أسعار الأرز اليوم في الأسواق المحلية.. تراجع جديد    خالد أبو بكر: فلسطين قضية القضايا.. ولن تموت أبدا    بوتين يجري محادثات أمنية مع لوكاشينكو في مينسك    أخبار الأهلي : كولر: الأهلي سيقاتل لحصد لقب دوري أبطال أفريقيا وجاهزون لمواجهة الترجي    أخبار الأهلي: مهام خاصة لخماسي الأهلي أمام الترجي في نهائي دوري أبطال إفريقيا    محمد صلاح ينافس على جائزة «هدف الموسم» في ليفربول    «دمياط» و«الوادي الجديد» تستعدان لانطلاق امتحانات الدبلومات الفنية غدا    صاحب العمر.. محمد هنيدي يقبل يد علاء مرسي في كتب كتاب ابنته    يُتيح للمستثمرين إدارة المستشفيات العامة.. قانون المنشآت الصحية يثير الجدل بين "الأطباء" و"النواب"    الإسكندرية تضع 9 شروط لإقامة شوادر الأضاحي فى الشوارع.. تعرف عليها    «الصحفيين» تعلن أسماء الفائزين بالمسابقة الدينية في الإسكندرية غدًا    شيماء سيف: «أمي شايفاني شبه هيفاء وهبي» (فيديو)    15 درجة.. حسام موافي يوضح أخطر مراحل الغيبوبة    حيل وألاعيب يستخدمها المشكك في نشر الشبهات، فيديو جديد لوحدة بيان في الأزهر    مباشر سلة BAL - الأهلي (0)-(0) الفتح الرباطي.. بداية اللقاء في المرحلة الترتيبية    أعضاء القافلة الدعوية بالفيوم يؤكدون: أعمال الحج مبنية على حسن الاتباع وعلى الحاج أن يتعلم أحكامه قبل السفر    الرئيس السيسي ونظيره الأمريكي يبحثان تطورات الأوضاع في قطاع غزة    الأعراض الرئيسية لمرض السكري لدى الأطفال والمراهقين    «العمل» تكشف تفاصيل توفير وظائف زراعية للمصريين باليونان وقبرص دون وسطاء    لمدة 4 ساعات.. قطع المياه عن هضبة الأهرام بالجيزة اليوم    الأمم المتحدة تحذر من انتشار اليأس والجوع بشكل كبير فى غزة    بعد تلقيه الكيماوي.. محمد عبده يوجه رسالة لجمهوره    بسبب فستان.. القصة الكاملة ل أزمة ياسين صبري ومصمم أزياء سعودي (صور)    إستونيا تستدعي القائم بأعمال السفير الروسي على خلفية حادث حدودي    سكرتير عام البحر الأحمر يتفقد حلقة السمك بالميناء ومجمع خدمات الدهار    الترقب لعيد الأضحى المبارك: البحث عن الأيام المتبقية    «الرعاية الصحية» تشارك بمحاضرات علمية بالتعاون مع دول عربية ودول حوض البحر المتوسط (تفاصيل)    قوافل جامعة المنوفية تفحص 1153 مريضا بقريتي شرانيس ومنيل جويدة    فيلم "شقو" يواصل الحفاظ على تصدره المركز الثاني في شباك التذاكر    المفتي يرد على مزاعم عدم وجود شواهد أثرية تؤكد وجود الرسل    متي يحل علينا وقفة عرفات وعيد الأضحى 2024؟    