رمز القلم.. مرشحو مستقبل وطن على المقاعد الفردية بكفر الشيخ يتقدمون أوراقهم لانتخابات النواب 2025    وزير البترول يبحث مع سفيرة قبرص تعزيز التعاون في الغاز والتعدين    «مبني على تجارب».. ضياء رشوان: تخوف الفلسطينيين من عدم التزام إسرائيل في محله    وزير خارجية إيران ينفي لقاء ويتكوف    أكسيوس نقلا عن روبيو: لقاءات شرم الشيخ تسير في اتجاه إيجابي    أول تصريحات ييس توروب مدرب الأهلي الجديد.. ماذا قال؟    نتائج الجولة الثالثة من الدورة المجمعة الأولى لدوري المرتبط لكرة السلة للرجال    من كارتيرون إلى ياس سوروب.. مَن أفضل مدرب استقدمه الأهلي خلال عهد الخطيب؟ (تحليل بيانات)    أحمد موسى يشيد بأداء محمد صلاح: أحرز أجمل هدف في البطولة    إحالة قضية رئيس حي شرق الإسكندرية المتهم بالرشوة إلى محكمة الاستئناف مع حبسه    محكمة الجنايات: المؤبد لمتهم بجلب 6500 كيلو جرام مخدرات فى الإسكندرية    "من وحي التاريخ".. مسابقة أدبية للأطفال تطلقها وزارة الثقافة للمرة الأولى    عمر زهران يقدّم المؤتمر الصحفي لألبوم «تاريخي» للفنانة مي فاروق    بعد إصابة منى فاروق.. تعرف على أسباب واعراض شلل المعدة    رافينيا يواصل الغياب عن برشلونة أمام جيرونا    بحضور رئيس الاتحاد الدولي لكرة اليد.. استمرار فعاليات الدورة التدريبية للمدربين الأفارقة    الفريق أسامة ربيع يشهد تدشين القاطرتين عزم «3» و«4» بقوة شد 90 طنًا    نائب رئيس جامعة الإسكندرية يلتقى سفير باكستان بالقاهرة لبحث التعاون الأكاديمي والبحثي المشترك    كان بينتقم منهم.. ضبط المتهم بالتعدي على زوجته وحماته بالغربية    «تعليم المنيا» يكرم معلمي التربية الموسيقية الفائزين بمراكز متقدمة على مستوى الجمهورية    رسميًا.. جدول صرف مرتبات شهر أكتوبر 2025 للموظفين في مصر بعد بيان المالية    بعد إحالته للمحكمة.. محمد رمضان يطرح أغنيته «مابطلعش إلا أول» (فيديو)    شيرين عبدالوهاب.. أبرز محطات في حياة صاحبة «الوتر الحساس» بعيد ميلادها ال45    «أرواح في المدينة» تحتفل بذكرى انتصارات أكتوبر بالأوبرا    مواقيت الصلاة فى الشرقية اليوم الأربعاء 8102025    عضو «الشؤون الإسلامية»: أحمد عمر هاشم حج بيت الله لمدة 42 سنة متصلة وتوقف لهذا السبب    مانشستر سيتي يهنئ مرموش على صعود مصر لمونديال 2026    تنظيم قافلة طبية بجامعة السادات ضمن مبادرة حياة كريمة.. ومشروع تنموي جديد ب «كفر العشري»    عضو الجمعية المصرية للحساسية: الوقاية والالتزام بالتطعيم هما الدرع الأقوى لمواجهة فيروسات الشتاء    زاخاروفا: تزويد كييف بصواريخ توماهوك يهدد العلاقات الأمريكية الروسية بشدة    وزير الأمن القومي الإسرائيلي يمنع مؤتمرا للسلطة الفلسطينية في القدس الشرقية    شهر رجب يتكرر للمرة الثانية فى عام واحد ب 2025    مدرسة النيل بالأقصر تحتفل بانتصارات أكتوبر.. عروض فنية وتكريم أسر الشهداء.. صور    نوح: رفضنا الفطار فى رمضان ولقنا العدو درسًا فى معركة «العبيد»    تأجيل محاكمة 21 متهما بخلية "دعاة الفلاح" لجلسة 24 ديسمبر    دعوى أمام القضاء الإداري لوقف نشر صور متهمات وقاصرات جرائم الآداب    ندوة إرشادية للنهوض بمحصول القمح بالشرقية    نبيلة مكرم: التحالف الوطني نموذج