المشروع يستحدث مفوضية للأحزاب وينظم قواعد إنشاء المواقع الإلكترونية ويؤسس لشروط الدعم المالي تقدم النائب عبدالمنعم إمام، عضو بمجلس النواب ورئيس حزب العدل، بمشروع قانون مقترح لنظام الأحزاب السياسية، قائلا إنه يتواكب مع حجم التطورات العالمية، وتطلعات الشعب المصري والقوى المدنية نحو بناء دولة مدنية ديموقراطية حديثة. وأوضح أن المشروع يستند على أسس دستورية وقانونية وحقوقية تتمثل فيما نصت عليه المادة (74) من الدستور المصري الصادر عام 2014 والمعدل في 2019، على أن "للمواطنين حق تكوين الأحزاب السياسية، بإخطار ينظمه القانون. ولا يجوز مباشرة أى نشاط سياسى، أو قيام أحزاب سياسية على أساس دينى، أو بناء على التفرقة بسبب الجنس أو الأصل أو على أساس طائفى أو جغرافى، أو ممارسة نشاط معاد لمبادئ الديمقراطية، أو سرى، أو ذى طابع عسكرى أو شبه عسكرى، ولا يجوز حل الأحزاب إلا بحكم قضائي". كما أنه ينبثق دستوريا من المادة (4) التي نصت على أن "السيادة للشعب وحده، يمارسها ويحميها، وهو مصدر السلطات، ويصون وحدته الوطنية التي تقوم علي مبادئ المساواة والعدل وتكافؤ الفرص بين جميع المواطنين، وذلك على الوجه المبين فى الدستور"، والمادة الخامسة التي نصت على "يقوم النظام السياسي على أساس التعددية السياسية والحزبية، والتداول السلمى للسلطة، والفصل بين السلطات والتوازن بينها، وتلازم المسئولية مع السلطة، واحترام حقوق الإنسان وحرياته، على الوجه المبين فى الدستور". ولفت إلى أن فلسفة مشروع القانون المقترح تقوم على مواكبة التطورات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعالمية، وفيما سبق جاء قانون الأحزاب السياسية رقم 40 لسنة 1977 استجابة لمرحلة سياسية مختلفة، واستجابة لانفتاح سياسي في لمرحلة جديدة بعد اتحاد قوي الشعب العامل في ثورة 1952 لتحرير القرار المصري وهو ما تطلب وحدة التنظيم في ذلك الوقت، والذي بدأ بهيئة التحرير ثم الاتحاد الاشتراكي بهياكله ثم الحرب والوحدة حولها كهدف ومن بعدها علمية السلام ومعها مرحلة التعددية السياسية المقيدة، واستمر الوضع على ما هو عليه باستثناء حصول بعض الأحزاب على مقاعد سواء بالضغط او الاتفاق مع الحزب الحاكم في ذلك الوقت. وأضاف "بعد ثورة يناير 2011 أصدر المجلس العسكري التغيير الوحيد على قانون الأحزاب بالانتقال من الموافقة الي الاخطار لتأسيس الأحزاب وكذلك سحب تمويل الدولة للأحزاب، إلا أن مصر الآن تمر بمرحلة من التأسيس لجمهورية جديدة وهو ما انعكس في العملية السياسية والتي أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي عبر دعوته للحوار الوطني". وشدد على أن الأحزاب في الأساس هى وسيط بين الدولة والناس وهو وسيط تفاوضي في الأساس فالدولة تستطيع الآن أن تعرف توجهات الناس وآرائهم بسهولة ولكن يبقي أن تكون الأحزاب هي المكان الذي يتم فيه صياغة المصالح المختلفة والتعبير عنها، كذلك فإن الانتقال من كون الانتخابات والعمل الحزبي عملًا نخبويًا بل وأحيانا فرديًا إلى عمل شعبي مسئول يتواصل مع الجمهور دون إثارة أو تحريض بل بتمثيل اجتماعي ملائم عن المصالح والتفاوض حول السياسات والبرامج. وقال "بغض النظر عن الأسباب فإن الصورة السلبية للأحزاب تطغى على الصورة الإيجابية، وبالتالي فنضال الأحزاب مزدوج في بناء الثقة مع الجمهور بالإضافة إلى تمثيل المجتمع بطريقة