«إكسترا نيوز»: ضخ استثمارات بجامعات شمال وجنوب سيناء بقيمة 23 مليار جنيه    يديعوت أحرنوت: خطط الحكومة لشن هجوم على رفح تهدف للضغط على حماس في ملف مفاوضات تبادل المحتجزين    عاجل| رئيس "مجلس النواب الأمريكي" يدافع عن إسرائيل بعد "مقتل أطفال غزة"    أخبار مصر: زيادة أسعار سجائر وينستون وكامل وجولدن كوست، محافظة جديدة تنظم لمقاطعة الأسماك، وقف خدمات الكاش بشركات المحمول    نمو إيرادات فورد وتراجع أرباحها خلال الربع الأول    «الجمهورية»: الرئيس السيسي عبر بسيناء عبورا جديدا    اعرف أسعار الذهب اليوم 25 أبريل وتوقعات السعر الأيام المقبلة    موعد مباراة أهلي جدة والرياض اليوم في دوري روشن السعودي والقناة الناقلة    اليوم.. طقس شديد الحرارة نهارًا ورياح مثيرة للرمال وأتربة عالقة    شكرًا على حبك وتشجيعك.. ريهام عبدالغفور ترثي والدها الفنان الراحل بكلمات مؤثرة    ضرب نار في أسعار الفراخ والبيض اليوم 25 أبريل.. شوف بكام    الشرطة الأمريكية تعتقل عددًا من الطلاب المؤيدين لفلسطين بجامعة كاليفورنيا.. فيديو    حزب الله يعرض مشاهد من رمايات صاروخية ضد أهداف إسرائيلية مختلفة    ارتفاع سعر الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الخميس 25 إبريل 2024    هل ترك جنش مودرن فيوتشر غضبًا من قرار استبعاده؟.. هيثم عرابي يوضح    «عمال البناء والأخشاب» تهنئ الرئيس السيسي والقوات المسلحة بذكرى تحرير سيناء    اضبط ساعتك.. موعد بدء التوقيت الصيفي في مصر 2024| وطريقة تغيير الوقت    أحمد جمال سعيد حديث السوشيال ميديا بعد انفصاله عن سارة قمر    الأكثر مشاهدة على WATCH IT    "شياطين الغبار".. فيديو متداول يُثير الفزع في المدينة المنورة    بسبب روسيا والصين.. الأمم المتحدة تفشل في منع سباق التسلح النووي    ب86 ألف جنيه.. أرخص 3 سيارات في مصر بعد انخفاض الأسعار    محافظ المنيا: 5 سيارات إطفاء سيطرت على حريق "مخزن ملوي" ولا يوجد ضحايا (صور)    تطور مثير في جريمة الطفلة جانيت بمدينة نصر والطب الشرعي كلمة السر    ميدو يطالب بالتصدي لتزوير أعمار لاعبي قطاع الناشئين    حزب المصريين: البطولة العربية للفروسية تكشف حجم تطور المنظومة الرياضية العسكرية في عهد السيسي    «الاستثمار» تبحث مع 20 شركة صينية إنشاء «مدينة نسيجية»    عن تشابه «العتاولة» و«بدون سابق إنذار».. منة تيسير: التناول والأحداث تختلف (فيديو)    الفندق عاوز يقولكم حاجة.. أبرز لقطات الحلقة الثانية من مسلسل البيت بيتي الجزء الثاني    إصابة 9 أشخاص في حريق منزل بأسيوط    أبو رجيلة: فوجئت بتكريم الأهلي.. ومتفائل بقدرة الزمالك على تخطي عقبة دريمز    لتفانيه في العمل.. تكريم مأمور مركز سمالوط بالمنيا    أول تعليق من رئيس نادي المنصورة بعد الصعود لدوري المحترفين    الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني يعلن الترشح لفترة رئاسية ثانية    تدريب 27 ممرضة على الاحتياطات القياسية لمكافحة العدوى بصحة بني سويف    هل يجوز قضاء