قال الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، إن «النبي محمد علم أن فتح الباب في المهور والمغالاة في تقديرها، يحول هذا الرمز المعنوي المتعالي على المادة، إلى كونه سعرًا أو ثمنًا تقدر به سلعة من سلع السوق، التي يزيد سعرها ويهبط بالمساومة أو المفاضلة». وأضاف خلال تقديمه لبرنامج «الإمام الطيب»، المذاع عبر فضائية «CBC»، صباح الأربعاء، أن «اعتقاد البعض بأن مهور الطبقة الثرية أقدر على التعبير عن الحب والرابطة القلبية من مهور الطبقات الفقيرة، خلاف الواقع الذي يثبت استواء الشعور في تلك العاطفة عند الناس جميعًا». وأكمل: «يدلنا على ذلك ما يطالعنا به الواقع بين الحين والآخر، من أن فتاة مثلًا من ذوات الثراء يرتبط قلبها بفتى ميسور الحال وتشعر بسعادة في جواره، رغم الفروق المادية الصارخة بينهما، والعكس صحيح، ولا تزال الأمثلة المتكررة شاهدة على أن المهر وتكاليف الزواج ليس أي منهما ثمنًا وإنما رمز لرغبة دفينة صادقة». وذكر أن «الأمر دفع النبي على تشجيع الشباب على قلة المهور؛ حتى أصبح يسر المهور وقلتها وبساطتها سنة من سننه - صلى الله عليه وسلم - التشريعية التي يتعلق بها طلب شرعي يثاب المسلم على فعله ولا يعاقب على تركه». واستشهد بالحديث النبوي: «خير الصداق يسراه، إن أعظم النساء بركة أيسرهن مؤنة»، موضحًا أن «النبي محمد طبق هذه السنة حين زوج ابنته فاطمة». واستطرد: «روى ابن عباس أن عليًا لما تزوج فاطمة وهي سيدة نساء العالمين، قال له النبي محمد: أعطها شيئًا، قال: ما عندي شيء، قال: أين درعك الحطمية (أي التي تتكسر عليها السيوف)، فالأمر يبين كيف أن الدرع وهي شيء بسيط صلحت مهرًا للزواج من سيدة العالمين في الإسلام». وروى أن النبي محمد أجاز زواج امرأة رضيت من نفسها ومالها بنعلين، مضيفًا: «وجاء رجل إلى النبي فقال: إني تزوجت امرأة من الأنصار، فقال له النبي: هل نظرت إليها فإن في فعيون الأنصار شيئًا، قال: قد نظرت إليها، قال: على كم تزوجتها؟ فقال: على أربع أواق، قال النبي: على أربع أواق؟ كأنما تنحتون الفضة من عرض هذا الجبل، ما عندنا ما نعطيك ولكن أن نبعثك في بعض تصيب منه، فقال: فبعث بعثا إلى بني عبس وبعث هذا الرجل فيهم».