بري يؤكد تمسك لبنان بالقرار الأممي 1701 وحقه في الدفاع عن أرضه    الرئيس البرازيلي: منخرطون في جهود إطلاق سراح المحتجزين بغزة    التعليم العالي: جهود مكثفة لتقديم تدريبات عملية لطلاب الجامعات بالمراكز البحثية    أوقاف القليوبية تنظم قافلة دعوية كبرى وأخرى للواعظات بالخانكة    من صفات المتقين.. المفتي: الشريعة قائمة على الرحمة والسماحة (تفاصيل)    محافظ أسيوط يتابع مستجدات ملف التصالح في مخالفات البناء    التنمية الصناعية تبحث مطالب مستثمري العاشر من رمضان    مجلس الشيوخ يناقش أموال الوقف ونقص الأئمة والخطباء ومقيمي الشعائر.. الأحد    عائشة بن أحمد تكشف سبب هروبها من الزواج    مصرع شخص وإصابة آخر بحادث تصادم سيارة نقل و"موتوسيكل" بالدقهلية    مدير جمعية الإغاثة الطبية بغزة: لا توجد مستشفيات تعمل فى شمال القطاع    الإفتاء: الترجي والحلف بالنبي وآل البيت والكعبة جائز شرعًا في هذه الحالة    "العد التنازلي".. تاريخ عيد الاضحي 2024 في السعودية وموعد يوم عرفة 1445    الشرطة الإسبانية تعلن جنسيات ضحايا حادث انهيار مبنى في مايوركا    وزير الري: إفريقيا قدمت رؤية مشتركة لتحقيق مستقبل آمن للمياه    بالأسماء.. إصابة 10 عمال في حريق مطعم بالشرقية    مبابي يقود قائمة سان جيرمان أمام ليون في نهائي كأس فرنسا    11 مليون جنيه.. الأمن يضبط مرتكبي جرائم الاتجار بالنقد الأجنبي    الأكاديمية العسكرية المصرية تنظم زيارة لطلبة الكلية البحرية لمستشفى أهل مصر لعلاج الحروق    رئيس الأركان يتفقد أحد الأنشطة التدريبية بالقوات البحرية    الإسكان: تشغيل 50 كم من مشروع ازدواج طريق «سيوة / مطروح» بطول 300 كم    النشرة المرورية.. سيولة فى حركة السيارات على محاور القاهرة والجيزة    «دولارات الكونفيدرالية» طوق نجاة الزمالك    5 نصائح للتعامل مع منخفض جوي يضرب البلاد الأيام المقبلة.. تحذير من ظاهرة جوية    حظك اليوم برج العقرب 24_5_2024 مهنيا وعاطفيا..تصل لمناصب عليا    مدرب الزمالك السابق.. يكشف نقاط القوة والضعف لدى الأهلي والترجي التونسي قبل نهائي دوري أبطال إفريقيا    عادل عقل يكشف صحة هدف الزمالك وجدل ركلة الجزاء أمام فيوتشر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا الآن؟!
نشر في الشروق الجديد يوم 21 - 08 - 2022

لافتٌ للانتباه وللتساؤل أن تتم إثارة إعادة أعداد كبيرة من اللاجئات واللاجئين السوريين إلى بلادهم بالتزامن بين تركيا ولبنان، وأن يُفتَح موضوع التفاوض مع السلطات السورية بهذا الشأن. بالتأكيد تتواجد فى البلدين المجاورين أعدادٌ كبيرة من اللاجئين السوريين منذ ما يقارب العشر سنوات، أى ما يعادل جيلا كاملا. وما يعنى أن استمرار الأوضاع على حالها لعشر سنوات أخرى يفصل من ولِدوا فى المهجر اجتماعيا عن بلده الأم.
إثارة موضوع اللاجئين السوريين بهذه الحدة له أسبابه الخاصة لدى كلٍ من تركيا ولبنان، رغم تشاركهما فى الأزمات الاقتصادية والمالية التى يعانيان منها، والأكثر قسوة فى لبنان مما هى فى تركيا. هذه الأزمات تخلقُ مناخا اجتماعيا مشوشا فى كلا البلدين، حيث يتم وضع اللوم على اللاجئين وما يشكلونه من أعباء، بغية إبعاد الانتباه عن المسئوليات السياسية الحقيقية للأزمات.. وهذا ما نشهده أيضا فى دولٍ أوروبية عديدة، حيث لا هم لليمين المتطرف سوى المهاجرين والهجرة (بالطبع غير الأوكرانيين منهم).
