تقدم وسائل التواصل الاجتماعي صور مختلفة للناس ويظهر أغلبهم ببشرة نضرة وأجسام متناسقة ومثالية، وتركز كثير من الأبحاث على تأثيرات هذه الصور التي تبدو جميلة على نظرة النساء لذواتهن ولكن هل يتأثر الرجال أيضاً بصور الرجال ذوي العضلات والأجساد المثالية؟ وجد التحليل الكمي لعام 2020 للصور التي نشرها الرجال على انستجرام، والذي أجراه توماس جولتزوف، أستاذ مساعد في قسم علم النفس الاجتماعي بجامعة ماستيريخت، أن معظم منشورات الصور في العينة التي أجرى عليها التحليل تصور عضلات بارزة وكتلة جسم نحيفة، وفي بحث آخر تعتبر اللياقة البدنية الخالية من الدهون والمليئة بالعضلات غالباً " مثالية للذكور"، ويعتقد كثير من الرجال المعاصرين أن العضلات مرادفة للذكورة، بحسب موقع سيكولوجي توداي".
قال لورين سوريرو، خبير أمريكي في علم النفس الإكلينيكي: "هذه التوقعات المشوهة لها تأثير أكبر من مجرد المساهمة في انتشار الصور للرجال بدون ملابس في النصف العلوي من جسدهم على وسائل التواصل الاجتماعي لأن مثل هذه المعتقدات والمواقف تشوه فهم الذات وممكن أن تخلق اضطرابًا في صورة الجسد أو ما يسمى بالتشوه العضلي، وهي حالة يصبح فيها المصابون مقتنعين بشكل لا رجعة فيه بأن أجسادهم صغيرة جدًا أو نحيفة جدًا".
وذكر لورين، في مقاله، أنه يبدو أن وسائل التواصل الاجتماعي تساهم في هذا الاضطراب وغيره من اضطرابات صورة الجسد أيضًا: حيث تُظهر الأبحاث أن الرجال يشعرون بالسوء حيال مظهرهم الجسدي بعد التقاط هذا النوع من الصور المثالية ذات العضلات المفرطة الموجودة عادةً على منصات مثل إنستجرام، يمكن أن تقلل مخاوف صورة الجسد من احترام الرجال لأنفسهم وثقتهم ورضاهم العام عن الحياة.
وأشار إلى إحصائيات حول رضى الرجال عن مظهر أجسامهم، حيث قال: "في حين أن ما يصل إلى 40% من الرجال الأمريكيين قلقون بشأن وزنهم، يشعر ما يصل إلى ثلاثة من كل عشرة رجال في إنجلترا بنفس الشعور، وما يصل إلى 85% من الرجال في فرنسا ليسوا سعداء بأجسادهم، معتقدين أنهم ليس لديهم عضلات كافية، وفقًا لمجلة صحة الرجل ووفقًا لمسح مؤسسة الصحة العقلية في المملكة المتحدة اعترف أكثر من 20% من الرجال الإنجليز بأنهم حاولوا ارتداء ملابس تخفي أجزاءً من أجسادهم في عام 2019، كان لدى 11% من الرجال الإنجليز الذين شملهم الاستطلاع أفكار انتحارية تُعزى إلى صورة الجسم السلبية حتى أن 4% قالوا إنهم حاولوا بالفعل إيذاء أنفسهم لهذا السبب.
على مدار وباء كوفيد 19 ربما أدت المخاوف المتعلقة بالصحة إلى تفاقم مشكلات صورة الجسد التي يعاني منها العديد من الرجال، حيث وجدت دراسة أجريت عام 2021 أن الضغوط الناجمة عن التباعد الاجتماعي أثناء الوباء كانت مرتبطة بارتفاع مستوى عدم رضا الذكور عن وزنهم وعضلاتهم.
لكن يجب التنويه أن العديد من الرجال لديهم تردد في التحدث عن هذه المشاكل مع عائلاتهم أو أصدقائهم، كما أشار مقال بحثي نُشر عام 2014 في مجلة BMJ Open بسبب شعورهم السلبي تجاه حجم جسدهم، فقد يظلون صامتين خوفًا من أن يؤدي التعبير عن هذه المشاعر إلى جعلهم يبدون أقل رجولة.