رئيس الوزراء: التفكير الجماعي من منظور قانوني ودستوري أصبح واجبًا لمواجهة التحديات العالمية والحفاظ على موارد القارة مدبولي: مصر تمد يد العون وتضع جميع إمكانياتها للمشاركة مع أشقائها في إفريقيا من أجل النهوض بالقارة في كل المجالات رئيس المحكمة الدستورية: وضعنا الأطر النظرية والدستورية في سبيل تحقيق تنمية الشعوب الإفريقية.. والقيادة السياسية حريصة على مواجهة أي تحدٍ ينال من الوحدة الإفريقية وزير العدل: التعاون القضائي الإفريقي يمثل ضرورة تفرضها التحديات.. وتلاقي هذه الكوكبة القضائية سيترك بصمة واضحة المعالم على التنمية الإفريقية انعقدت أعمال اجتماع القاهرة السادس رفيع المستوى لرؤساء المحاكم الدستورية والمحاكم العليا والمجالس الدستورية الإفريقية، أمس السبت، تحت عنوان "دور الرقابة الدستورية في تنمية الشعوب الإفريقية"، ليؤكد حرص مصر الدائم على التعاون المشترك مع الأشقاء في القارة الإفريقية بهدف مواجهة التحديات والسعي نحو النمو والنهوض في شتى المجالات لتحقيق مصالح الشعوب الإفريقية، والتفكر فيها من منظور قانوني ودستوري. يأتي الاجتماع برعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، وبحضور الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء، ومشاركة 40 دولة إفريقية يمثلهم 51 رئيس محكمة دستورية ومجلس دستوري ومحكمة عليا. وبدأت فعاليات الاجتماع بكلمة للمستشار بولس فهمي رئيس المحكمة الدستورية العليا، أعرب فيها عن تقديره البالغ للقيادة السياسية لحرصها على الاهتمام والرعاية باجتماع القاهرة على مدار دوراته المتعددة، وهو ما يعكس الإيمان بأهميتها في تحقيق التعاون وتضافر الجهود للوصول إلى الضمانات الدستورية لصالح شعوب القارة الإفريقية. وقال فهمي إن تلك الرعاية تخطت استمرار فعاليات الاجتماع لطموح تدفق نهر عطائه ليوطد أواصر الأخوة بين الشعوب الإفريقية، حيث تحرص القيادة السياسية على مواجهة أي تحدٍ ينال من وحدة الشعوب الإفريقية، مشيرًا إلى أن هناك عزيمة كبيرة لتحقيق أهداف الاجتماع من خلال إسهامات قانونية ودستورية تضمن حقوق الشعوب والدول والارتقاء بها إلى مستوى مثيلاتها في الأمم الناهضة. وأضاف أن استمرار نجاح دورات الاجتماع يعكس عزم المحاكم الدستورية والمجالس الدستورية والمحاكم العليا على تحقيق الضمانات الدستورية لحرية ورخاء شعوبها وحقوقهم في التنمية، حيث نجت الدورات السابقة في الوصول إلى توافق في قضايا دستورية مهمة تشغل العالم والقارة الإفريقية ومنها مكافحة الفساد والإرهاب ومقاومة الهجرة غير المشروعة ودعم الرقمنة ودعم الاقتصاد الأخضر. وذكر رئيس المحكمة الدستورية العليا أن الاجتماعات السابقة استفادت من تنوع الثقافات الدستورية بروافدها المحلية والدولية للمشرعين والتنفيذيين، وتوصلت إلى آراء جادة، ووضعت الأطر النظرية والدستورية في سبيل تحقيق هدف أسمى يكمن في تنمية الشعوب الإفريقية، وهي عنوان ومرجع يصبو إليه الاجتماع في دورته السادسة، ومنها المواطنة وحقوق المهاجرين واللاجئين والخصوصية الثقافية والتنمية الاقتصادية من منظور اجتماعي تتعاضد لتشكيل نسيج واحد نحو تنمية الشعوب. وأشار إلى ضرورة وجود وسيلة لاستمرار تبادل الرؤى بين الأشقاء الأفارقة في المجال الدستوري، ومنه جاءت الحاجة لتدشين ملتقى بحثي يكون عمله التطبيق العملي لمخرجات اجتماع القاهرة السادس. وفي كلمته، رحب الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، بالقضاة الأفارقة في مصر، واصفًا إياها ب"أرض الكنانة وقلب إفريقيا النابض وضميرها الساعي دومًا إلى دعم العمل الإفريقي المشترك من أجل قارة موحدة قوية تنعم بالاستقرار والتنمية