يعود الاتحاد الأوروبي من جديد إلى مواجهة معضلة تدفق الأعداد الضخمة من المهاجرين الذين يسعون إلى دخول أراضيه. وقالت المفوضة الأوروبية للشؤون الداخلية إيلفا يوهانسن في مقابلة مع مراسلي "غرفة الأخبار الأوروبية (إي إن آر)" في مطلع الشهر الحالي، إن العام الماضي شهد "زيادة كبيرة" في عدد المتسللين الذين تمكنوا من دخول التكتل بطرق غير شرعية، قادمين من دول مثل تركيا، والهند، وكوبا، ومصر، والمغرب. وأضافت يوهانسن أن حوالي مليون مهاجر تقدموا بطلبات لجوء في الاتحاد، مما يضع ضغوطا على عدد من الدول الأعضاء، مثل بلجيكاوهولندا. ومن المتوقع أن يناقش زعماء الاتحاد الأوروبي في قمتهم الخاصة المقبلة في بروكسل، العديد من المسائل العالقة بشأن الهجرة. وهناك العديد من النقاط الشائكة في هذا الصدد. الأسوار الحدودية التي يمولها الاتحاد الأوروبي ويشكل تمويل الأسوار الحدودية من موازنة الاتحاد الأوروبي نقطة خلاف، وصرحت يوهانسن في المقابلة بأن التكتل يمول حماية الحدود، ولكن "إقامة الجدران والأسلاك الشائكة حول الاتحاد الأوروبي ليس حلا جيدا، لعدة أسباب". وقالت يوهانسن: "لدينا مبدأ قائم منذ أمد بعيد بعدم تمويل إقامة الأسوار والأسلاك الشائكة. واعتقد أنه لا يجب تغييره. ولكني اعتقد أيضا أن علينا أن نتبنى نهجا عمليا. بالطبع يأتي معظم تمويل حماية الحدود من الموازنات الوطنية، وعلينا أن نركز على الاستخدام الأمثل لأموال الاتحاد الأوروبي". وفي نفس الوقت، لم تستبعد مفوضة الشؤون الداخلية الأوروبية تمويل "البنية الأساسية المادية" على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي من موازنة التكتل. وقد يأخذ ذلك شكل توفير التكنولوجيا لأعمال الاستطلاع، على سبيل المثال. ورغم ذلك، طالب المزيد من الدول الأعضاء بالاتحاد من المفوضية الأوروبية في خريف عام 2021 بأن يتم دفع تكاليف إقامة الحواجز الحدودية المادية من الموازنة المشتركة، جزئيا على الأقل. وقد رفضت المفوضية ذلك في حينه. وفي الآونة الأخيرة، طلب المستشار النمساوي كارل نيهامر من المفوضية ملياري يورو (17ر2 مليار دولار) لتوسيع نطاق الجدار الحدودي بين بلغارياوتركيا. منطقة شينجن والتفتيش على الحدود الداخلية وداخل منطقة شينجن، يتم تطبيق عمليات تفتيش حاليا بين العديد من الدول الأعضاء في منطقة التنقل الحر، على سبيل المثال، بين النمسا وسلوفينيا. وقالت يوهانسن: "علينا التخلص من عمليات التفتيش الداخلية"، مضيفة أن المفوضية الأوروبي تتواصل مع الدول الأعضاء المعنية من أجل التوصل لحل يمنع الدخول غير الشرعي، من أجل حماية هذه الدول من المخاطر الأمنية، ولكن دون تفتيش. وقال المستشار النمساوي خلال اجتماع مع رئيس وزراء هولندا مارك روته يوم 26 يناير الماضي، أن الضوابط الحدودية بين ألمانيا، والنمسا، وجمهورية التشيك، وسلوفاكيا، المجر، وسلوفينيا أظهرت أن نظام شينجن للتنقل الحر في سبيله للفشل. تطبيق لائحة دبلن ومنطقة شينجن وشددت المفوضة الأوروبية للشؤون الداخلية على أهمية أن تعمل منطقة شينجن بكفاءة، بما يشمل التسجيل الفعلي للقادمين إلى التكتل الأوروبي. وقالت يوهانسن: "أنا مهتمة بالموقف في النمسا، على سبيل المثال، حيث لم يتم تسجيل 75% من الوافدين غير الشرعيين قبل ظهورهم في البلاد. وفي هولندا يصل الرقم إلى 90%." وتنص لائحة دبلن للاتحاد الأوروبي على إعادة المهاجرين غير الشرعيين، إلى الدولة التي وصلوا إليها أولا في الاتحاد الأوروبي، ليجرى التعامل مع طلبات اللجوء الخاصة بهم. وتضع اللائحة ضغوطا واسعة على اليونان، وإيطاليا، وإسبانيا، ومالطا، في ظل عمليات الوصول الضخمة إلى هذه الدول عبر البحر المتوسط. ولطالما اتهمت دول جنوب الاتحاد الأوروبي باقي الأعضاء على مدار سنوات، بعدم التضامن معها، حيث يرفض كثير منها قبول حصة ثابتة من عشرات آلاف المهاجرين الذين يصلون إلى التكتل سنويا. وخلال اجتماع 26 يناير في فيينا، طالب روته بالعودة إلى تسجيل المهاجرين على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي، وفقا لما تنص عليه لائحة دبلن. الانضمام لمنطقة شينجن وفي سياق متصل، أكدت يوهانسن أن رومانياوبلغاريا استوفيتا جميع معايير الانضمام لمنطقة شينجن، وأعربت عن ثقتها في صدور قرار في هذا الصدد "قريبا جدا". اتفاقية جديدة بشأن الهجرة واللجوء وأشارت يوهانس في المقابلة إلى "تقدم جيد" في مسار الحزمة التشريعية المتعلقة بالهجرة واللجوء، وقالت إنها على ثقة من اتخاذ قرار بشأن جميع أوجه الاتفاقية "خلال فترة ولايتها الحالية"؟ وتنتهي الولاية الحالية للمفوضية الأوروبية في عام 2024، وقد حذرت يوهانسن من أن "الأمر سوف يستغرق سنوات لتنفيذ كل شيء". وكانت المفوضية الأوروبية اقترحت في سبتمبر 2020 ما أطلق عليه "اتفاقية الهجرة واللجوء" في أوروبا، وذلك بعدما تبين في 2015/2016 أن النظام الساري، والتوزيع الإلزامي للمهاجرين بين الدول الأعضاء، لم يفلح. وثمة قضية رئيسية أخرى، تتتمثل في إعادة المهاجرين إلى أوطانهم، دون حق البقاء، وقد ناقش وزراء داخلية الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي هذه المسألة الأسبوع الماضي، ومن المرجح أن يتواصل النقاش بشأنها خلال القمة الأوروبية. وفي 26 يناير الماضي، كتبت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، خطابا لزعماء الاتحاد الأوروبي، قدمت فيه مقترحاتها لضمان نجاح سياسة مواجهة الهجرة على المدى القصير. وشددت فون دير لاين، ضمن أمور أخرى، على حماية الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي، وتسريع وتيرة عمليات الترحيل، والتسجيل الكامل للمهاجرين الذين يصلون إلى التكتل.