نشرت المجلة الأكاديمية Personality and Individual Differences ورقة بحثية حديثة حول تطور شخصية الفرد ما بعد الصدمة، والصدمة النفسية تكون ناتجة عن أنواع مختلفة من التجارب المؤلمة، مثل الاعتداء الجنسي أو الجسدي، التعرض لكارثة موت أو فقدان شخص، أو انفصال أو عنف منزلي وغير ذلك. يقول إراش إمام زادة، باحث أكاديمي في جامعة كولومبيا ومتخصص في علم النفس الإكلينيكي، إن الصدمة تميل إلى التأثير على الافتراضات والأفكار الأساسية التي تسمى المعتقدات الخاصة بنا، لذلك قد تعيش ضحية الاعتداء التي تعرضت لصدمة نفسية حياة مخيفة للغاية وحذرة ومقيدة، بحسب موقع "سيكولوجي توداي" للصحة النفسية. ولكن يقول زادة إن آثار الصدمة ليست دائما سلبية، وعدد كبير من الناجين -بما في ذلك الأشخاص الذين تم تشخيصهم باضطراب ما بعد الصدمة PTSD- تتولد لديهم القدرة على التطور ما بعد الصدمة، الذي يشير إلى تغييرات إيجابية بعد الحدث، مثل زيادة التعاطف والامتنان، وإيمان أقوى، وتقدير أعمق للحياة، وعلاقات أكثر جدوى، لكن الاستهلاك الذي يشير إلى الجمود النفسي وعدم القدرة على التجاوز شائع أيضًا. كان هدف الدراسة التي أجريت، هو التنبؤ بوقت حدوث النمو اللاحق للصدمة، حيث افترض المؤلفون أنه للتنبؤ بنمو ما بعد الصدمة يجب أن نركز على عمليتين معرفيتين تسمى التكيف والاستيعاب. يحدث التكيف عندما تنتهك الصدمة معتقدات المرء الأساسية، ومن الأمثلة على ذلك الاغتصاب أو الخيانة الزوجية التي تنتهك إيمان الضحية بصلاح الناس، أما الاستيعاب يحدث عندما تؤكد الصدمة المعتقدات الأساسية للفرد، على سبيل المثال التعرض لحادث سيارة مروع أو الإصابة بمرض نادر يؤكد ما يعتقده الضحية بالفعل أن الحياة لا يمكن التنبؤ بها، واعتمادًا على طبيعة الحادثة المؤلمة ومعتقدات الناجين قبل الصدمة، قد ينخرطون في أي من العمليات الإدراكية أو كليهما أو لا. افترض المؤلفون في دراستهم أيضًا، أن هذه العمليات العقلية لن تؤثر إلا على المعتقدات الأساسية إذا تم اعتبار الحدث الصادم شديدًا، لذلك اختبر الباحثون نموذجًا يتكون من 3 عوامل: التكيف والاستيعاب وشدة الصدمة. وتكونت العينة من 246 فرداً (70% إناث، 87% من جنسين مختلفين، 62% من ذوي البشرة البيضاء)، يبلغ متوسط العمر 23 عاما (من 18 إلى 52 عامًا)، 43% أعزب، من بينهم 15% تعرضوا للخيانة. ذكر العديد من المشاركين، أن التعرض للغش كان مؤلمًا للغاية وصدمة، لم يذكر معظمهم أنهم شعروا بالخيانة والصدمة نتيجة تعرضهم للغش فحسب، بل سجل نصفهم أيضا أعلى من الحد الفاصل لاضطراب ما بعد الصدمة المحتمل. وأشار العلماء إلى أن لكي يتم تحديد ما إذا كانت الصدمة قد تحفز النمو النفسي، نحتاج إلى معرفة ما إذا كانت الصدمة تنتهك المعتقدات الأساسية الإيجابية، وفي هذه اللحظة يجب مراجعتها وإعادة فهمها من جديد، وعندما تنجح عملية الفهم الكامل لجوانب هذه المراجعة يستطيع الفرد أن يصل إلى التطور أو النمو ما بعد الصدمة. يعد تسهيل النمو اللاحق للصدمة أمرًا مهمًا لأن البديل هو الاستمرار في حالة التعلق، ويعاني الفرد من فرط اليقظة والعزلة الاجتماعية وذكريات الماضي والتجنب والضعف الإدراكي وأعراض الحالة المزاجية السلبية، ويمكن أن تساعد العلاجات السلوكية المعرفية الأشخاص على التعافي، على سبيل المثال يستكشف CPT "المعالجة المعرفية" الطرق العديدة التي ربما انتهكت بها الصدمة أو أكدت المعتقدات الأساسية للشخص ويساعد المرضى على تحدي المعتقدات غير الصحية واستبدالها بأخرى صحية.