ارتفعت أسعار السكر بالسوق المحلية بنسبة 59% خلال سبتمبر الحالى، ليسجل الطن 35 ألف جنيه تسليم أرض المصنع، مقارنة ب22 ألف فى بداية الشهر، بينما انخفضت أسعار السلعة الاستراتيجية عالميا بنسبة 4% خلال نفس الشهر، ليسجل سعر الطن 711 دولارا خلال تعاملات أمس، مقارنة ب740 دولارا فى منتصف الشهر الحالى. وأرجع عدد من التجار فى حديثهم ل«الشروق» زيادة السعر المحلى إلى تلاعب كبير فى السلعة، وتحكم كبار التجار بالأسعار، مشيرين إلى أنه لا يوجد أى داع لهذا الصعود، خاصة أن مصر لديها اكتفاء ذاتى من السكر بنسبة تتخطى ال95%. وتحاول الحكومة ضبط أسعار السلع الاستراتيجية من خلال طرحها فى بورصة السلع، حيث تم طرح كميات من السكر للبيع من خلال منصة البورصة المصرية للسلع لصالح شركات الصناعات الغذائية وشركات التوزيع والتجار وشركات التعبئة يوم 17 أغسطس الماضى. قال حسن الفندى، رئيس شعبة السكر بغرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات، إن ما يحدث فى أسعار السكر غير طبيعى ولا يوجد أى مبرر له، لافتا إلى أن السعر زاد من 22 ألف جنيه إلى 35 ألفا للطن الواحد. وأضاف أنه من المفترض أن تتراجع الأسعار فى ظل توافر السكر فى بورصة السلع، متابعا: «السعر المحلى تجاوز سعر الطن عالميا ب7 آلاف جنيه، باحتساب سعر الصرف بالسوق الموازية»، مضيفا «لا أفهم ما الذى يجرى فى السوق، هناك تلاعب كبير بالأسعار لا نعلم مصدره، خاصة أن السلعة متوفرة بشكل طبيعى ولكن بسعر مبالغ به». ويرى الفندى أنه يجب على الحكومة التدخل بقوة لضبط الأسعار، مقترحا زيادة الكميات المطروحة عبر بورصة السلع، وتشديد الرقابة الصارمة. ووفقا لمصدر فى بورصة السلع ل«الشروق»، فإن متوسط سعر تداول طن السكر فى بورصة السلع 24300 جنيه خلال تداولات أمس، مقارنة ب35 ألف جنيه للطن فى السوق الحرة، أى بزيادة أكثر من 11 ألف جنيه عن سعر تداوله فى البورصة. من جانبه قال أحمد فوزى، نائب رئيس شعبة البقالة بغرفة القاهرة التجارية، إن أسعار السكر ترتفع بشكل موسمى فى مثل هذا التوقيت من كل عام بسبب زيادة استهلاك مصانع حلوى «مولد النبى»، متابعا: «الزيادة هذا العام غير طبيعية وتجاوزت ال59%». وأشار إلى أن أسعار السكر سريعا ما تنخفض بعد انتهاء مصانع الحلوى من طرح منتجاتها للمولد النبوى، وهو ما لم يحدث هذا العام، مشيرا إلى أن الأسعار مازالت فى زيادة مستمرة بمتوسط 3 آلاف جنيه فى الطن أسبوعيا. وأضاف أن سعر الجملة لطن السكر وصل إلى 37 ألف جنيه، مقارنة ب22 ألف جنيه فى أغسطس الماضى، مشيرا إلى أن الزيادات السعرية حصلت فى وقت قصير جدا. وأرجع فوزى تلك الزيادات إلى وجود بعض الممارسات الاحتكارية التى تتحكم فى الأسعار، لافتا إلى أن إنتاجنا من السكر يبلغ 2.8 مليون طن، فى حين أن حجم الاستهلاك المحلى لا يتجاوز ال3.2 مليون طن، ويتم تعويض هذا الفارق بالاستيراد. وأشار إلى أنه من الغريب صعود أسعار السلعة الاستيراتيجية بهذه النسبة رغم توافر معروض كبير منها، مشددا على ضرورة فرض رقابة صارمة على محتكرى السلع. وأوضح أن تاجر التجزئة لا يد له فى زيادة الأسعار، مشيرا إلى أن الارتفاع الشديد للأسعار أدى إلى تآكل رأس مال التاجر الصغير، وتناقص هامش الربح. وقال مصدر مسئول فى اتحاد الغرف التجارية رفض ذكر اسمه، إن هناك عددا من أصحاب رءوس الأموال خارج المجال التجارى، يقومون بتخزين السلع الاستيراتيجية، لتحقيق مكاسب كبيرة جدا فى وقت قصير. وأضاف فى تصريحاته ل«الشروق» أن السبب الرئيسى لارتفاع أسعار السلع هو تهريبها خارج البلاد، متابعا: «الدول المجاورة مثل السودان وليبيا يطلبون أطنانا كثيرة جدا من السلع وبأى سعر والدفع بالدولار». وأوضح أن هناك عمليات شراء كثيفة لسلعة السكر طوال شهر سبتمبر الماضى، وبأى سعر، قائلا: «أيا كان السعر الذى سيشترى به يكسب 10 أضعافه على الأقل عند تصديره للسودان بالدولار». وأشار إلى أن هذه الممارسات غير قانونية ويتم تهريب السلع بطرق غير مشروعة، ولا تتم مع سلعة السكر فقط، بل تتم حتى فى أبسط السلع مثل «الإندومى». وقال المصدر إن السوق لن تضبط إلا بضبط هؤلاء المهربين الذى حققوا مكاسب هائلة فى الأشهر القليلة الماضية على حساب المواطن المصرى. ويقول أحمد كركندى، صاحب إحدى السلاسل التجارية بالقليوبية، إن سعر كيلو السكر تجاوز ال40 جنيها للمستهلك النهائى، مشيرا إلى أن ارتفاع السكر أدى إلى زيادة سلع أخرى مثل العسل والحلاوة الطحينية بنسب تتراوح بين 40 و50%. وأكد كركندى أن الوضع الحالى لسلعة السكر غير مفهوم تماما وخرج عن سيطرة الجميع، لافتا إلى أنه لا يوجد أى داعٍ لزيادة السعر، خاصة أن مصر لديها اكتفاء ذاتى من السلعة بنسبة 95%. وتوقع أن تتراجع أسعار السكر بنسبة قد تتجاوز ال30% خلال الأيام المقبلة، مبررا توقعه بأن الزيادة الحالية غير طبيعية وكبيرة جدا، وفى مثل تلك الحالات تعود السوق سريعا إلى طبيعتها بعد تدخل الحكومة.