عندما كتب الأردنى جمال ناجى روايته «عندما تشيخ الذئاب» كان هاجسه الأول هو طرق أبواب موصدة يكمن وراءها الكثير من الفساد،وراح فى سرد رشيق يتنقل عن طريق أبطاله بين التجاوزات والممارسات السياسية والدينية والاجتماعية الشاذة فى مدينة عمّان، ليكتشف القارئ فى النهاية أنه كان فى حضرة عدد من الذئاب البشرية الشرسة لا أبطال رواية عاديين. حيث دأبوا على مدار الرواية على بذل جميع السبل غير الشرعية من أجل تحقيق أهدافهم وطموحاتهم، ومع اقتراب النهاية استطاع جمال ناجى أن يُحدث نقلة شعورية جارفة بأن ينقل القارئ من مقعد الناقمين على هؤلاء الذئاب إلى مقعد آخر على النقيض وهو مقعد المتعاطفين، لاسيما وهم يشهدون على نهاياتهم المأساوية البائسة. لا يُصنف جمال ناجى ضمن كُتاب الرواية وحسب، فقد تنوعت أعماله الأدبية ما بين الرواية والقصة القصيرة، وإن كان استهل مشروعه بكتابة الرواية، وحصاده حتى الآن ست روايات آخرها «عندما تشيخ الذئاب» التى صدرت عام 2008، وأولها «الطريق إلى بلحارث» 1982، و«وقت» 1984، و«مخلفات الزوابع الأخيرة» 1988، و«الحياة على ذمة الموت» 1993، و«ليلة الريش» 2004، وثلاث مجموعات قصصية هى «رجل خالى الذهن» 1989، و«رجل بلا تفاصيل» 1994، و«ما جرى يوم الخميس» 2006. على الرغم من أن الإنتاج الأدبى لجمال ناجى لا يتسم بالغزارة من حيث الكم، إلا أن التنوع الذى يميز أعماله يجعل من تجربته تجربة ثرية تتنوع بها الأماكن والأزمنة والشخصيات، ففى روايته الأولى «الطريق إلى بلحارث»، التى حقق من خلالها نجاحا لافتا، تناول البيئة الصحراوية الجافة فى السعودية خلال الثمانينيات من القرن العشرين. فيما انتقل فى روايته الثانية «وقت» إلى المخيمات الفلسطينية فى فترة الخمسينيات والستينيات، ورصد عالم الغجر وطقوسهم وتعايشهم مع المجتمعات التى يحلّو إليها فى روايته «مخلفات الزوابع الأخيرة»، فيما استفزه أمر العولمة فنقل ذلك فى روايته الرابعة «الحياة على ذمة الموت»، وهو ما استكمله فى روايته الخامسة «ليلة الريش» التى تدور أحداثها داخل أوساط مالية واقتصادية من منظور نقد سلبيات العولمة. أما المجوعات القصصية فقد اعتبر النقاد أنها يمكن تصنيفها ضمن قصص الكشف فى الأعماق البشرية بأسلوب فريد يعتمد على المفارقات والنهايات غير المتوقعة، مختلفا فى ذلك عن التجربة الروائية التى تعتمد على «النبش» فى أرض الواقع.