تعبر عن مصالحه وطموحه للأفضل". وأكد إمام أن حرية التنظيم ليست هدفًا في حد ذاتها، ولكنها وسيلة لتجميع المصالح المشتركة والمتقاربة، والأهم التفاوض بشأنها وتعبئة المواطنين حولها وصياغة السياسات العامة، وتربية الكوادر السياسية على العمل العام والسياسي، وتحقيق المصالح العامة وهو عمل مستمر، غير مرتبط فقط بالانتخابات بل هو جزء من الحياة العامة والمجال العام. وذكر أن الأصل بين الأحزاب هو المنافسة حول التعبير الأفضل عن المصالح المختلفة، والتعاون هو الاستثناء إذا تقاربت المصالح إلا أن هذه المنافسة محكومة بعدة ضوابط أن تكون على أرضية وطنية، وأن تضع تفرقة بخط واضح بين ما هو وطني لا يجوز الاختلاف عليه، وبين ما هو سياسي يمكن الاختلاف عليه، فالوطن وتهديد استقراره ووجوده أكبر من الأحزاب. كما تكون هذه الممارسة حرة ومستقلة، فلا يجب أن تخضع الممارسة الحزبية لأي قيود تعيق أو توجه عملها غير ما تراه في إطار المصلحة الوطنية. وقال إن تأسيس الأحزاب بالإخطار هو التطبيق المباشر لحرية التنظيم وأن يكون التجمع السلمي المنصوص عليها في الدستور، ولا يعني وجود شروط مثل العدد – 3000 عضو- موزع توزيع جغرافي معين -300 على الأقل من 10 محافظات- أن يكون ذلك قيداً علي الحرية بل هو ضمانة للجدية ولأن يكون الحزب ليس على أساس طائفي أو قبلي أو جهوي، وهو عدد يرى المشروع أن مناسب جداً وخصوصا أنه الشرط الوحيد لتأسيس الحزب. وقال إمام إن الحرية في التكوين لا تعني فقط التأسيس، فليس الغرض فقط هو التأسيس ولكن تظل الأحزاب حرة في الاستمرار وكذلك في كيفية ممارسة دورها، وهنا تشمل الحرية عدم ربط أو تقييد استمرار الحزب بعدد العضويات التي يحصل عليها، فهذا شرط استمرار رغم أنه يعتبر ضمانة جدية إلا أنه قد يكون ضد الحرية. وأضاف أن هذا الحق يرتبط وجوب النص في لوائح الحزب على طريقة اندماجه مع أحزاب أخرى، وهو مالم يكن منصوص عليه سابقا وهو ما يفتح الباب في حالة الاندماج إلى السهولة والتيسير على الأحزاب الراغبة في الاندماج. واستحدث المشروع مسمى مفوضية شئون الأحزاب كبديلا للجنة شئون الأحزاب بحيث يكون لها هيكل إداري وتنظيمي والشخصية الاعتبارية، وهي في الأساس لجنة مشكلة من قضاة مستقلون، كما أن لها موقع عليه كل المعلومات ومنصوص عليه في مشروع القانون. ونص الفصل الخاص بالمفوضية في القانون على تشكيل لجان فرعية أو مؤقتة، تخدم مرونة العمل للأحزاب ومراقبة المخالفات حالة حدوثها، وهي لجنة للتمويل الحزبي تضم ممثلين للرقابة المالية والبنك المركزي، ولجنة للموقع الإلكتروني للمفوضية، ولجنة للتعاون الدولى، ولجنة للدعم الفني والسياسي تتكون من ممثل من كل حزب يرشحه رئيس حزبه. وأضاف أن مبدأ حرية إنشاء مواقع الانترنت في الأحزاب التي تعبر عنها، ويتيح الانفتاح على العالم ومواكبة العصر واستحداث نظم تكنولوجية، بما يزيد من قوتها وفاعليتها وفي نفس الوقت يستوعب قوي التغيير الصاعدة الغير منظمة. ونص مشروع القانون المقترح على تشكيل لجنة مشتركة من المجلس الأعلى للإعلام والمفوضية، تتولى وضع لائحة خاصة تتضمن قواعد ظهور واستخدام الأحزاب لوسائل الإعلام المسموعة والمرئية، ومواقع الإنترنت في غير أوقات الدعاية الانتخابية، وكذلك في وقت الدعاية الانتخابية. كما تم النص على ضرورة أن يكون لمفوضية شئون الأحزاب موقع على الإنترنت، ويجب أن يحتوي