والسلام"، معربًا عن تقديره للرئيس السيسي على رعايته للاجتماع وحرصه على دعم وتوطيد أواصر الصداقة والتعاون البناء بين مصر وأشقائها الأفارقة في شتى المجالات. وقال مدبولي إن الاجتماع السادس رفيع المستوى يأتي استمرارا لجهود قضاة أفريقيا المتواصلة خلال السنوات السابقة من أجل التباحث وتبادل الرؤى، ومد جسور التعاون بين مؤسسات الدستورية العليا في دولنا الإفريقية وصولا إلى تحقيق المستوى الأعلى لطموحات شعوب القارة في الحرية والعدالة والمساواة وحماية حقوق الإنسان. وأضاف رئيس الوزراء أن القارة الإفريقية تزخر بمواردها الطبيعية الهائلة التي تمتلكها الشعوب، ويجب على الجميع الالتزام دائما بالمحافظة عليها وحسن استغلالها وضمان حقوق الأجيال القادمة فيها، وهذا الالتزام أضحى مبدأ دستوريا ساميا حرصت الوثائق الدستورية على النص عليه في صلبها، كما أضحى التزاما وواجبا على جميع دول القارة، في عالم يموج اليوم باضطرابات سياسية واقتصادية، تفرض التعاون المشترك والمبادرة إلى تحقيق هذا الهدف، وهو ما يلقي على عاتق القضاة في هذا الاجتماع مسؤولية البحث وتبادل الفكر ووضع مبادئ مشتركة وضمانات دستورية لحماية وتنمية الموارد الطبيعية في قارتنا الإفريقية. وذكر مدبولي أن مصر تمد يد العون وتضع جميع إمكاناتها البشرية والعلمية والفنية للمشاركة مع الأشقاء في قارة إفريقيا للنهوض بالقارة نحو مستقبل أفضل في شتى المجالات، مشيرًا إلى أن قارة إفريقيا جزء مهم من العالم الذي يواجه تحديات تفرض علينا التفكر والتدبر بصورة جماعية لمواجهتها من منظور قانوني ودستوري، للحد من الآثار السلبية للنزاعات الدولية على اقتصاديات الدول الإفريقية لكي تواصل قدرتها على تحقيق النمو الاقتصادي، والقيام بدورها في حماية مقدرات شعوبها ودعم ورعاية الفئات الأكثر احتياجا تحقيقا للمبدأ الدستوري الأسمى وهو العدالة الاجتماعية. وأشار رئيس الوزراء إلى أن نجاح الاجتماعات الخمسة السابقة التي عقدت حول تطوير العمل القضائي المشترك في إفريقيا، يعطي مزيدا من الثقة بأن الاجتماع السادس سيكلل بالنجاح وسيحقق أهدافه المرجوة، مؤكدا أن هناك تطلعا للتعاون مع الشعوب الإفريقية لتحقيق النجاح المرجو من الاجتماعات السابقة. فيما قال المستشار عمر مروان، وزير العدل، إن الاجتماع ملتقى بالغ الأهمية حيث يجمع صفوة العقول الدستورية الإفريقية، ورعاية الرئيس السيسي له تمثل تأكيدا من الدولة المصرية على أهمية الشراكة الإفريقية في جميع المجالات وتقديرا لدور القضاء الدستوري في حماية الحقوق والحريات. وأضاف مروان أن التعاون القضائي الإفريقي، يمثل ضرورة تفرضها التحديات المشتركة التي تواجه القارة وعلى رأسها التنمية الشاملة، بحسب أنها معبرا للرخاء والاستقرار للشعوب، بما تحققه من زيادة فرص العمل ورفع مستوى المعيشة، مشيرًا إلى أن الحق في تنمية الشعوب بوصفه عنوانا للاجتماع، هو حق من الحقوق الجماعية الذي يكفل للجميع الاستفادة من عوائده في إطار من العدالة والإنصاف والمساواة، وهذا الحق على تماس مع حقوق أخرى مثل العدالة وحسن استغلال الموارد الطبيعية والثروات الطبيعية، حيث أفردت العهود الدولية لهذا الحق مكانة كبيرة، وحماية القضاء الدستوري لها يأتي في مواجهة أي محاولات للإخلال بجوهره، بما يساهم في أن تنطلق الشعوب نحو التنمية في سياج من الحماية الدستورية. وأكد وزير العدل أن انعقاد الاجتماع سنويا في القاهرة أصبح تقليدا تحرص معظم الدول الإفريقية على المشاركة في أعماله، حيث يعالج قضايا مهمة لا تنفصل عن واقع الحياة التي نعيشها، مثمنا دور المحكمة الدستورية المصرية في وضع حجر الأساس في تطوير هذا المحفل رفيع المستوى