للمرة الثانية خلال ستة أشهر، تطالب السلطة الفلسطينية مجلس حقوق الإنسان بتأجيل النظر فى تقرير أممى يدين ممارسات الاحتلال الإسرائيلى، خاصة جيش الاحتلال الإسرائيلى، ضد الشعب الفلسطينى تحت الاحتلال، وخاصة سكان غزة المحاصرة إسرائيليا التى لم يتمكن سكانها ال1.5 مليون من تجاوز الدمار الذى لحق بهم من جراء الحرب الإسرائيلية الأخيرة، حسبما جاء فى التقرير، بسبب رفض سلطات الاحتلال دخول مواد البناء إلى القطاع المفقر. الأمر مذهل ومزعج، هكذا اتفقت مصادر حقوقية غربية فى جنيف، مقر مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة فى وصفها لموقف السلطة الفلسطينية بطلب المجلس تأجيل النظر فى التقرير الدورى لريتشارد فولك المقرر الخاص لشئون حقوق الإنسان فى الأراضى المحتلة الفلسطينية. المجلس بالفعل قرر إرجاء مناقشة التقرير من جلسة الاثنين التى اقتصرت على مناقشة تقرير للأمين العام للأمم المتحدة وتم إرجاء تقرير فولك إلى جلسة يونيو. المصادر الحقوقية الغربية والدبلوماسية العربية فى جنيف قالت: إن السلطة الفلسطينية تريد من فولك إعادة صياغة التقرير ورفع أجزاء متعلقة بقطاع غزة. أحد هذه المصادر قال: إن فولك «يبدو غير مستعد للانصياع لرغبة السلطة، والأمر سيدخل فى طور عناد وشد وجذب». السلطة الفلسطينية طالبت بتأجيل النظر فى هذا القرار لأنه غير متوازن من حيث التعامل مع الوضع فى الضفة الغربيةوغزة، ولأنه يثير خلافات فلسطينية داخلية، ويعرقل فرص إحراز تقدم فى عملية السلام. مصدر بالسلطة الفلسطينية تحدث ل«الشروق» مشترطا عدم ذكر اسمه قال: «إذا كان فولك يريد تحقيق مجد شخصى كونه يهوديا ينتقد إسرائيل فهذا شأنه، ولكننا غير معنيين بذلك». المصدر نفسه قال: إن تقرير فولك «يتبنى وجهة نظر حماس ويعرقل المصالحة الفلسطينية بالتالى». وتم رفع تقرير فولك، المعروف بانتقاداته الصريحة لخروقات سلطات وجيش الاحتلال الإسرائيلى للقانون الدولى والقانون الإنسانى الدولى، من على موقع مجلس حقوق الإنسان الدولى بعد قرار الإرجاء. التقرير يقع فى حوالى 25 صفحة، وقد تم إعداده بالرغم من عدم موافقة إسرائيل على منح المقرر الأممى الدخول للأراضى المحتلة واقتصار زيارته على قطاع غزة المحاصر الذى سمحت له الحكومة المصرية بالعبور إليه من خلال أراضيها. التقرير فى مجمله يصف الانتهاكات المتكررة التى يرتكبها الاحتلال الإسرائيلى ضد الشعب الفلسطينى تحت الاحتلال خاصة فى غزة. ويقول التقرير الذى تمكنت «الشروق» من الاطلاع على نسخة منه: إن المخالفات الإسرائيلية «القاسية التى تم توصيفها (فى البداية) على أنها ذات طبيعة استثنائية مستمرة منذ يوليو 2007» فى إشارة إلى توقيت سيطرة حماس على قطاع غزة. التقرير يصف بدقة مختلف الانتهاكات الإسرائيلية سواء القانونية أو الإنسانية، ويقرر أنها تصل إلى حد «العقاب الجماعى». كما يصر التقرير إلى أن هذا العقاب، كما العمليات التى يقوم بها جيش الاحتلال الإسرائيلى، «يستهدف عن عمد المدنيين والمبانى المدنية». تقرير فولك، وهو ليس الأول فى إثارة الجدل، يشير إلى العدوان الإسرائيلى على غزة نهاية 2008 ومطلع 2009 فيما عرف باسم عملية «الرصاص المصبوب» ويلوم سلطات الاحتلال الإسرائيلى على عدم السماح بدخول مواد البناء. تقرير فولك أيضا أشار إلى عدم جدية المجتمع الدولى، بما فى ذلك الولاياتالمتحدةالأمريكية، بالتعامل الجاد مع استمرار الحكومة الإسرائيلية فى البناء غير الشرعى للمستوطنات فى الأراضى المحتلة، مشيرا إلى تقييمات إسرائيلية تفيد بأنه حتى فى حال التزام إسرائيل بالتجميد الجزئى للاستيطان، فإن ذلك سيسمح بزيادة عدد المستوطنين الإسرائيليين غير الشرعيين فى الأراضى المحتلة زيادة كبيرة. فى الوقت نفسه، يشير التقرير إلى تقرير القاضى المستقل ريتشارد جولدستون الذى كانت السلطة الفلسطينية قد طالبت أيضا بتأجيل النظر فيه الخريف الماضى، ثم عادت وطالبت تحت الضغط الشعبى بجلسة خاصة أقرها مجلس حقوق الإنسان الدولى . المصادر الدبلوماسية العربية قالت إنها لم ترفض مطلب مندوب السلطة الفلسطينية فى جنيف طلب التأجيل. «ما تريده السلطة سندعمه، ولن نكون ملكيين أكثر من الملك»، هكذا قال أحد هذه المصادر متحدثا ل«الشروق» عبر الهاتف مساء الاثنين عقب جلسة مجلس حقوق الإنسان التى عقدت بمشاركة ممثل فلسطينى وممثل إسرائيلى، واقتصرت على مناقشة تقرير من الأمين العام للأمم المتحدة فى جلسة طالبت فيها نافى بيلاى المفوض الأممى لحقوق الإنسان بالسماح بإعادة بناء قطاع غزة، ومراعاة أوضاع النساء تحت الاحتلال فى الضفة الغربية وقطاع غزة.