يبدو أن المتناقضات هى التيمة الرئيسية التى لعب عليها الكاتب الأردنى جمال ناجى فى روايته «عندما تشيخ الذئاب» والتى صدرت أخيرا ضمن سلسلة إصدارات التفرغ الإبداعى بوزارة الثقافة الأردنية، ودخلت ضمن القائمة القصيرة لجائزة البوكر. فالرواية تتعرض إلى مشكلات الانغلاق التى تتعلق بقضايا الدين والجنس بالمجتمعات العربية، فى ظل المطالبة بالحريات السياسية المطلقة، وتطرح مسألة إفساد الحكومات لبعض المثقفين ودفعهم للتسابق إلى السلطة من خلال شخصية جبران الذى يتقلد منصبا مهما فى الدولة بعد أن كان مناضلا ينتمى إلى التيار اليسارى، فى حين يصطدم الاعتدال بالتطرف الذى تمثله إحدى الشخصيات المتدينة المتطرفة. الرواية عبارة عن خمسين فصلا قصيرا، تروى فيها كل شخصية حكايتها منفردة، وكلها حكايات تكشف السلبيات فى المجتمع، والذى يدارى الكثير من التجاوزات والممارسات غير السوية فيما يخص السياسة والدين والجنس، بينما يغالى نفس المجتمع فى إبراز الجوانب الإيجابية بهدف إخفاء السلبيات المسكوت عنها فى سلسلة القيم التى تنهار واحدة تلو الأخرى. وقد لاقى هذا العمل احتفاء الأوساط الثقافية والسياسية فى الأردن، وقال عنها رئيس الوزراء الأردنى الأسبق فيصل الفايز، حسب موقع أخبار الجزيرة فى إحدى حفلات التوقيع، «إنها تشكل انعطافة فى التجربة الروائية الأردنية بما فيها من دلالات وغوص فى الشخصية الأردنية الإنسانية»، مشيرا إلى أن الشعب الذى لا يوفر لمثقفيه سبل العيش لن يتذكره أو يذكره التاريخ، وأضاف «وجدت من خلال قراءتى أن شخوصها تتحرك فى أحياء متباينة، تنبض بالحياة وتعبر عن مرحلة من مراحل التحول فى مجتمعنا»، مؤكدا أنها عمل متميز يضاف لمسيرة أدبية حافلة. كما قالت الناقدة مريم جبر إنها تعد تمثيلا حقيقيا لسعى مؤلفها فى تجاوز الذات، والشكل الروائى معا، حيث برع المؤلف فى تجسيد تناقضات الذات الإنسانية وانفعالاتها ومواقفها إزاء الأحداث السياسية والمتغيرات الاجتماعية، واعتبرتها أكبر تحديث لشكل الرواية التقليدية، حيث يقدم الكاتب أحد أشكال الإدانة للسلوكيات والظواهر الاجتماعية التى مازالت تصر على قتل الروح وكسر القيم والتظاهر بالورع والقوة وتخفى قدرا مرعبا من الهشاشة والضعف أمام مغريات الحياة. جمال ناجى، صدرت أولى أعماله الروائية عام 1982 بعنوان «الطريق إلى بلحارث»، ثم تلتها أربع روايات تحت عناوين: «وقت 1984»، «مخلفات الزوابع الأخيرة 1988»، «الحياة على ذمة الموت 1993»، «ليلة الريش 2004»، كما صدرت له ثلاث مجموعات قصصية هى: «رجل خالى الذهن 1989»، «رجل بلا تفاصيل 1994»، «ما جرى يوم الخميس» 2006.