كمنظومة قارية للقضاء الدستوري ووضع بنية قضائية متجانسة، ومشيدا بدور الأشقاء في الدول الإفريقية، الذين حرصوا على المشاركة إيمانا بأهمية العمل المشترك بين دول القارة الإفريقية، لا سيما في ضوء رصيدهم التراكمي من أحكام ومبادئ ونتاج تلاقي هذه الكوكبة القضائية التي ستترك بصمة واضحة المعالم على التنمية الإفريقية. بدوره، قال المستشار عبد الوهاب عبد الرازق رئيس مجلس الشيوخ رئيس المحكمة الدستورية الأسبق، إن مصر عازمة على أن تبقى -كالعهد بها دائما- راعية للدول والشعوب الإفريقية، وحريصة على أن تحتضن كل إفريقي مخلص وكل جهد بناء يرفع من شأن القارة ويعزز جهود التنمية بها، مشيدًا بوعي القيادة السياسية بأهمية التعاون القضائي الدستوري بين الدول الإفريقية. وأضاف عبد الرازق أن انعقاد الاجتماع سنويا بالقاهرة، أصبح شاهدا على الإرادة الصلبة للشعوب الإفريقية، كما أن مداولات القضاة الدستوريين الأفارقة هي جوهر لقاءاتهم، وتعكس الإخلاص والرغبة الأكيدة للتوصل نحو الحلول لكل المشاكل والقضايا، وهو الأمر الذي لم يعد مستغربا معه أن يكون النجاح حليفهم. فيما قال المستشار الدكتور حنفي الجبالي، رئيس مجلس النواب رئيس المحكمة الدستورية الأسبق، إن مصر تفخر بانتمائها الإفريقي، حيث يشكل الاجتماع منصة قضائية رفيعة المستوى وأصبح علامة فارقة في ترسيخ وتعزيز التعاون القضائي الإفريقي. وأضاف الجبالي أن إطلاق منصة معلوماتية خلال النسخة الثالثة من الاجتماع التي كانت تحت رئاسته -وقتما كان رئيسا للمحكمة الدستورية أكدت أهميتها في تبادل الآراء والخبرات والتسهيل من التواصل الدائم بين رؤساء المحاكم والمجالس الدستورية. فيما قال المستشار الدكتور محمد عماد النجار، نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا والأمين العام للاجتماع، إن مصر سنت سنة حميدة، بعقد لقاءات متواصلة لرؤساء المحاكم الدستورية والمحاكم العليا والمجالس الدستورية الإفريقية، وتضم أنبغ العقول الإفريقية لدعم استقرار قيم العدالة والمساواة وتوطيد دعائم الشرعية الدستورية وتوثيق الديمقراطية وحقوق الإنسان. وأضاف النجار أن "القارة الإفريقية جمعتنا بين أحضانها، دولا متجاورة، ولهذا استقرت إرادتنا على أن يكون تعاوننا على اختلاف أعراقنا وأدياننا هو السبيل لتوحيد جهودنا، ومن ثم كان الاجتماع اليوم للتباحث ونتداول في مستجدات القضايا الدستورية بغية الوصول إلى أفضل الحلول والاستفادة من مخزوننا الحضاري". وأشار النجار إلى أن الاجتماع ينعقد في ظل ظرف تاريخي دولي دقيق، حيث تواجه بلداننا الإفريقية ظروفا جراء التوترات الدولية المتعددة في أصقاع الأرض، على نحو يلقي، جراء تداعياتها، بأعباء كبيرة على جميع دول العالم، مشددًا على أن الضمير الوطني يستوجب العمل جميعا، كل في حدود تخصصه، في سبيل تقديم الحلول القانونية التي تساعد على تجاوز الأزمة. وذكر أن اختيار عنوان "دور الرقابة الدستورية في تنمية الشعوب الإفريقية" لاجتماع القاهرة السادس، يأتي باعتبار أن التنمية الاقتصادية هي الهدف الأسمى وطوق النجاة وأمل الشعوب الإفريقية نحو للانطلاق نحو غد مشرق والسبيل لتجاوز الصعوبات، مشيرًا إلى أن المحكمة الدستورية العليا تؤمن أن الدستور يقدم مفاتيح الانطلاق نحو الأفاق الرحبة مع كافة جهود الدول. ويشمل الاجتماع السادس نظر محاور عدة، هي الحماية الدستورية لمبدأ المواطنة، والحمايةالدستورية لحقوق المهاجرين واللاجئين، والضمانات الدستورية لتنمية المواردالطبيعية المشتركة، ودور الرقابة الدستورية فى حماية الخصوصية الثقافية، والعدالةالاجتماعية من منظور اقتصادي، ودور القضاء الدستورى في حماية سلامة المجتمع وتماسكه.