطخة بالدماء وقدميها مغطاة بالحطام". ونقلت الشبكة عدد من المشاهد الحية للأوضاع، وذكرت "هناك فتاة مصابة تصرخ من الألم بينما يرفعها خمسة رجال من أرضية المستشفى باستخدام ملاءات ملطخة بالدماء، وصبي صغير يحمل مضخة أكسجين مغطاة بالغبار يرقد بلا حول ولا قوة، ويركز على أنفاسه، ويتم نقل طفل رضيع ملفوف رأسه بضمادة مبللة بالدم على نقالة، ويتلقى الأكسجين الذي يتم ضخه يدويًا عبر أنبوب". وسرد التقرير قصة رجل شاهده طاقم الشبكة يقف بجوار المصاعد، وهو حكمت محمد التوم، مواطن فلسطيني، يقف منتظراً معرفة مصير فتاة صغيرة، وقال، وعيناه تملؤها الدموع بينما ترددت أصداء الصراخ في المستشفى، إنه كان من بين مجموعة من ثلاث قوافل تعرضت لضربات جوية إسرائيلية يوم الجمعة بينما كانت تقل أشخاصا تم إجلاؤهم باتجاه جنوب وادي غزة. وقال: "في الطريق من غزة إلى الجنوب، هاجمونا بالقنابل، وتوفت والدتي"، وقُتل ما يصل إلى 70 شخصًا - العديد من النساء والأطفال – في هذه الغارات، وأصيب أكثر من 200 آخرين، وفقًا لبيان صادر عن كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس. وصرح الدكتور محمد زيارة، جراح بالغ من العمر 37 عاماً، لشبكة إن بي سي نيوز في رسالة من المستشفى: "إن المشهد هنا فوضى عارمة، عشرات الآلاف من الأشخاص ما زالوا يتوافدون، والمستشفى مكتظًا للغاية لدرجة أنه لا يوجد مكان لترك قدم واحدة". مستشفى ناصر.. الوضع ليس أفضل انتقل مراسلو الشبكة إلى مستشفى ناصر، ثاني أكبر مستشفى في مدينة غزة، وقال الدكتور محمد قنديل لطاقم تصوير الشبكة إن الموظفين أقاموا "خيامًا" في الخارج لاستيعاب تدفق المرضى وفرزهم. وقال قنديل، 35 عاماً، الذي يشغل منصب رئيس قسم داخل المستشفى: "سنقرر خلال الساعات القليلة المقبلة ما إذا كانت هذه الخيام مخصصة للمرضى في حالة حرجة، أو للمرضى بعد العملية الجراحية". وأضاف أن الإمدادات الطبية غير متوفرة وأن وحدة العناية المركزة المكتظة تجبر الأطباء على اختيار المرضى الذين يستحقون جهاز التنفس الصناعي. وقال قنديل: "إن هذا بمثابة أزمة إنسانية"، مضيفاً: " معظم أسرة وحدة العناية المركزة يشغلها الآن أطفال تقل أعمارهم عن 10 سنوات". وتابع قنديل أن الفقدان المتوقع للوقود والوصول إلى الإنترنت لن يؤدي إلا إلى تفاقم التحدي المتمثل في علاج جرحى غزة. وأضاف: "حتى في الساعات القليلة المقبلة قد نفقد آخر مخزون من الوقود، لذلك سيغلق المستشفى بالكامل. وبعد ذلك، حتى اتصال الواي فاي، وهو ضعيف جدًا، سنفقده، وسوف ننقطع تمامًا عن العالم". دعت إسرائيل يوم الجمعة المدنيين في شمال غزة - وهي المنطقة التي تضم 1.1 مليون شخص، أي ما يعادل نصف سكان القطاع - إلى الإخلاء والذهاب جنوبًا. وفي بيان لها، دعت منظمة الصحة العالمية إسرائيل إلى إلغاء أمر الإخلاء، نظرا لأنه يزيد من المخاطر الصحية التي لا تعد ولا تحصى ويعرض المرضى الضعفاء في المستشفيات للخطر.