• • •
تركيا مقبلةٌ على انتخابات رئاسية العام القادم، فى ظل تدهور العلاقات بين حزب «العدالة والتنمية» الحاكم والأحزاب القومية التركية والأحزاب الكردية. إن المعارضة التركية تأخذ على الرئيس أردوغان سياساته الداعمة لحركات الإسلام السياسى والإبقاء على التنظيمات المتطرفة على حدود البلاد، من جهة، بينما يُشهِر عداءه الكبير حيال الكُرد حتى فى شمال العراق، من جهةٍ أخرى. ولخطاب هذه المعارضة وقعٌ كبير داخليا فى ظل التضخم وتراجع سعر صرف الليرة التركية وتدنى مستوى المعيشة، رغم الإنجازات الدبلوماسية فى اللعب على حبلى حلف الأطلسى وروسيا الاتحادية سوية. ولكن هذا اللعب له أيضا مخاطره مع احتدام الصراع فى أوكرانيا.
من هنا تشكل خطوة التقارب بين السلطتين فى تركيا وسوريا خيارا يُمكن أن يُهدئ من هواجس مواطنيه ويضبط الملف الكردى بالتعاون مع روسيا وإيران. هذا إذا ما لم تُفشِل الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية من جهوده. أما الخيار الآخر الذى هدد به أردوغان نفسه فهو احتلال أجزاء أخرى من المناطق الحدودية السورية وتهجير اللاجئين السوريين فى تركيا إليها. وهذا خيار غير واقعى وباهظ الكلفة. أن المناطق الخاضعة حاليا، لتركيا بشكلٍ مباشر أو غير مباشر، هى أصلا مكتظة بالنازحين الذين يعيشون فيها أوضاعَ مزرية.
أما لبنان فهو غارق فى أزمته الخانقة ماليا واقتصاديا وسياسيا. ومن الواضح أن لا اتفاقَ الآن ولا فى الأفق القريب مع صندوق النقد الدولى، ولا حل لمسألة الودائع الضائعة فى المصارف ولا لادخارات صناديق العاملين ولانهيار الأجور والخدمات. هناك الآن مجرد توافق بين مكونات مجموعة «أمراء الحرب»، بالتعاون مع أصحاب المصارف ومع الاحتكارات التجارية. والهدف واحدٌ للجميع هو إفراغ أى إصلاح من مضمونه والمراهنة إلى ما لا نهاية، لدى كل طرف على داعمه الخارجى. هذا فضلا على استنهاض المشاعر الطائفية بين اللبنانيين لتقوية كل طرف لمركزه فى اللعبة المفرَغة، أو استخدام «خطاب الكراهية» تجاه اللاجئين السوريين وتحميلهم أسباب الأزمة التى أخذوا البلاد إليها.
بالتأكيد تشكل معدلات الولادة المرتفعة لدى السوريين بالتزامن مع هجرة الشباب اللبنانيين بكثافة إلى الخارج إشكالية حقيقية كبيرة يتطلب التعامل معها بعقلانية.. يبدو أنها غائبة للأسف عن ذهنية أغلبية أطراف اللعبة السياسية.
على ضوء الواقع القائم ورغم ضرورة التوصل إلى اتفاق بين السلطتين السورية واللبنانية حول أوضاع اللاجئين وسبل عودتهم، وسهولة هذا التوافق بالقياس إلى الحالة التركية، لا ينبغى توقُع سوى المزيد من السجالات العقيمة داخل السلطة اللبنانية حول الموضوع، وعلى حساب مصائر اللبنانيين والسوريين على السواء.
• • •
فى كل الأحوال، تواجه إعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم من لبنان، كما من تركيا، إشكاليات كُبرى. فإلى أين يعودون فى بلاد فقدت الكثير من وسائل إنتاجها وباتت تفتقِر إلى الاحتياجات الحيوية والخدمات الأساسية، من الطحين إلى المشتقات النفطية وحتى الماء والكهرباء؟!
