من أقوال أحمد الطيب المأثورة «لابد أن تكسر البيض حتى تحصل على العجة» أقصد أحمد الطيب المعلق الرياضى المعروف، وليس ذلك القادم من لجنة سياسات الحزب الوطنى ليجلس على مقعد إمام المسلمين الأكبر. ومع ذلك فإن الربط بين الطيب المعلق وتعيين الطيب الإمام ليس تعسفا تاما، فقد كسر الذين اختاروا الطيب لمشيخة الأزهر بيضا كثيرا فى طريقهم ولا أعرف إن كانوا قادرين على صناعة العجة أم لا. وكأن مصر خلت من الشيوخ والعلماء العظام حتى يتم تعيين شيخ للأزهر لاعتبارات حزبية بحتة، فالرجل كما تقول المعلومات المتوفرة عنه واحد من عشرة أعضاء فى اللجنة المركزية بالحزب الوطنى، الذى هو حزب الحكومة ولا يوجد بينه وبين جميع ألوان الطيف السياسى فى مصر عمار.. والدليل أن هناك صورتين فقط تمثلان علاقة الحزب الوطنى ببقية القوى السياسية فى مصر، الأولى تظهر فيها بقية الأحزاب والجماعات السياسية وهى تتحدث عن البوار الذى يعصف بالتربة السياسية فى مصر بسبب الحزب الوطنى، وفى الصورة الثانية تنفى عن نفسها جريمة عقد صفقات مع الحزب الحاكم. ومعنى اختيار الدكتور أحمد الطيب شيخا للأزهر الشريف هو أننا بإزاء إمام أكبر لا يوجد عليه إجماع وطنى فى بلده، أى أنه ليس ممثلا جيدا أو مناسبا أو متفقا عليه فى مصر، فكيف يكون إماما للعالم الإسلامى كله؟ هذه واحدة والثانية: إذا كانت الحكومة تتحدث طوال الوقت عن أن الأزهر مؤسسة مستقلة وليست مطية ولا أداة فى يدها فلماذا الإصرار على اختيار واحد أبرز مؤهلاته أنه عضو بارز فى الحزب الوطنى الحاكم، وأسأله بهذه المناسبة هل سيحتفظ بعضويته فى الحزب الوطنى، جنبا إلى جنب مع نواب القمار والكيف والفساد، بعد أن أصبح إماما أكبر للمسلمين؟ وتبقى مؤهلات الطيب العلمية على العين والرأس، أيضا لا مجال للتفتيش فى نواياه، فقط نتحدث عن الملاءمة والمواءمة السياسية، حيث يصر الذين اختاروه على إظهار تعيينه وكأنه فى سياق طويل من الإجراءات والقرارات الاستباقية لمعارك انتخابية خلال الشهور المقبلة، ولا يمكن النظر لتعيين الإمام الأكبر الجديد مثلا بمعزل عما جرى فى المجلس القومى لحقوق الإنسان حيث تم تفريغه من أى أصوات مستقلة وجىء بآخرين محسوبين على الحكومة والحزب الوطنى. وإذا كان شيخ الأزهر الجديد قد قال لمحررى قناة العربية أمس الأول إن كثرة التهانى الهاتفية قد أصابته بالتهاب فى الأذن، فإننا نرجو له الصحة والعافية ونتمنى ألا يصاب بداء ضيق الصدر والعصبية الشديدة مع منتقديه، على طريقة سلفه الراحل. أخيرا.. هل يستطيع شيخ الأزهر الجديد أن يخلع رداءه الحزبى الضيق ويرتدى عباءة إمام المسلمين الأكبر؟