على القرارات والمعلومات المختلفة وأن تقدر الأحزاب على الوصول إليه والتفاعل معه. ونظم التعاون مع الأحزاب والمنظمات الدولية والإقليمية، واعتبر إمام ذلك جزءًا من الانفتاح على العالم، والاطلاع والاستفادة من تجارب الدول الأخرى، والديمقراطيات الناشئة، مع مراعاة مشددة للخط الفاصل بين التعاون والاطلاع والتعلم ،وبين التدخل والإملاء وإثارة الفوضى، وهو ما حاولت مواد مشروع القانون أن توضح الفرق بينه. وبشأن توفير تمويل حزبي مستدام واستقرار مالي، ذكر أن مسألة تمويل العمل السياسي الحزبي تثير دائما مخاوف من سيطرة المصالح الاقتصادية بعينها علي الأحزاب ولكن هذه المسألة لها عدة اعتبارات، فالأصل هو حق المصالح الاقتصادية المشروعة في التعبير عن نفسها، وبالتالي الحرمان من التعبير عن المصالح يتنافى مع حرية التنظيم والتعبير السياسي المنصوص عليه دستورياً، كما أن مع زيادة عدد الأحزاب فإن أي مصالح مالية واقتصادية تستطيع الانضواء في داخل أي حزب، وأن يكون معبر عنها ولا تحتاج إلى كل هذا التخوف، الذي كان وليد حقبة اشتراكية بِنت عصرها، وعلى هذا الأساس فإن الرؤية اتبعت القواعد المعمول بها في أغلب دول العالم التي خاضت غمار مواجهة المال السياسي غير المنظم، وتقديم دعم من الدولة للأحزاب (التمويل العام)، وهو يشمل الدعم المالي المباشر للأحزاب أو الدعم غير مباشر عبر إعطائها مساحات في الاعلام الحكومي، والإعفاءات أو التخفيضات الضريبية التي يحصل عليها الحزب نفسه أو الأفراد الأعضاء فيه في حال تبرعهم. واقترح مشروع القانون عودة تمويل الدولة للأحزاب بواقع 100 ألف جنيه لكل نائب حزبي في البرلمان، و10 آلاف جنيه عن كل عضو في المجلس المحلية بحد أقصى 2 مليون جنيه سنويا، دعم لأس حزب غير ممثل برلمانيا ب 100الف جنيه سنوياً لمدة دورتين انتخابيتين، وهو ما اعتبره تفرقة منطقية فالأحزاب الممثلة برلمانيا عليها عبء خدمة النواب ودوائرهم وطلباتهم. وعدم وضع أي سقف للتبرعات الحزبية، فمن حق من يملك المال أن يعبر عن مصالحه من خلال حزب، لا غضاضة في ذلك ولكن الفساد يأتي من عدم الإعلان عن الدعم أو إنفاقه بدون رقابة تحت مسمي (الاستقلالية)، مع إهدار كامل لمبدأ (الشفافية)، إذا لا مانع من فتح سقف تبرع الأشخاص للأحزاب مع تشديد العقوبة بالحبس في حال إثبات التلاعب بأموال الحزب او استغلال اى من قيادات الحزب لمنصبه للتربح، والتأكيد على ضرورة أن يقدم الحزب بشكل ربع سنوي إلى مفوضية شئون الأحزاب بيان بما حصل عليه من تبرعات وأسماء المتبرعين، ويكون أي تبرع من شخص طبيعي معفي من الضرائب في حدود 10٪ من دخله أسوة بقانون الجمعيات. وسمح مشروع القانون للأشخاص الاعتبارية بتمويل الأحزاب فهو يوسع قاعدة المستفيدين من الجمهور كما أن الأشخاص الطبيعية تدفع ضرائب ولها مصالح مشروعة، فمن الأحسن والأفضل تنظيمها للتعبير عنها بدل من أن يصبح التعبير عنها عبر الرشاوي للمسئولين التنفيذيين أو حتى التشريعيين، فالسماح للشركات والأشخاص الاعتبارية بالتعبير عن مصالحها في جوهره ونظرته البعيدة مواجهة للفساد ودعم للشفافية في المجال العام، كما أنه يقوي قاعدة الأحزاب السياسية وتمثيلها للمصالح. كما نص مشروع القانون لأول مرة علي وجوب أن يتقدم رئيس الحزب بإقرار الذمة المالية فور رئاسته الحزب، وبعد انتهائها وهو أمر يزيد من الشفافية داخل الحياة الحزبية.