كشف الدكتور محمد أبو الغار، السياسي المصري وأستاذ طب النساء بجامعة القاهرة، مجموعة من الكواليس التي رصدها ووثقها في كتابه «الفيلق المصري - جريمة خطف نصف مليون مصري»، والصادر مؤخرا عن دار الشروق. وأضاف خلال لقائه ببرنامج «حديث القاهرة» المذاع عبر شاشة «القاهرة والناس»، مساء الخميس، أنه سلط الضوء على أحد الضباط الإنجليز المكلفين والذي كان على درجة رفيعة من الثقافة والتأهيل الدراسي، متابعًا: «لم يكن جنديا، ولكن كان ضابطا مكلفا بمراقبة المصريين فقط». وأوضح أنه اطلع على مذكرات الضابط المشار إليه، وخطاباته التي أرسلها للوزارات وأصدقائه وأسرته في إنجلترا، متابعًا: «هذه الجوابات عمرها أكثر من 100 عام، ومكتوبة بالحبر فتعرضت لحالة من البهتان؛ لذلك كان يجب الاستعانة بأدوات تكبير وإضاءة لمعرفة الخط وفك شفراته، بالإضافة إلى اختلاف اللغة، فالإنجليزية عام 1914 لم تكن كلغة اليوم». وأشار إلى استعانته بقواميس متخصصة لكشف تفاصيل تلك الخطابات، مضيفًا: «وزير الخارجية البريطاني بلفور، طلب مجموعة من المصريين ويكونوا فلاحين وصعايدة؛ من أجل إنشاء خط سكة حديد وأداء بعض الأعمال المدنية في الحرب مثل تفريغ السفن وتحميلها، وبالفعل تم إرسال الأمر للمأموريات والقرى، وكانوا يزيفون الحقائق ويغرون الفلاحين بمكاسب وهمية، ثم يسخروهم للعمل». واستكمل: «كانوا بيخطفون الفلاحين، وياخدوهم من الجوامع والبيوت قسرا، ويقيدوهم بالحبال والسلاسل، ثم يجبروهم على خلع ملابسهم والاستحمام وتناول تطعيم ضد الفيروسات والبكتيريا ثم ينقلوهم إلى أداء العمل، هذا هو الفيلق المصري». ولفت إلى وجود فيلق آخر يسمى «فيلق الجمال»؛ موضحًا: «كانت قوات الاحتلال تنفذ نفس السيناريو ولكن مع الجمال وأصحابها؛ حتى تكون وسائل نقل، مقابل يومية زهيدة تقدر ب8 قروش يوميا». «الفيلق المصري»، كتاب يحكي عن حادثة خطيرة في تاريخ مصر الحديث، لم تذكر في كُتب التاريخ المدرسية، ولم يصدر عنها كتاب يؤرخ لها بالرغم من تأثيرها العميق على مصر. طلبت بريطانيا من الحكومة المصرية -في أثناء الحرب العالمية الأولى- إصدار أوامرها إلى مأموري المراكز والعمد بالقبض على شباب الفلاحين، وربطهم بالحبال وترحيلهم مع الجيش البريطاني إلى سيناء وفلسطين وسوريا ولبنان والعراق وغرب تركيا وجزر اليونان وفرنسا وبلجيكا وإيطاليا؛ ليقوموا بأعمال شاقة مثل بناء خط سكة حديد وتحميل وتفريغ السفن، وبالفعل تم ترحيل ما يقدر بحوالي 530 ألف فلاح حين كان تعداد مصر 12 مليون نسمة، وقٌتل منهم حوالي 50 ألف فلاح أي 10 % من فلاحي مصر. محمد أبو الغار؛ أستاذ بكلية طب قصر العيني، حاصل على جائزة الدولة التقديرية في الطب، وله كتب وأبحاث هامَّة منشورة في كبرى المجلات العلمية في الطب. وهو أول من أدخل علم الأجنَّة وتكنولوجيا أطفال الأنابيب في مصر. وله عدد من الكتب في مجال الثقافة والفن والتاريخ، بالإضافة إلى مئات المقالات في الصحف والمجلات.