فريد للحماية الاجتماعية على أرض الجيزة    نهضة بركان يتعرض لضربة قوية قبل مواجهة بيراميدز في السوبر الأفريقي    مقتل طفل وإصابة 3 أشخاص إثر تجدد خصومة بين طرفين في سوهاج    رحمة أحمد تنضم ل«نصيب»بطولة ياسمين صبري    فوز «العنانى» التاريخى    القبض على شخصين بسرقة متعلقات المواطنين في النزهة    أحمد عمر هاشم.. تعرف على أبرز 10 معلومات عن جهوده الدعوية    «نادية عمارة» تكشف الأسس الشرعية والاجتماعية لاختيار شريك الحياة    وزيرة التضامن تترأس اجتماع اللجنة العليا للأسر البديلة الكافلة    تكاثر السحب الممطرة على هذه المناطق.. الأرصاد الجوية تكشف حالة الطقس في القاهرة والمحافظات    وزارة الاتصالات: تنفيذ برنامج عالمى لأكاديمية إتش بى للابتكار فى مدارس WE    انطلاق برنامج مصر جميلة لاكتشاف المواهب الفنية والأدبية بالوادي الجديد    علاج 1928 مواطنا مجانا ضمن قافلة طبية بقرية في الشرقية    موقف عصام صاصا بعد اتهامه فى مشاجرة وصدور حكم بالحبس سنة مع إيقاف التنفيذ    عزاء الدكتور أحمد عمر هاشم اليوم بمسجد الشرطة بالتجمع الخامس بعد صلاة المغرب    الإحصاء: 36.8 % زيادة بقيمة المبالغ المودعة فى صندوق توفير البريد 2024 / 2025    وفد لبنانى يزور هيئة الاعتماد والرقابة للاطلاع على تجربة مصر بالإصلاح الصحى    «الشكاوى الحكومية» تتلقى 13.5 ألف شكوى واستغاثة صحية    القافلة ال46 تحمل آلاف الأطنان من المساعدات الإغاثية والإنسانية والغذائية إلى غزة    سعر الريال القطرى اليوم الأربعاء 8 أكتوبر 2025 فى بداية التعاملات    أكسيوس: ويتكوف وكوشنر يصلان شرم الشيخ للانضمام لمفاوضات إنهاء حرب غزة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أوروبا فى دوامة الغاز المسال
نشر في الشروق الجديد يوم 24 - 10 - 2022

من 41% إلى 7%، هبطت الواردات الأوروبية من الغاز الروسى، الذى تهدد موسكو بالوقف التام لإمداداته، حالة إقدام الأوروبيين على فرض حد أقصى لأسعاره. ورغم تنامى الواردات الغازية للقارة العجوز، عبر خطوط الأنابيب المنبعثة من أذربيجان، وشمال أفريقيا، والنرويج، فإنها تظل دون الحصة التى كانت توفرها روسيا. دهرا، تستغرق ترقية شبكة خطوط الأنابيب الأوروبية، حتى تصير مؤهلة لاستقبال واردات الغاز المسال من مصادر بديلة متنوعة. ولم يفلح التوافق الأوروبى بشأن خفض استهلاك الطاقة، خلال الشتاء المقبل بنسبة 15%، فى لجم الارتفاع الصاروخى لأسعار الغاز، التى تضاعفت مرات ثلاث، حتى تجاوزت 230 يورو لكل ميجاواط /ساعة. فى حين، يستبعد اختصاصيون، استقرار إمدادات الطاقة، وعودة أسعار الغاز فى أوروبا إلى طبيعتها، قبل بضع سنين.
وبينما يمضى الأوروبيون باتجاه التحرر التدريجى من واردات الغاز الروسية، توطئة لإدراك الاستقلال الطاقوى، بحلول عام 2030، يطل الغاز الطبيعى المسال، كبديل انتقالى حيوى. وبناءَ عليه، انبرت الدول الأوروبية فى تأهيل بنيتها التحتية الطاقوية، وإمكاناتها اللوجيستية، لمضاعفة وارداتها منه بنحو 52 مليار متر مكعب هذا العام. وتتوقع تقديرات وكالة الطاقة الدولية، ارتفاعا فى الطلب الأوروبى على الغاز الطبيعى المسال، من نحو 72 مليون طن سنويا عام 2021، إلى أكثر من110 ملايين طن، بحلول العام 2030.
