تباين مستوى حدة تعامل الصحف البريطانية مع مسألة طرد لندن لدبلوماسي إسرائيلي على خلفية تزوير جوازات بريطانية لتنفيذ عملية اغتيال القيادي بحركة المقاومة الإسلامية (حماس) محمود المبحوح في دبي بالإمارات. فبينما وجدت صحيفة الجارديان أن تصرفات إسرائيل توحي بأنها دولة متغطرسة، فضلت صحيفتي التايمز والإندبندنت الحديث عن أسباب التوتر والإعراب عن الأمل بعودة المياه إلى مجاريها. تحت عنوان "إسرائيل وبريطانيا.. حكم القانون" اعتبرت صحيفة الجارديان تصرفات إسرائيل الأخيرة وما أحدثت من هوة بينها وبين كل من الولاياتالمتحدة وبريطانيا، بأنها مؤشرات على الدولة المتغطرسة التي تجاوزت نفسها. فتزوير الجوازات البريطانية ما هو إلا عمل بلد يعتقد أن بوسعه أن يفلت من العقاب عندما يخطط لاغتيال أعدائه، في الوقت الذي يدعي فيه بأنه يشارك في قيم الدولة التي تقوم على أساس القانون. وتقول الصحيفة إن تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بينيامين نيتانياهو الأخيرة بواشنطن حول الحق في بناء المستوطنات بالقدسالشرقية والمطالبة بتنازل الفلسطينيين عن شرط تجميد الاستيطان لاستئناف المفاوضات قبيل لقائه الرئيس الأمريكي باراك أوباما، تعتبر دليلا على أنه قائد يعتقد أنه يستطيع أن يتحدى إرادة أقرب حليف عسكري لإسرائيل. ورأت أن نيتانياهو في كلتا الحالتين يعمل على تقويض الأرضية التي يقف عليها، مشيرة إلى أنه عليه أن يواجه عواقب الموقف الفكري الذي يتبناه إزاء القدس، وإلا فإن الفلسطينيين لن يقدموا على الاتفاق في ظل هذه الشروط. أما صحيفة التايمز فكتبت تحليلا تحت عنوان الخلافات بين الأصدقاء تجعل إسرائيل مكشوفة لتقول إن طرد الدبلوماسي الإسرائيلي أمس من لندن يشكل هزة خطيرة في العلاقات بين الطرفين. ويعد هذا الاشتباك هو الأكثر بشاعة في اللهجة والعواقب بين الحكومتين منذ سنوات. وترجح التايمز أيضا أن المواقف التصادمية الأخيرة بين إسرائيل والولاياتالمتحدة ربما ساهمت في ردة الفعل البريطانية القوية تجاه تل أبيب. وتعليقا على تصريحات وزير الخارجية البريطاني ديفيد ميليباند الذي قال فيها إن تصرف إسرائيل لا يحتمل، قالت الصحيفة إنها تتضمن رسالة مفادها أن لندن دعت تل أبيب إلى التعهد بعدم تكرار ذلك. وهذا يعني أن إسرائيل لم تقدم أي ضمان حيال بيان أصدره مكتب الكومنولث والشئون الخارجية يحذر من احتمال اعتقال المسافرين والاستيلاء على جوازاتهم، ويحثهم على عدم تسليم جوازاتهم لطرف ثالث بمن فيهم المسئولين الإسرائيليين إلا عند الضرورة. وبعدها أكدت الصحيفة أن ذلك يضع تل أبيب في موقف صعب، فهل تستطيع إسرائيل أن تقدم ضمانا بأنها لن تنسخ الجوازات في المستقبل دون أن تقر بعملية النسخ لاغتيال المبحوح؟ أما صحيفة الديلي تلجراف، فقد اعتبرت طرد الدبلوماسي الإسرائيلي بأنه عمل مؤسف. رغم أن التحقيق البريطاني لم يثبت بأن الموساد ضالع في اغتيال المبحوح، فإن ثمة أدلة كافية للاستنتاج بأن تل أبيب قامت بعملية التزوير. واكتفت الديلي تلجراف بالتحذير من الخلاف الدبلوماسي بين إسرائيل وبريطانيا، لا سيما أن البلدين يتعاونان عن كثب بشأن جملة من القضايا مثل البرنامج النووي الإيراني. وحذرت الصحيفة من أن تبني نيتانياهو خطاب المواجهة مع حلفائه بواشنطن يسهم في عزل إسرائيل الذي لا يصب في مصلحة الغرب، ويقوض آفاق التسوية الدائمة. من جانبها اكتفت صحيفة الإندبندنت بالإعراب عن أملها بعودة المياه لمجاريها، مضيفة أن طرد الدبلوماسي الإسرائيلي مؤشر على تدني مستوى العلاقات. ولفتت إلى أن الدول الصديقة عادة ما تحاول الحد من الضرر عبر الاتفاق بعدم الإعلان عن عمليات الطرد الدبلوماسية، ولكن حكومة لندن لم تقصد من ذلك إيصال رسالة استياء لإسرائيل وحسب بل للرأي العام البريطاني أيضا.