تدعم الحكومة الألمانية أوكرانيا بطرق مختلفة في مواجهة روسيا. ورغم تعدد سبل الدعم، تصر أوكرانيا على طلبها بالحصول على دبابات من طراز "ليوبارد2" ألمانية الصنع، التي يراها كثير من الخبراء العسكريين أفضل دبابة قتالية بالعالم. وفي مقابلة مع وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) أوضح السفير الأوكراني في ألمانيا، أوليكسي ماكييف، السبب وراء طلب أوكرانيا لتوريد هذه الدبابات منذ بداية الحرب الروسية، وأشار إلى أنه لم يعد هناك وقت للنقاش، وأكد ضرورة اتخاذ قرار سريع بهذا الشأن. وناشد ماكييف في تصريحاته ل(د.ب.أ) الحكومة الاتحادية ضرورة تزويد بلاده بدبابات من طراز "ليوبارد2" بشكل سريع، وقال: "الأسلحة والدبابات الألمانية ضرورية للبقاء على قيد الحياة"، وذلك قبل المفاوضات المزمعة بين الحلفاء الغربيين بشأن مواصلة إمدادات الأسلحة لأوكرانيا. يشار إلى أن وزراء دفاع الحلفاء الغربيين لأوكرانيا سوف يتشاورون يوم الجمعة القادم في قاعدة رامشتاين الجوية الأمريكية بولاية راينلاند-بفالتس بغرب ألمانيا، بشأن مواصلة الدعم العسكري لأوكرانيا. وتعتزم بريطانيا تسليم بعض دباباتها القتالية الرئيسية من طراز تشالنجر للقوات الأوكرانية. وأعلنت كل من بولندا وفنلندا موافقتها على توريد دبابات ليوبارد إلى أوكرانيا. ولكن الحكومة الاتحادية لم تتخذ موقفا تجاه ذلك حتى الآن. ولم تورد أي دولة حتى الآن دبابات غربية الصنع إلى أوكرانيا. وأكد السفير الأوكراني في برلين أهمية الدبابات الألمانية بالنسبة لبلاده، وقال إنه دون دبابات "ليوبارد" لن تكون استعادة مناطق أخرى تم احتلالها من جانب روسيا ممكنة، وأوضح أن هذه الدبابات تندرج ضمن أهم أدوات التحرير، وقال: "لدينا وقت محدود للغاية للنقاش. ونتوقع أن يفهم حلفاؤنا ذلك أيضا ويتصرفوا بشكل سليم". وردا على سؤال عن تصوره عما كان سيكون الوضع عليه حاليا، إذا ما كان تم توريد هذه الدبابات من قبل، قال ماكييف: "إننا نعلم بالفعل منذ عام أن أي سلاح غربي الصنع وأية مساعدة عسكرية سوف تسهم في الحد من مقتل مدنيين وكذلك جنديات وجنود". وأضاف أن توريد الأسلحة سينقذ حياة أشخاص، مضيفا أنه يقول دائما إن توريد "أسلحة ألمانية سينقذ حياة" أشخاص. وتابع: "الأنظمة الألمانية المضادة للطائرات تساعدنا على مواجهة الصواريخ والدبابات الألمانية سوف تساعدنا على تحرير بعض الأراضي. والفظائع التي ترتكبها قوات روسية هناك سوف تتراجع". وأعرب السفير الأوكراني عن تفضيله لإجراء مباحثات مع الحكومة الاتحادية خلف الأبواب المغلقة، وذلك ردا على سؤال عن تفسيره لتردد الحكومة الاتحادية لفترة طويلة بشأن توريد الدبابات. وأضاف ماكييف: "يمكنني فقط قول إن الأسلحة الألمانية والدبابات الألمانية ضرورية للبقاء على قيد الحياة. دون مساعدة ألمانية، ومساعدة غربية، لم يكن بمقدورنا التصدي للقوات الروسية. لذا نحن ممتنون لهذه المساعدة. ولهذا السبب نعتمد على أسلحة غربية الصنع من أجل الفوز في هذه الحرب". وفي إشارة إلى معارضي توريدات هذه الدبابات إلى أوكرانيا لأنهم يرون أن ألمانيا ستصير بذلك شريكا بالحرب، قال ماكييف: "الوحيدون الذين يخوضون هذه الحرب ويخاطرون بحياتهم كل يوم، وتراق دماؤهم، هم الأوكرانيون. وسوف نواصل القيام بذلك-نيابة عن جميع الحلفاء- هناك مصطلح باللغة الألمانية لذلك، هو الحرب بالوكالة. نعم، إننا ننوب عن العالم بأسره هناك". وأضاف