إلى جانب قطر، واستراليا، ومصر، يعول الأوروبيون على الولايات المتحدة، كمصدر موثوق، لسد احتياجاتهم الغازية السائلة. خصوصا أنها بصدد التحول إلى أكبر مصدَر له عالميا، بحلول عام 2025، بسعة إنتاج تتجاوز 100مليون طن سنويا، إثر رفع متوسط صادراتها اليومية بنسبة 12٪، لتبلغ 11.2 مليار قدم مكعب خلال الأشهر الستة الماضية. وقد وجهت الولايات المتحدة 74%، من غازها الطبيعى المسال إلى أوروبا طوال الأشهر الأربعة الأولى من العام الجارى، مقارنة مع متوسط سنوى بلغ 34%، العام الماضى. إذ حصلت المملكة المتحدة، والاتحاد الأوروبى، على 71٪ من صادرات الغاز المسال الأمريكى، ليصبحا أكبر مستورد له، بعد تخطيهما المنافس الأسيوى، الذى كان يتقدم المستوردين فيما مضى.
علاوة على الأضرار البيئية الناجمة عن التوسع فى إنتاج واستعمال الغاز الطبيعى، يشكل سقف القدرة التشغيلية، تحديا أمام اضطلاع الولايات المتحدة بدور المخلص الطاقوى لأوروبا. فبغض النظر عن مزاحمة المستوردين الآسيويين، وبينما تعهد الرئيس، بايدن، فى مارس الماضى، بمضاعفة صادرات الغاز الطبيعى المسال إلى أوروبا، أفضى الانفجار، الذى زلزل منشأة «فريبورت» للغاز، بولاية تكساس،خلال يونيوالماضى،إلى تقليص تلك الصادرات. ورغم بلوغ القدرة التصديرية للغاز الطبيعى الأمريكى المسال، ذروتها عند 12 مليار قدم مكعب يوميا، قبل هذا الحادث، إلا أنها لم تعوض نقص الغاز الروسى للأوروبيين. فى الاثناء، يكابد المستهلكون وأصحاب المصانع الأمريكيون، معضلة ارتفاع الأسعار، الناجم عن تفاقم صادرات الغاز الطبيعى الأمريكى المسال، بما يُجهز على فائض المخزون الوطنى منه. حيث أبدت وكالة معلومات الطاقة الأمريكية، قلقها من انخفاض المخزونات الأمريكية بنسبة 12٪، عن المتوسط الذى كانت تبلغه فى ذات التوقيت، خلال السنوات الخمس المنقضية.
نظرا لاعتماد أوروبا على الغاز الروسى لسنين عددا، تعانى معظم بلدان القارة العجوز، عدم وجود بنية تحتية طاقوية مواتية، للتعاطى مع التدفقات الهائلة من الغاز المسال المستورد. ومن ثم، تظل اللوجيستيات أحد أبرز المعوقات أمام خطة فك الارتباط الطاقوى، بين روسيا وأوروبا. إذ تحتاج الأخيرة إلى حاويات وناقلات لاستقدام الغاز المسال القادم من خارج الديار. كما تنقصها مستودعات للاستقبال، ومنصات للإسالة، إضافة إلى محطات لإعادة تغويز الغاز المسال، ضمن عملية فنية كثيفة الطاقة ورأس المال. ويبقى الأوروبيون بحاجة إلى خطوط أنابيب لنقل الغاز المسال الجديد، بعد الانتهاء من تغويزه، تمهيدا لإعادة توزيعه فيما بينهم، وهو ما يتطلب فيضا من الأموال، والوقت، والتفاهمات بين الفرقاء الأوروبيين.
ومنذ اندلاع الحرب الروسية على أوكرانيا فى فبراير الماضى، هرعت دول الاتحاد الأوروبى إلى زيادة سعة محطات الغاز المسال لديها. خاصة بعدما أكدت السلطات فى إسبانيا، التى تمتلك وحدها ست محطات لاستقبال الغاز الطبيعى المسال وتغييزه، بما يجعلها أكبر مركز لتغييز الغاز المسال فى أوروبا، أن الزيادة الهائلة فى الواردات الأوروبية من الغاز الطبيعى المسال، تجاوزت قدرة منشآت الاستيراد على استقبال الناقلات القادمة. ومن ثم، أعلن الأوروبيون عن تدشين 24 مشروعا لبناء محطات دائمة جديدة. وريثما يتم إنجازها، بدأت ألمانيا تأجير وحدات عائمة، لتغويز الغاز المسال، ثم تخزينه. حيث وقعت، فى مايو الماضى، عقودا لاستئجار أربع وحدات تغويز عائمة، بسعة استيراد تتراوح ما بين 25 و 29 مليار متر مكعب سنويا. كما شرعت فى إقامة ثلاث دائمة. وخصصت هولندا 160 مليون يورو، لاستئجار وحدة تغويز عائمة، وأخرى لزيادة قدرة استيراد الغاز المسال فى ميناء إيمشافن، إلى ثمانية مليارات متر مكعب سنويا. فيما وافقت الحكومة الإسبانية على تشغيل محطة لإعادة التغويز، أوائل العام المقبل.