إن السلطة السورية تتفاوض مع الأمم المتحدة للمساعدة حول إعادة الإعمار، أو على الأقل حول «الإنعاش المبكر» (تعبير يرمز الانتقال من الإغاثة إلى تفعيل النشاط الاقتصادى والخدمي). لكن ممولى هيئات الأمم المتحدة يرفضون مثل هذا التوجه، وهم ذاتهم الذين كانوا قد فرضوا منذ 2011 الإجراءات الأحادية الجانب (العقوبات). إنهم يخصصون تمويلاتهم للإغاثة فقط، رغم الهدر الكبير على الجمعيات الناشطة وفى التحويلات فى جميع المناطق وعدم منطقية الاستمرار بهذا النهج.
أضِف أن اللاجئين قد فقدوا الصلة بقراهم وبلداتهم ومدنهم. هناك منازل مدمرة، وتعديات على الأملاك، وملاحقات أمنية، وأطفال غير مسجلين لدى دوائر النفوس السورية، وآخرون لم يذهبوا للمدارس، ورجالٌ ونساء لم يعودوا يمتلكون وسائل عيشهم. وأكثر من ذلك، هناك فئات مجتمعية أخذ كلٌ منها طرفا فى الصراع وعرفت عُنفَه، ولا مصالحة جرت بينها كى تعود وتعيش معا كما قبل 2011. وسؤال كبير: كيف يعود اللاجئون قبل أن يعود أصلا النازحون داخل الأراضى السورية؟!
لقد كان اكتظاظ بعض أحياء المدن وضواحيها نتيجة الهجرة المتسارعة من الريف إلى المدينة أحد أسباب الصراع. وواضحٌ حينها أن الدولة السورية قد فشلت فى مواكبة تلك التطورات الديموغرافية والاجتماعية فى تخطيطها المدينى والإقليمى (أى بين المدن). فهل يعود اللاجئون والنازحون إلى نفس الفوضى العمرانية والبيئية السابقة؟ ولا يبدو أن أجهزة الدولة قد عملت على وضع خطة لهذه العودة كى تتفاوض مع الفئات المجتمعية المعنية وعليها.
• • •
اليوم، ترتفع أصوات «المعارضة» و«الإدارة الذاتية» على التصريحات الصادرة من تركيا ولبنان حول «المصالحة» مع السلطة السورية. هذا رغم أن الطرفين يتفاوضان أصلا سياسيا مع هذه السلطة ويعرفان جيدا أن الفئات المجتمعية التى يسيطران على مقاديرها باتت ترفضهما بمقدار رفضها للقمع الذى قامت به السلطة فى دمشق. وأنهما، أى الطرفان المعنيان، لا أفق «لتجربتهما» دون الدعم الخارجى. كما يعرف اللاجئون أن التضييق عليهم فى بلاد اللجوء بات خانقا.
ولا بد لجميع الأطراف السورية مراجعة خياراتها وأولوياتها. تبقى الأولوية الأساسية هى الدفاع عن سبل معيشة المجتمع السورى، كل المجتمع السورى وفى كل مكان، وعن حرياته. معيشته وحرياته، بما فى ذلك حقه فى اختيار العودة الطوعية أو رفضها. فى جميع مناطق السيطرة داخل سوريا، خاصة المناطق الخاضعة لسيطرة الدولة، ولكن ليس وحدها.
هذه المراجعة ليست بالتأكيد سهلة. بل هى حقا وحقيقة صعبة، لأنها تعنى الدفاع عن المجتمع السورى بكل فئاته، والدفاع عن دولته فى وجه كل السلطات القائمة والقوى الخارجية الداعمة لها على السواء.
رئيس التحرير السابق للوموند ديبلوماتيك النشرة العربية ورئيس منتدى الاقتصاديين العرب
الاقتباس
يتم وضع اللوم على اللاجئين وما يشكلونه من أعباء، بغية إبعاد الانتباه عن المسئوليات السياسية الحقيقية للأزمات.. وهذا ما نشهده أيضا فى دولٍ أوروبية عديدة، حيث لا همَّ لليمين المتطرف سوى المهاجرين والهجرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.