كشف الدكتور محمد أبو الغار، السياسي المصري وأستاذ طب النساء بجامعة القاهرة، تفاصيل كتابه «الفيلق المصري» الصادر مؤخرا عن دار الشروق، والذي يرصد قصة تجنيد إجباري ل500 ألف مواطن مصري، أثناء الاحتلال الإنجليزي وإجبارهم على المشاركة في الحرب العالمية الأولى. وأضاف خلال لقائه ببرنامج «حديث القاهرة» المذاع عبر شاشة «القاهرة والناس»، مساء الخميس، أن هذا العدد من المواطنين المصريين مات منهم حوالي 50 ألف مصري، وعاد البقية إلى البلاد عام 1918؛ وهم محملون بشحنة هائلة من الغضب؛ جرّاء سوء المعاملة والمناخ غير الآدمي في الحرب. واستكمل: «عندما عادوا كانوا محملين بغضب شعبي؛ نظرًا لأن مصر آنذاك كان بها حوالي مليون فلاح، وبعد تجنيد نصفهم؛ أدى ذلك لبوار الأرض الزارعية وتلفها؛ لذلك كان هناك حالة من الهجوم على أقسام البوليس، هذه الحملات بدأت عام 1914 وظلت المقاومة لها حتى عودة البقية عام 1918 في ظل حالة من الشحن والغضب». وذكر أن ثورة 1919 تعد ثورتين؛ الأولى للمدنيين في ظل الكنيسة والأزهر والعمال تحت قيادة سعد زغلول، متابعًا: «هذه الثورة كانت تطالب بالحرية والديموقراطية والعدالة الاجتماعية والبرلمان والدستور وإلغاء الحماية البريطانية». وأوضح أن الثورة الثانية كانت في الريف؛ مستكملا: «كانت انتفاضة ضد خطف المصريين وإجبارهم على المشاركة في الفيلق المصري، ثم حدثت ثورة جياع بسبب الاستيلاء على المحاصيل المصرية؛ ما أدى لاحتكاكات مباشرة بين المواطنين الفلاحين والإنجليز». وعن ملامح هذا الغضب، ذكر أنها تجلت في الهجوم على أقسام البوليس، واستهداف الجنود الإنجليز، وخلع قضبان السكك الحديدية، وكسر أبراج التلغراف والتليفون؛ معتبرًا أنها بمثابة غضب عارم ساعد ثورة المدينة بقيادة سعد زغلول. «الفيلق المصري»، كتاب يحكي عن حادثة خطيرة في تاريخ مصر الحديث، لم تذكر في كُتب التاريخ المدرسية، ولم يصدر عنها كتاب يؤرخ لها بالرغم من تأثيرها العميق على مصر. طلبت بريطانيا من الحكومة المصرية -في أثناء الحرب العالمية الأولى- إصدار أوامرها إلى مأموري المراكز والعمد بالقبض على شباب الفلاحين، وربطهم بالحبال وترحيلهم مع الجيش البريطاني إلى سيناء وفلسطين وسوريا ولبنان والعراق وغرب تركيا وجزر اليونان وفرنسا وبلجيكا وإيطاليا؛ ليقوموا بأعمال شاقة مثل بناء خط سكة حديد وتحميل وتفريغ السفن، وبالفعل تم ترحيل ما يقدر بحوالي 530 ألف فلاح حين كان تعداد مصر 12 مليون نسمة، وقٌتل منهم حوالي 50 ألف فلاح أي 10 % من فلاحي مصر. محمد أبو الغار؛ أستاذ بكلية طب قصر العيني، حاصل على جائزة الدولة التقديرية في الطب، وله كتب وأبحاث هامَّة منشورة في كبرى المجلات العلمية في الطب. وهو أول من أدخل علم الأجنَّة وتكنولوجيا أطفال الأنابيب في مصر. وله عدد من الكتب في مجال الثقافة والفن والتاريخ، بالإضافة إلى مئات المقالات في الصحف والمجلات.