«10 ملايين مستخدم خلال 7 ساعات».. كان هذا العنوان الأبرز لانطلاقة منصة ثريدز التابعة لعملاق وسائل التواصل الاجتماعي «ميتا»، وما العجب ف«ميتا» لها من الأدوات والخبرة والكفاءة التي تمكنها من دفع أي تطبيق تطلقه ليحقق بداية مثل هذه بسهولة. تستحوذ «ميتا» بفضل فيسبوك وواتساب وإنستجرام وماسنجر على أكثر من نصف سكان العالم النشطين على الإنترنت، ما يؤهل الشركة لتحقق انطلاقة قوية لوليدها الجديد «ثريدز».. لكن هل هذه الانطلاقة كافية؟! «تيك توك» المنصة الصينية حققت انطلاقة مشابهة ل«ثريدز» ورغم أنها كانت أبطأ في جمع الناس حولها لكن كان لديها عامل نجاح حاسم، وهو استخدام طريقة نشر مختلفة للفيديوهات القصيرة عن طريق السحب للأعلى، وهي الميزة التي وضعت «تيك توك» في المقدمة وجعلته ينضم لنادي الكبار في تطبيقات التواصل رغم المحاربة الأمريكية ورغم استخدام يوتيوب وفيسبوك وانستجرام لنفس الطريقة في نشر الفيديوهات فيما بعد. إذا كان «تيك توك» حقق انطلاقته الكبرى لسبب، فلماذا حقق «ثريدز» هذه الانطلاقة وهو تطبيق يبدو عادي للغاية حتى الآن.. هنا يطل علينا من النافذة مارك زوكربيرج هذا الأب الملياردير القادر على مساندة طفله بما يملكه من ذكاء السوق. خرج «ثريدز» إلى العالم كمنافس لعملاق التغريدات «تويتر» الذي تعرض لهزة قوية العام الماضي مع استحواذ رجل الأعمال الأمريكي إيلون ماسك عليه وتسريح عدد كبير من الموظفين. ماسك ومنذ أن أحكم قبضته على «تويتر» وضع المنصة فوق فوهة بركان. فأعاد الرجل حساب الرئيس الأمريكي الأسبق دونالد ترامب للعمل بعدما أغلق «تويتر» حسابه بحجة أنه يحرض على العنف ويقدم معلومات زائفة ليعيد ماسك الحساب وكأنه يقول للعالم أهلا بالمعلومات الزائفة والتحريض على العنف في لعبتي الجديدة «تويتر». لم يكتف ماسك بهذا فقط بل قرر منح العلامة الزرقاء - التي تميز الحسابات الموثقة - لمن يدفع أكثر، كما أعلن ربط «تويت دك» بالحسابات الموثقة وبالتالي أصبح الدخول على هذه المنصة -التي كانت دائما ما تساعد المحترفين في النشر- حكرا على من يدفع أكثر. وراح ماسك يضرب ويضرب ليعلن أن المنصة ستحد عدد التغريدات التي يمكن لأصحاب الحسابات مشاهدتها، ما زاد من الغضب عليه وعلى تطبيقه الذي بالكاد يبقي على نفسه منافسا. أزمات ماسك مع تويتر مهدت الطريق للأب الملياردير مارك ليطلق وليده، فوجد الفرصة مناسبة مع زيادة الغضب ضد ماسك و«تويتر» ليخرج وليده إلى العالم، واستخدم السلاح الذي وضعه في يده ماسك ليطعنه ويروج لطفله «ثريدز» على حساب تعثر «تويتر». لم تكن أزمات «تويتر» وحدها الداعم الرئيسي لانطلاقة «ثريدز» فربط التطبيق ب«انستجرام» عملاق الصور والفيديوهات والسماح بالانتقال بين التطبيقين بسهولة وتسجيل الدخول في «ثريدز» من خلال البيانات المسجلة في «انستجرام» حققت للتطبيق الجديد ميزة حقيقية، فلا يكلف المستخدم ل«ثريدز» نفسه عناء إنشاء الحساب الجديد ووضع صورة شخصية وملء بيانات قد تكون مملة للكثير من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، وهي ميزة تجعل من تسجيل الدخول إلى التطبيق مثاليا للعالم السريع الذي نعيشه والأجيال الأصغر سنا. هناك عوامل قوة منحت «ثريدز» انطلاقته القوية، لكن هل يمتلك التطبيق ميزة حقيقية ليقضي المستخدم عليه ساعات كما يفعل في المنصات الأخرى؟! سؤال يجيب عليه سلوك الملايين خلال الشهور المقبلة. * كاتب صحفي متخصص في الإعلام الرقمي