ثنى رئيس حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا عبد الحميد الدبيبة، اليوم السبت، على عمق العلاقة التي تربط ليبيا بإيطاليا، مدعومة بالعوامل الجغرافية للبلدين الجارين. وفي مؤتمر صحفي مشترك مع رئيسة الحكومة الإيطالية، جورجا ميلوني التي تزور ليبيا، اليوم السبت، رفقة وفد رفيع المستوى، أشار الدبيبة إلى أن هذه الزيارة "تعبير واضح عن عمق صداقة الشعبين، وحرص إيطاليا على مساندة الشعب الليبي في هذه المرحلة الحاسمة من تاريخ بلاده". كما عبر الدبيبة عن تقديره للجهود الدبلوماسية التي تقودها إيطاليا داخل الاتحاد الأوروبي واتصالاتها المكثفة مع دول جوار ليبيا والأطراف الدولية ذات العلاقة، من أجل الحفاظ على الإجماع الدولي والإقليمي الذي يهدف لاستقرار وإنهاء المرحلة الانتقالية عبر انتخابات وطنية نزيهة وشاملة. وأفاد الدبيبة بأن الطرفين ناقشا القضايا ذات الاهتمام المشترك، وفرص تطوير التعاون في مجال الطاقة والهجرة غير الشرعية والتعاون الاقتصادي، فضلا عن تنسيق المواقف السياسية بينهما، معبرا في ذات الوقت عن دعمه لجهود البعثة الأممية والمبعوث الخاص، عبدالله باتيلي. وقال الدبيبة: "اليوم نرى موقفا إيطاليا واضحا يضع على سلم أولوياته تأمين الأوضاع في البحر المتوسط وخفض التوتر. وقد أكدنا على قدرة إيطاليا في العمل بهذا الاتجاه، خاصة بعد جهودها في تقريب وجهات النظر بين الدول المعنية بدعم السلام في ليبيا". وأضاف: "لقد اتفقنا على أهمية أن يكون للجوانب الفنية والمهنية المشتركة الفرصة والوقت لمناقشة كافة التفاصيل الخاصة بالاتفاقيات المبرمة بين البلدين، سواء معاهدة الصداقة الموقعة سنة 2008، أو اتفاقية سنة 2017، وتناقشنا اليوم حول جملة من التدابير الجديدة المتعلقة بالهجرة غير الشرعية وتطوير التعاون في مجال الطاقة. ونشعر بارتياح لقدرة الجانبين على تطوير البرامج التنفيذية التي تعودة بالفائدة على الشعبين". واعتبر الدبيبة أن زيارة الوفد الإيطالي رفيع المستوى "تؤكد جدية شركاء الشعب الليبي في الحفاظ على سلمية العملية السياسية، ومنع عودة الحرب بين الليبيين، من خلال دعمهم لمسار الانتخابات، والتقدم في مسارات التنمية والبناء والتعاون الاقتصادي"، موضحا أن توقيع اتفاقية استثمار في مجال الغاز بين مؤسسة النفط الليبية وشركة إيني الإيطالية "تتويج لهذه الزيارة"، هذا بالإضافة لمذكرة تفاهم بين وزيري الداخلية في البلدين بشأن دعم ليبيا بخمسة زوارق مجهزة في مجال البحث والإنقاذ. من جهتها، عبرت رئيسة الحكومة الإيطالية عن أمنياتها بأن تتجه ليبيا سريعا لتنظيم انتخابات وطنية، وأن يتم ترجمة هذا الالتزام في أعمال ملموسة في إطار خطة الأممالمتحدة، مؤكدة أن التعاون الإيطالي "سيعمل على تحسين الأوضاع في المنطقة". وقالت ميلوني خلال المؤتمر: "إيطاليا مدعوة للقيام بدورها، وخاصة مع ملامح وحدة أكثر لدى المجتمع الدولي بما يخص الملف الليبي من أجل تفادي خطر عمل بعض التأثيرات الخارجية على زعزعة الوضع بدل تشجيعه"، معتبرة أن ليبيا بالنسبة للإيطاليين "شريك اقتصادي استراتيجي بشكل مطلق". وأكدت ميلوني النوايا الإيطالية لاستكمال تنفيذ معاهدة الصداقة الليبية الإيطالية الموقعة سنة 2008، ومنها إنهاء الطريق السريع الرابط بين شرق وغرب ليبيا، وإعادة بناء مطار طرابلس العالمي، مضيفة : "نود أن نبدأ في الأعمال بأسرع ما يمكن في مطار طرابلس، وهذا يقودها لرجوع الرحلات المباشرة بين البلدين، كشرط أساسي للربط بينهما. وقد تحدثنا عن كيفية تجاوز الصعوبات والعراقيل التي كانت موجودة في الماضي والبدء في العمل". وشددت ميلوني على كون التعاون بخصوص التدفقات غير الشرعية من المهاجرين "شيء أساسي" وذكرت بأن جهود البلدين في هذا الاتجاه لم تمنع من ارتفاع أرقام المهاجرين المتجهين من ليبيا إلى إيطاليا بنسبة 50% خلال العام الماضي، مؤكدة على ضرورة تكثيف الجهود في مكافحة الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر، مع ضمان التعامل الإنساني مع المهاجرين. وتابعت: "نحن في هذا الصدد مصرون على تأكيد دعمنا للسلطات الليبية في إدارة هذه تدفقات المهاجرين وتقديم المساندة للمجتمعات المحلية. ولدينا صندوق للهجرة، ولكننا نعتقد أننا نستطيع القيام بأكثر من ذلك، وقد تحدثنا عن إمكانية تقوية الأدوات لمواجهة الهجرة غير الشرعية". وفي هذا الشأن أيضا، تطرقت ميلوني لتبني مذكرة تفاهم موقعة بين وزيري الداخلية بالبلدين اليوم تهدف لتقوية الإمكانيات، والتعاون مع السلطات الليبية في ما يخص خفر السواحل. كما تطرقت رئيسة الحكومة الإيطالية لتعاون البلدين في مجال الطاقة، معتبرة هذا الملف "أحد ركائز الاستقرار". واستحضرت ميلوني مسيرة شركة إيني في ليبيا منذ عام 1959، ومساهمتها في تاريخ وتطور ليبيا، وفق قولها، وعلقت: "اليوم بفضل خط غاز جرين ستريم نحن نتقاسم أهدافا أساسية تساهم في تعدد مصادر الطاقة. ولهذا فإن توقيع اتفاقية بين مؤسسة النفط الليبية وشركة إيني خطوة مهمة في التعاون الطويل والمثمر ببن البلدين. وضمن هذه الصورة، اعتبرت ميلوني ليبيا "شريكا أساسيا، متوقعة أن تزيد هذه المبادرات من الاعتماد على إيطاليا في مسألة الاستقرار السياسي الليبي، والتوجه إلى الانتخابات في زمن قصير، فضلا عن دعم الاقتصاد الليبي والبنية التحتية والاستثمارات، وخطة التعاون بين البلدين.