صلاة الفجر مع الظهر؟.. «الإفتاء» تحسم الجدل    أحمد موسى: مطار العريش أصبح قبلة للعالم وجاهز لاستقبال جميع الوفود    حصول 5 وحدات طب أسرة جديدة على اعتماد «GAHAR» (تفاصيل)    رئيس قسم الطب النفسي بجامعة الأزهر: تخصصنا يحافظ على الشخص في وضعه الطبيعي    رئيس «الطب النفسي» بجامعة الإسكندرية: المريض يضع شروطا قبل بدء العلاج    بعد نوى البلح.. توجهات أمريكية لإنتاج القهوة من بذور الجوافة    مش بيصرف عليه ورفض يعالجه.. محامي طليقة مطرب مهرجانات شهير يكشف مفاجأة    بعد اختناق أطفال بحمام السباحة.. التحفظ على 4 مسؤولين بنادي الترسانة    كيف أعرف من يحسدني؟.. الحاسد له 3 علامات وعليه 5 عقوبات دنيوية    دعاء في جوف الليل: اللهم أخرجنا من الظلمات إلى النور واهدنا سواء السبيل    الهلال الأحمر: تم الحفاظ على الميزانية الخاصة للطائرات التى تقل المساعدات لغزة    اسكواش - ثلاثي مصري جديد إلى نصف نهائي الجونة الدولية    محافظ شمال سيناء: الانتهاء من صرف التعويضات لأهالي الشيخ زويد بنسبة 85%    توجيهات الرئيس.. محافظ شمال سيناء: أولوية الإقامة في رفح الجديدة لأهالي المدينة    تيك توك تتعهد بالطعن في قانون أمريكي يُهدد بحظرها    «زى النهارده».. عيد تحرير سيناء 25 إبريل 1982    الزكاة على أموال وثائق التأمين.. الإفتاء توضح أحكامها ومتى تجب    غادة البدوي: تحرير سيناء يمثل نموذجًا حقيقيًا للشجاعة والتضحية والتفاني في سبيل الوطن    فريد زهران: نسعى لوضع الكتاب المصري في مكانة أفضل بكثير |فيديو    حظك اليوم برج الميزان الخميس 25-4-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    من أرض الفيروز.. رسالة وزير العمل بمناسبة ذكرى تحرير سيناء    ميدو: لاعبو الزمالك تسببوا في أزمة لمجلس الإدارة.. والجماهير لن ترحمهم    بالفيديو.. أمين الفتوى: موجات الحر من تنفيس نار جهنم على الدنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إيطاليا ليست الأخيرة
نشر في الشروق الجديد يوم 30 - 09 - 2022

لم يترك اليمين المتطرف مكانا فى أوروبا إلا وطرقه وسجل به صعودا لافتا تارة من خلال صناديق الاقتراع وتارة ثانية عبر الحراك الاحتجاجى ضد قضايا الهجرة واللجوء.
وفى مواجهة اليمين المتطرف بامتداداته العنصرية يقف سياسيا من جهة اليسار التقليدى الممثل فى الأحزاب الاشتراكية الديمقراطية واليسار التقدمى الذى تجسده أحزاب الخضر وأحزاب يسارية شبابية حديثة التأسيس، ومن جهة أخرى اليمين المحافظ الذى تحمل رايته الأحزاب المسيحية الديمقراطية وتتداخل معها أحزاب ليبرالية صغيرة. أما الحراك الاحتجاجى لليمين المتطرف فيقارعه فقط باحتجاجات سلمية ترفض العنصرية وخطابات الكراهية ضد الأجانب واللاجئين واللاجئات اليسار التقليدى والتقدمى، بينما تسجل أحزاب اليمين المحافظ والأحزاب الليبرالية غيابا واضحا عن الشارع. غير أن الحضور الانتخابى والاحتجاجى لليمين المتطرف يواصل الصعود ويفرض على المجتمعات الأوروبية واقعا جديدا لم يعد يجد إنكاره.