السفير الأوكراني بألمانيا: "روسيا تخوض حربا ليست ضد أوكرانيا فحسب، ولكن ضد أوروبا وضد العالم المدني الديمقراطي بأسره. ونقف نحن الأوكرانيون في الجبهة في هذه الحرب. ولا نطلب جنودا ألمانا أو جنودا أمريكيين، ولكن نطلب أسلحة. فلتعطونا هذه الأسلحة من فضلكم كي يمكننا حماية أنفسنا وتحرير أراضينا". وردا على سؤال عمّا سيكون المطلب التالي لأوكرانيا، إذا تم توريد الدبابات، قال ماكييف إن هناك مباحثات بشأن توريد طائرات قتالية ، لأنها ستسهم أيضا في الحفاظ على السيادة الجوية، وقال: "طائراتنا اعترضت كثيرا من الصواريخ الموجهة الروسية". أما عن السفن الحربية، فأشار السفير الأوكراني إلى أنها ليست على رأس قائمة الأولويات في الوقت الحالي، حتى وإن كانت روسيا تغلق موانئ أوكرانية، الأمر الذي يجعل من غير الممكن توريد حبوب أوكرانية إلى دول في أفريقيا وآسيا. وعن إمكانية المفاوضات قال السفير الأوكراني بألمانيا: "لا أعرف سياسيا نجح في التفاوض مع روسيا خلال العشرة أعوام الأخيرة ولم يفقد خلال ذلك أراض. لم أسمع اقتراحا ملموسا من أولئك الذي يعولون على مفاوضات السلام. ماذا ستكون استراتيجية التفاوض؟ ومن يمكن أن يشارك في المفاوضات؟ وما هو اقتراح التفاوض؟". وتابع: "رئيسنا (فولوديمير زيلينسكي) أعلن بوضوح شروط وأهداف مفاوضات السلام قبل عدة أشهر، وعرض في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي خطة مكوّنة من عشر نقاط نسعى حاليا لكسب شركاء لأجلها. وموقفنا واضح، وهو: أن إجراء مفاوضات سلام يجب أن يؤدي إلى أن تنسحب روسيا من أوكرانيا وأن يتم إدانة مجرمي الحرب وأن تدفع روسيا مقابل أية خسائر وألا يمكن لأي حرب روسية جديدة أن تهدد السلام العالمي مرة أخرى". ولدى سؤاله عما إذا كان يقصد بالانسحاب، أن يشمل شبه جزيرة القرم أيضا، قال ماكييف: "بالطبع. هذه أراض أوكرانية". وردا على سؤال عمّا إذا كان يرى بعد عام تقريبا من بدء الحرب الروسية أن ألمانيا قد تولت دورا قياديا في دعم أوكرانيا، قال السفير الأوكراني: "نعم في كثير من الأشياء. فلتنظر إلى حجم المساعدات العسكرية والمساعدات المالية داخل الاتحاد الأوروبي. ولتنظر إلى القائمة الطويلة من الأسلحة التي تم توريدها إلى أوكرانيا وإلى دور ألمانيا في عام 2022 بصفتها رئيسا لمجموعة الدول الصناعية الكبرى السبع بالعالم (جي 7). هذا الدور القيادي موجود. ونتوقع الآن أن تتولى ألمانيا هذا الدور القيادي أيضا في مسألة الدبابات. ليوبارد2 هي أفضل دبابة بالنسبة لأوكرانيا". وعلى خلفية زيارة الرئيس الأوكراني لواشنطن قبل عدة أسابيع، تم سؤال ماكييف إذا ما كان يتصور أن يأتي رئيس بلاده إلى برلين هذا العام، وأجاب على ذلك قائلا: "سفر الرئيس (الأوكراني) خارج البلاد يعد استثناء. وهذا الاستثناء يجب أن يستحق. أعلم أن رئيسي سوف يود بشدة القدوم إلى برلين إذا كان ذلك سيسفر عن تحقيق تقدم مهم في المساعدات لأوكرانيا". يذكر أن ماكييف تولى منصب السفير الأوكراني ببرلين في أكتوبر الماضي، ليكون خليفة بذلك لأندريه ميلنيك الذي كان قد تولى هذا المنصب ببرلين لقرابة ثمانية أعوام. وعلى العكس من ميلنيك الذي كان يعوّل على أقصى درجات الضغط في مساعيه لطلب دعم عسكري من ألمانيا لبلاده، يحاول ماكييف (46 عاما) والذي يعمل في الحقل الدبلوماسي منذ 26 عاما، العودة حاليا إلى الطريقة الدبلوماسية الكلاسيكية في العمل لأجل ذلك.