بهاء الدين: الدولة استجابت للعديد من الملاحظات والمقترحات في النسخة النهائية من الوثيقة كوجك: نطاق سريان الوثيقة تحدد بشكل أكثر دقة واستعرضنا تجارب دولية عدة سليمان: الصندوق السيادي يدعم دمج القطاع الخاص في استثمارات القطاعات الجديدة عُقد اليوم، مؤتمر الجوانب القانونية والرقابية لوثيقة سياسة ملكية الدولة الذي نظمته شركة طيبة للاستشارات بالتعاون مع 14 من كبرى مكاتب المحاماة والاستشارات القانونية في مصر، وذلك بحضور جمع كبير من الخبراء القانونيين والمسئولين التنفيذيين المهتمين بالنقاش حول الوثيقة وآثارها على المشهد الاقتصادي وملف جذب الاستثمار الأجنبي والمحلي. في مستهل المؤتمر قال د. زياد بهاء الدين، نائب رئيس الوزراء ووزير التعاون الدولي الأسبق ورئيس المؤتمر، إن الوثيقة وضعت قواعد وأطر جديدة لتحديد دور الدولة في الاقتصاد، وأنها في شكلها الأخير عبرت عن استجابة الدولة للعديد من الملاحظات والمقترحات المهمة التي أبديت خلال فترة الحوار المجتمعي المتخصص حولها، وأن المؤتمر لا يهدف فقط لمناقشة كيفية تطبيق الوثيقة، بل أيضا إلى إيجاد مساحة للحوار حول قانون الأعمال في مصر من منظوره الواسع. وألقى أحمد كوجك، نائب وزير المالية والمتحدث باسم الوثيقة، كلمة أكد فيها أن الحوار الذي دار حول المسودات المتتابعة نتج عنه العديد من التغيرات الإيجابية في الوثيقة، والتي اختارت لها الحكومة شكل الوثيقة السياسية وليس في شكل قانون أو قرار باعتبارها وثيقة حية قابلة للتعديل والتطور بالتجريب والتطبيق وامتداد الحوار المجتمعي بصفة دائمة بين ذوي الشأن، وأن الحكومة اختارت هذا الاتجاه بعد استعراض تجارب دولية عديدة. وأضاف أن الوثيقة ليست الهدف النهائي لسياسة ملكية الدولة الجديدة، بل تغطي فقط فترة من 3 إلى 5 سنوات، وأنها حددت نطاق سريانها بشكل أكثر دقة وتفصيلا من المسودات السابقة التي ظهرت منذ مايو الماضي. ومن جهته؛ أكد أيمن سليمان، الرئيس التنفيذي لصندوق مصر السيادي، على الدعم المطلق من الصندوق لاندماج القطاع الخاص في استثمارات جديدة على مستوى قطاعات الدولة المختلفة وبالأخص القطاعات الجديدة التي تسلط وثيقة ملكية الدولة الضوء عليها لتعظيم الاستفادة منها على المستوى القومي. وأضاف سليمان في كلمته أن الصندوق يعمل على استخلاص الفرص الاستثمارية للقطاع الخاص ويتواصل بشكل منفتح مع الدولة لتحفيز الاستثمارات في مختلف القطاعات، مشددا على أن الحوكمة والإعداد القانوني المنضبط والكامل لعقود التخارج أو الخصخصة أو الشراكة مع القطاع الخاص بمختلف صوره ستحمي الدولة من أي آثار سلبية تتخوف منها كالتحكيم الدولي والتعويضات، مشيرا أيضا إلى أهمية المحفزات التشريعية للبورصة المصرية لاجتذاب المستثمرين. وشهد المؤتمر عقد 4 ندوات نقاشية، كانت أولها عن الخصخصة وآلياتها القانونية، أدارها المحامي سعيد حنفي، وخلالها تحدث المحامي ياسر هاشم والمحامي عبدالجواد. وقال هاشم إنه كان يفضل صدور الوثيقة في شكل قرار من رئيس الوزراء ليأخذ طبيعة إلزامية وحجية قانونية وفي الوقت ذاته يسهل تعديلها، مشيرا إلى أهمية اتباع أشكال جديدة ومرنة من التعاقد والشراكة مع القطاع الخاص وإزالة القيود على استغلال العقارات التابعة للكيانات محل التخارج، موضحا أن بعض الطروحات الحكومية لا تحقق الفائدة المرجوة منها وهي جذب الاستثمار الأجنبي بسبب تقدم جهات حكومية مصرية لها فقط. بينما قال عبدالجواد إنه يتوجب ضمان كفاءة وحياد الأجهزة الحكومية وعدم ترتيب التزامات إضافية غير محسوبة على المستثمر بعد إتمام التخارج، مقترحا