• • •
وثقت استطلاعات الرأى العام التى تجريها المراكز البحثية الأوروبية للتعرف على أولويات المواطنين والمواطنات والقضايا الكبرى التى تشغلهم وتفضيلاتهم بشأنها حقيقة الصعود الانتخابى والسياسى لليمين المتطرف الذى يشكل اليوم الحكومة الائتلافية الجديدة فى إيطاليا ويضمن الأغلبية البرلمانية لحكومة اليمين المحافظ فى السويد.
حتى تسعينيات القرن العشرين والعقد الماضى، كانت استطلاعات الرأى العام تظهر اهتمام الشعوب الأوروبية الواسع بقضايا السياسة الداخلية مثل تمايزات برامج أحزاب اليمين واليسار، ومواقف الائتلافات الحاكمة فيما خص النظم الضريبية وتقليص فجوة الدخول بين الأغنياء والفقراء، وضمانات الرعاية الاجتماعية للعاطلين عن العمل وللأطفال ولكبار السن. وفى أوقات الأزمات الدولية كالغزو الأمريكى البريطانى للعراق فى 2003، ولحظات الصراعات الإقليمية كالحروب الأهلية فى يوغسلافيا السابقة فى تسعينيات القرن العشرين، كانت الشعوب الأوروبية تتفاعل مع السياسات الخارجية لحكوماتها وتبدى التأييد أو الرفض إن فى صناديق الانتخابات أو عبر الاحتجاجات العلنية (ولنتذكر على سبيل المثال التظاهرات الشعبية الواسعة فى بريطانيا ضد تورط حكومة تونى بلير فى غزو العراق فى 2003).
أما اليوم، فلم تعد تلك الصورة المتوازنة لاهتمامات الشعوب الأوروبية غير سراب لا وجود له فى الواقع. تدلل استطلاعات الرأى العام المعاصرة على تحولات جذرية حدثت وتحدث فى أوروبا التى صار المواطن والمواطنة بها غارقين فى نوعين من القضايا، التنازع على الهوية الوطنية (المفترضة أو المتصورة) لبلده والصراعات العنيفة على تخصيص الموارد.
فمن جهة، فرضت الموجة الجديدة لهجرة الشرق أوسطيين مع انهيار الدول الوطنية فى سوريا واليمن وليبيا والآسيويين من المجتمعات التى تعانى من حروب أهلية مشتعلة منذ عقود والأفارقة من البلدان التى تفتك بها كوارث الفساد والفقر والبطالة، فرضت هذه الموجة قضايا الهوية على الشعوب الأوروبية وقسمتها إلى معسكرين متنازعين. المعسكر الأول هو معسكر أنصار إغلاق أبواب أوروبا فى وجه القادمين من خارجها والذين باتت أحزاب اليمين المتطرف واليمين الشعبوى تعبر عنهم وتحصد أصواتهم الانتخابية. أما المعسكر الثانى فهو معسكر دعاة الإنسانية المتسامحة المتمسكة بتمكين الأشخاص غير الأوروبيين من القدوم إلى القارة كمهاجرين وطالبى لجوء وباحثين عن فرص للعمل وللحياة الآمنة وهؤلاء تحمل برامج بعض أحزاب يمين الوسط واليسار التقليدى واليسار التقدمى قناعاتهم وتعبر عنها. وبين صعود اليمينيين المتطرفين ومشاركتهم فى حكم دول أوروبية متزايدة العدد وتراجع الأحزاب الديمقراطية وتخلى بعضها عن سياسات فتح أبواب القارة للأجانب، تدور صراعات سياسية مريرة حول الهوية تستدعى أحيانا أسوأ ما فى تاريخ أوروبا من مشاعر العنصرية والأفكار الفاشية. ولننظر إلى ما حدث قبل أيام قليلة فى إيطاليا التى فاز بها الفاشيون الجدد بالانتخابات البرلمانية.