أما بخصوص المعضلة اللوجيستية، فقد حذرت صحيفة «بيلد» الألمانية، من احتمالات إخفاق خطة تأمين الغاز المسال كبديل عن الغاز الروسى، خلال فصل الشتاء، بواقع 13 مليار متر مكعب، جراء العجز الحاد فى سفن وحاويات النقل. خصوصا مع افتقار الأسطول التجارى الألمانى إلى ناقلات يمكنها الإبحار بشحنات الغاز المسال لمسافات طويلة. ففى حين لا يتخطى عدد الناقلات الضخمة المتاحة حول العالم 500 ناقلة فقط، يتعاظم الطلب على خدماتها بشكل متنامٍ، فيما ترتبط غالبيتها بعقود مسبقة طويلة الأجل. الأمر الذى يقوض قدرة الأوروبيين على تخزين كميات إضافية من واردات الغاز المسال، التى تتطلب أسطولا من الناقلات، بدلا من ثمانى فقط يعتمدون عليها حاليا.
أسفر التدافع الأوروبى على استيراد الغاز المسال، عن زيادة الطلب على شراء ناقلات جديدة. فى الوقت الذى قفزت أسعار استئجار الناقلات الحالية، مما حلق بأسعار الغاز فى أوروبا وآسيا، إلى مستويات قياسية. ويتوقع المراقبون ارتفاع أسعار الغاز وكلفة نقله إلى آفاق أبعد، حالة استئناف الصين أنشطتها الاقتصادية قبيل الشتاء، وتنامى الطلب العالمى مجددا، بعد تراجعه جراء الإغلاق المرتبط بجائحة «كورونا».
تحت وطأة الهرولة الأوروبية تلقاء ناقلات الغاز المسال، بغية ملء مرافق التخزين قبل موسم التدفئة، ارتفعت أسعار الإيجار اليومى للناقلات، بين منتصف سبتمبر، ومنتصف نوفمبر المقبل، من 47 ألف دولار، العام الماضى، ثم 64 ألف دولار الآن، إلى 105، و250 ألف دولار فى اليوم، للسفن المتجهة من الولايات المتحدة إلى أوروبا. ومع بداية الشهر الجارى، بلغت أسعار شحن الغاز المسال فى المحيط الهادئ، أكثر من 267 ألف دولار، بعدما توقفت قبل الأزمة عند متوسط 14.7 ألف دولار. ومنذ اندلاع الحرب فى أوكرانيا، قفز متوسط تكلفة استئجار سفينة ليوم واحد، من 14.3 ألف دولار، إلى 400 ألف دولار فى بعض الأحيان. ويتوقع المحللون مزيدا من تفاقم الأسعار، مع تهافت الشركات والحكومات لتخزين المزيد من الغاز، والتسابق لحجز الناقلات على أساس طويل الأجل.
رغم الارتفاع الجنونى فى أسعارها، احتدم التدافع على شراء ناقلات الغاز المسال، وبعدما بلغ الطلب العالمى257 سفينة جديدة، عزفت شركات تصنيع السفن فى كوريا الجنوبية، وهى أكبر منتج عالمى لتلك الناقلات، عن تقبل أى طلبات شراء إضافية حتى عام 2027. ومن شأن تنامى أسعار شراءالناقلات، أو تأجيرها، أن يرفع أسعار الغاز الطبيعى المسال فى جميع أنحاء العالم. ومع اقتراب المخزونات من سعتها القصوى، استعدادا لفصل الشتاء، الخالى تقريبا من الوقود الروسى، تلجأ المرافق والشركات، إلى تخزين الغاز الطبيعى المسال بشكل متزايد فى السفن العائمة، وهو ما يقلص العدد المتاح منها. ولما كانت قطر، واحدة من أعتى مُصدرى الغاز الطبيعى المسال عالميا، وأكثرهم امتلاكا لناقلاته الضخمة الحديثة، فقد راهنت عليها دول الاتحاد الأوروبى، للفطام عن الغاز الروسى. حيث شرعت فى إبرام عقود طويلة الأجل معها، باعتبارها مصدرا موثوقا لواردات الغاز المسال.
بتفننهم فى استنهاض إمكاناتهم اللوجيستية، وإعادة تأهيل بنيتهم التحتية الطاقوية، بغية مضاعفة وارداتهم من الغاز المسال، يُمعن الأوروبيون فى تقويض استقلالهم الطاقوى. فعن عمد أو بغيره، قد ينخرطون فى تكريس استدامة تبعيتهم الغازية للخارج. فما إن يتحرروا من ربقة المٌورد الروسى المُريب، حتى يسقطوا فى براثن مُوردين آخرين من مشارب شتى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.