«أدفع لك 1800 جنيه منين، استنى الموسم لما يخلص». على العربى، 40 عاما، صاحب مصنع حلو العربى، كان يتحدث لمحصل الكهرباء الذى أراد تحصيل فاتورة الكهرباء، إلا أن العربى فوجئ بثمن الفاتورة، فاضطر لتأجيلها حتى ينتهى موسم المولد النبوى الشريف. يقع المصنع فى نهاية شارع باب البحر بالفجالة، الذى يمتلئ بعدد من محال الحلويات والورش الصغيرة على جانبيه. «أساس المصنع كان حلاوة المولد». على العربى يقول إن مصنع حلو العربى بدأ إنتاجه من حلاوة المولد، ولكن مع مرور الوقت، بدأ ينتج الحلوى الجافة مثل اللبان والكرمل والبون بون والشوكولاتة طوال السنة، ولكن يظل موسم المولد النبوى الشريف هو الموسم الأساسى بالنسبة للمصنع. ينتج المصنع نحو 40 صنفا من حلوى المولد، بالإضافة لعرائس وأحصنة المولد، بعد أن كانت لا تتعدى 6 أصناف من قبل. «أساس الحلاوة كان قرص السمسمية والفولية والملبن والحمصية، ولحد دلوقتى الأصناف دى موجودة بس دخل عليها أصناف جديدة، وكل صنف له شكل معين». «الأصناف كتيرة وحلوة، بس غالية حتى العرايس غليت ومش عاملين حسابنا نشتريها السنة دى». كانت السيدة فاطمة حسن،51 عاما، تقف أمام أحد محال حلوى المولد بميدان السيدة زينب، وبدت فى حيرة هى وابنتها، وفاء 20 عاما، فى اختيار أصناف الحلوى، إلا أن فاطمة كانت تاركة معظم فرصة الاختيار لابنتها. «السنة اللى فاتت اشتريت 4 كيلو، والكيلو كان ب22 جنيها، السنة دى الكيلو ب28 جنيها، واشتريت 2 كيلو بس». أسرة فاطمة تتكون من 6 أفراد، ومعاش زوجها 600 جنيه شهريا، وعلى الرغم من الغلاء الذى شهدته حلوى المولد فى هذه السنة، على عكس السنة الماضية، فإن أسرة فاطمة لا تفوت الاحتفال بهذه المناسبة، حتى إذا بدت مكلفة بالنسبة لها. «السنة دى صعبة»، على العربى يعتبرها السنة الوحيدة التى خسر فيها ولم يحقق أرباحا كثيرة مثل كل موسم، بسبب أسعار السكر التى ارتفعت. إنتاج المصنع هذه السنة انخفض بنسبة 40% عن العام الماضى، وذلك بعد ارتفاع أسعار السكر وأزمة أنابيب الغاز، وارتفاع ثمن فواتير الكهرباء، وأجور 80 عاملا وعاملة معظمهم عمالة قديمة، لا تعمل إلا فى موسم المولد، كما يرتفع عدد ساعات العمل إلى 16 ساعة يوميا فى موسم المولد، مقابل 8 ساعات الأيام العادية. يقول على العربى أن عروسة المولد ليست مضرة فى أكلها، «السكر بيتغلى تحت 180 درجة، وبعدين يتبرد ويتصفى، والرقبة بس هى اللى مضرة عشان عليها زينة»، ولكن ليس هناك إقبال على أكل عروس حلاوة المولد فهى «للزينة فقط»، وهذه الجملة هى التى يكتبها على العربى على فواتير بيع حلوى عرائس المولد. «كنت بشترى عروستين بلاستيك كل سنة، بس السنة دى العرايس غليت وبقت نار، ما ينفعش أشترى عرايس السنة دى». اشترت فاطمة فى السنة الماضية عروسة المولد الواحدة بمبلغ 17.5 جنيه، وكان سعر العروسة يبدأ من هذا السعر حتى 45 جنيها، وعندما سألت عن ثمنها فى هذه السنة وجدت سعرها يبدأ من 21 جنيها إلى 60 جنيها حسب حجم العروسة. علبة حلوى المولد، كما يقول على العربى، تظل كما هى 40 صنفا، إلا أن أسعارها ارتفعت عن السنة الماضية، «كيلو الحلاوة المشكل كان السنة اللى فاتت تمنه 7.5جنيه، السنة دى بقى 10 جنيهات، وفيه أصناف بتبقى بالطلب مش مع العلبة المشكلة». الإقبال على شراء حلوى المولد بالنسبة لعلى العربى لن يظهر إلا يوم الخميس، أى قبل المولد النبوى بيوم واحد، «الناس بتبدأ تشترى قبل المولد بيوم واحد، وأكيد ها يكون أكتر من دلوقتى». «عنبر الصب» بالمصنع يبدو ضيقا وساخنا، «لسه بنعمل عرايس المولد يدوى، واللى بيشتغلوا المهنة دى معدودين على الصوابع». يوجد بالعنبر حوض المياه الذى يعمل على غسل القوالب الخشبية قبل ملئها بالسكر لإعطاء شكل الحلوى، وتبدأ هذه العملية قبل الموسم بمدة 40 يوما. «بنغلى السكر لحد ما يوصل لحالة السيلان، ونصبه فى القوالب، وبعدين نصفيه»، ما يتبقى فى القوالب هو الذى يأخذ شكل القالب أو الشكل النهائى سواء كان فى هيئة عروسة أو حصان أو جمل، ولا يستغرق وقتا طويلا حتى يخرج من القالب، فقط 5 دقائق.