كذلك ينقسم الأوروبيون والأوروبيات فيما خص قضايا الهوية الوطنية بين مؤيدين لبقاء الاتحاد الأوروبى ومشروعه الاندماجى الذى ضمن السلم والرخاء لعقود طويلة وبين راغبين إما فى الخروج منه على النحو الذى قررته أغلبية البريطانيين قبل سنوات أو فى تقييد سلطات واختصاصات الاتحاد وتمكين الدول الوطنية من استعادة سيادتها المفقودة التى استلبتها بروكسل ببيروقراطيتها صاحبة الصلاحيات الواسعة.
من جهة ثانية، تدلل استطلاعات الرأى العام الراهنة على أن الشعوب الأوروبية باتت تقصر اهتمامها فيما خص قضايا السياسة الداخلية إذا ما استثنينا مسألة الهوية الوطنية على توزيع موارد بلدانهم على أولويات مثل المعاشات والرعاية الصحية والتعليم ودعم كبار السن ودعم الأسر ذات الأطفال ومساعدة المهاجرين والمهاجرات واللاجئين واللاجئات وشئون البيئة. بل إن الشعوب الأوروبية أضحت تتعامل مع أمر توزيع الموارد على نحو صفرى بحيث تنظر مجموعات المواطنين المختلفة لتخصيص الموارد كأمر لا يقبل القسمة أو المشاركة أو تغليب المصالح العامة.
ولذا يدفع اليمين المتطرف باتجاه إلغاء الموارد المخصصة لمساعدة المهاجرين واللاجئين طارحا على ناخبيه وناخباته رؤية صراعية تدعى أن ما يذهب للسوريين وللأفغان وللمسلمين الآخرين، وليس للأوكرانيين، إنما يخصم من مخصصات المعاشات والرعاية الصحية ودعم كبار السن ويقلل أيضا من الموارد المخصصة لتجديد البنى التحتية فى العديد من المدن والقرى الأوروبية. وإزاء ذلك، تشعر أحزاب يمين الوسط واليسار التقليدى واليسار التقدمى بالضغط المتصاعد للناخبات والناخبين الغاضبين من فتح أبواب أوروبا للأجانب وتتراجع عن سياساتها السابقة وتقلل الموارد المخصصة لهم مهما كانت مقولات اليمين المتطرف غير موضوعية ومهما كان دمج المهاجرين واللاجئين فى سوق العمل أنفع اقتصاديا واجتماعيا من تهميشهم فى مجتمعات شاخت وتحتاج للعمالة الشابة.
فقط أحزاب الخضر واليسار التقدمى، وقليل من الأحزاب الاشتراكية الديمقراطية، هى التى تواجه غضب المواطنات والمواطنين المتأثرين بشعارات ومقولات اليمين المتطرف بتكثيف طرح سياسات وبرامج لدعم كبار السن والأطفال والأسر محدودة الدخل دون تراجع عن دمج المهاجرين واللاجئين.
• • •
بقضيتى الهوية الوطنية وتخصيص الموارد يطرق اليمين المتطرف كافة بقاع القارة الأوروبية. ولم يعد صعود اليمين المتطرف بقاصر على الديمقراطيات حديثة العهد نسبيا فى وسط وشرق أوروبا كبولندا والمجر ولا على الديمقراطيات المأزومة اقتصاديا فى جنوب القارة حيث فاز، كما سبقت الإشارة، الفاشيون بالانتخابات البرلمانية الأخيرة فى إيطاليا. ولم يعد بموضوعى اختزال صعود المتطرفين والعنصريين فى إشكاليات ذات طبيعة خاصة فى بلدان أوروبية كبيرة كصعوبات اندماج ذوى الهوية الإسلامية فى فرنسا وتحديات دمج الولايات الشرقية فى ألمانيا الموحدة ونشر ثقافة التسامح مع الأجانب واللاجئين واللاجئات فى مدن الشرق. فقد صار صعود اليمين المتطرف، وكما تدلل استطلاعات الرأى العام فى أوروبا، ظاهرة عامة ومرشحة للبقاء فى الحياة السياسية الأوروبية لفترة ليست بالقصيرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.