الاستعانة بشركات خاصة على حساب المستثمر لإتمام العمليات الفنية التخصصية، وضرورة حسم ملف الضرائب المتأخرة على الكيانات المتخارج منها. ثم ناقشت الندوة الثانية نظم الشراكة بين القطاعين العام والخاص وأدارها المحامي محمد الأهواني، وتحدث فيها المحامي زياد جادالله والمحامي محمد هزاع. أعرب جادالله عن تفضيله لتجنب مركزية القرار بالنسبة لعقود الشراكة بناء على قانون الشراكة المعدل مؤخرا، وذلك بهدف تسريع الإجراءات، مع ضرورة تحلي الجهات التنفيذية بشفافية كاملة وإتاحة جميع المعلومات التي تحقق للقطاع الخاص الدراية الكاملة بظروف المشروع محل التعاقد والشروط القانونية المرتبطة به. فيما قال هزاع إن تعديلات قانون الشراكة الأخيرة محمودة وتسهل عمليات الترسية سواء بالتعاقد المباشر أو بالمبادرة الخاصة من القطاع الخاص أو من خلال التأهيل المجمع لعدد من المشروعات، متوقعا أن تنتشر تعاقدات الشراكة أكثر من الماضي في القطاعات التي ليست لها قوانين منح التزام. كما أفرد المؤتمر ندوة لحماية المنافسة وأثر قانونها على العلاقة بين القطاع الخاص والدولة، أدارتها المحامية هبة رسلان، وتحدث فيها د. خالد عطية والمحامي يحيى شاهين. وأكد عطية على أهمية النظر لوجود الدولة في النشاط الاقتصادي كوسيلة بتحقيق غايات اجتماعية واقتصادية بشكل مؤقت وبدون مزاحمة للقطاع الخاص، مشددا على المبادئ التوجيهية المذكورة في الوثيقة بشأن المعاملة المتكافئة والحياد التنافسي، طارحا في نفس الوقت تساؤلات حول بعض المصطلحات ووضع الهيئات الاقتصادية نظرا لعدم جواز وضعها على نفس مستوى الشركات، وغموض ما وصفته الوثيقة ب"الحياد الضريبي" نظرا لما تتمتع به العديد من أصول الدولة من معاملة ضريبية خاصة. فيما قال شاهين إن جهاز حماية المنافسة له دوره الفعال في العمل الرقابي منذ نشأته، وأن التعديل التشريعي الأخير يمنحه سلطات كافية للرقابة على الاستحواذات والدمج (التركز الاقتصادي) لكن قانونه مازال يستدعي التعديل لتطوير أدواته، منبها إلى أن قلة عدد الكوادر والعاملين بالجهاز قد لا تتسق مع ما تتطلبه الوثيقة من توسيع لدوره. أما الندوة الرابعة فانعقدت حول فض منازعات الاستثمار، أدارها المحامي جمال أبوعلي، وتحدث فيها المحامي حازم رزقانة والمحامي جرجس عبدالشهيد. قال رزقانة إنه يتوجب على الدولة العمل على خلق حالة من اليقين القانوني للمستثمر في التعامل مع الكيانات محل التخارج، والإشراف القانوني الجيد على التعاقدات بصورة تضمن عدم نشوب نزاعات، نظرا لتخوف الحكومة الدائم من مسألة التحكيم الدولي مما دفعها في الماضي لوضع قيود مشددة على مشارطة التحكيم والوساطة، متسائلا عن سبل فض النزاعات الخاصة بتعاقدات الصندوق السيادي وصور المال العام المختلفة في الوثيقة. وفي سياق قريب أوضح عبدالشهيد أن التحكيم يمثل إزعاجا كبيرا للدولة ولكن عليها التعامل مع الأمر بشكل إيجابي من خلال توخي الحياد التنافسي الذي يقي مستقبلا من الوصول للتحكيم، واستحداث تنظيم للمحاكم المصرية يسمح بفض منازعات الاستثمار بشكل سريع ومُرضٍ، واستحداث نظام قانوني للوساطة يلبي طموحات القطاع الخاص. وفي الختام؛ أعلن د. زياد بهاء الدين أن المؤتمر ستصدر عنه ورقة تتضمن أهم الملاحظات والتوصيات المتفق عليها من المشاركين بشأن وثيقة سياسة ملكية الدولة، من خلال اقتراح التعديلات التشريعية على القوانين واللوائح المؤثرة على تطبيق الوثيقة، وتلك التي تستدعي الوثيقة إعادة النظر فيها، مشيرا إلى أهمية التباحث حول مقترحات تعديل التشريعات الخاصة بمناخ الأعمال عموما.