ظل الساتر الترابي بمثابة كابوس جاثم على الضفة الشرقية للقناة، حاميا خلفه جنود العدو الإسرائيلي الذين ظنوا أن ذلك الجدار العالي يحميهم من بأس المصريين، ولكن ذلك الجدار الذي قالوا عنه لا يهدمه سوى القنابل الذرية استطاع المصريون اخضاعه بخراطيم المياه بفكرة فذة أتى بها اللواء مهندس باقي زكي يوسف، لتظل شاهدا على دهاء وحنكة الجيش المصري. وتسرد جريدة "الشروق" حكاية العبقرية المصرية في قهر الساتر الترابي المنيع بخراطيم المياه، وفقا لحديث اللواء مهندس باقي زكي يوسف في أحد الأفلام التسجيلية عنه بالشئون المعنوية للقوات المسلحة المصرية. الساتر المنيع ويصف اللواء باقي الساتر الترابي بأنه بارتفاع 7 طوابق وبعمق 12 مترا تعادل 4 طوابق، ويمتد من بورسعيد للسويس، ويحتاج الجنود المصريون إلى عمل 80 ثغرة بالساتر لإدخال الدبابات للضفة الشرقية للقناة. ويضيف اللواء باقي أن الساتر الترابي مرجح أن يكون مليئ بالألغام والأسلاك الشائكة، بينما يخفي وراؤه القلاع الحصينة لخط بارليف والمدعمة بمصاطب الدبابات. • من القنابل الذرية والصواريخ إلى خراطيم المياه يقول اللواء باقي إنه خلال اجتماع للفرقة 19 للقوات المسلحة بيوليو 1969، تم عرض العديد من الحلول لهدم الساتر الترابي باستخدام الصواريخ أو المدفعية المكثفة أو قصف الطيران. يوضح اللواء باقي أن جميع تلك الحلول تحتاج إلى 12 ساعة علي الأقل لهدم الساتر مع خسائر 20٪ بالجنود المصريين العابرين نحوه، نتيجة الانفجارات الناتجة عن عملية النسف. • السد العالي ملهم الفكرة ويتحدث اللواء باقي أنه استلهم فكرة من خبرته بالعمل سابقا بمشروع السد العالي، إذ تذكر أن المهندسين في أسوان كانوا يستخدمون مضخات المياه لهدم كثبان الرمل الطبيعية الضخمة لتلتمع الفكرة في رأسه ويشرحها للقادة الحاضرين في الاجتماع بالحال. وأوضح اللواء أن الساتر الترابي أسهل بكثير من كثبان الرمال في أسوان، إذ يسهل ارتفاعه الشاهق من انهيار الرمال حال تعرضها لضخ المياه، كما أن ميل الساتر ب80 درجة مئوية تبعا لميل ضفة القناة يسهل من انجراف الرمال بسهولة مع الماء. يتحدث اللواء باقي عن تجارب المضخات، إذ يقول إنه تم إجراء 300 تجربة بمضخات مختلفة على أنواع رمال مختلفة. • تحت سمع وبصر العدو الغافل ويضيف اللواء باقي أنه من المذهل أن التجربة النهائية تمت بجزيرة البلاح وسط قناة السويس على بعد قليل من العدو الإسرائيلي وتحت بصر الأقمار الصناعية، ولكن أحدا من الأعداء لم يدرك أنها كانت تجربة للسلاح الذي سيقضي على خط بارليف. • السلاح الذي أخضع الساتر العنيد ويصف اللواء سمير، السلاح المصري البسيط الذي قهر الساتر الترابي، بأنه عبارة عن مضخة مص وكبس موصولة بمدفع مياه المسمى بالبشبوري، مهمته ضرب النقطة المطلوبة من الساتر لفتح ثغرة تكفي عبور الدبابات. وأوضح اللواء باقي أنه لم تكن هناك مشكلة من ترسب أكوام الرمال المنهارة إذ يسهل على الدبابات ذات الجنازير التعامل مع تلك التربة لحين تمهيد الأرض للمدرعات التي تسير على العجلات. • انهيار الساتر الأسطوري تحت أقدام المصريين يتحدث اللواء باقي عن وقت التنفيذ بقوله إن استخدام المضخات بدأ عند الساعة 6 بعد عبور الموجات الأولى من المشاة الذين تسلقوا الساتر، مضيفا أنه بخلال 3 ساعات، تم ثقب 61 ثغرة بالساتر الترابي وكانت كافية لدخول ما يكفي من الدبابات لدعم المشاة وتغطيتهم.