- ركزت اهتمامي على مناقشة «مسببات النكسة» شخصيات الرواية خيالية ولكنها محكومة بتخطيط مسبق.. والإشارة إلى يناير مقصودة «سعى حثيث لترجمة الأحداث التاريخية فى هيئة صورة حية، تقديم وجبة إبداعية متكاملة العناصر ما بين الأدب والتاريخ» هو نتاج جهود الكاتب الكبير إيمان يحيى، فى روايته «قبل النكسة بيوم»، والصادرة عن دار الشروق، والتى نظمت بشأنها مكتبة البلد حفل توقيع ومناقشة الأسبوع الماضى. أظهر الدكتور إيمان يحيى حرصا كبيرا على تعريف الأجيال التى لم تشهد هزيمة 1967 الأسباب والمسببات التى أدت إلى تلك الكارثة الوطنية، من خلال العامين اللذين سبقا النكسة، وعبر ثلاثة أصوات لشباب الستينيات تنساب الرواية مع الأحداث الشخصية والعامة. استهل الدكتور إيمان يحيى، حديثه خلال حفل التوقيع، قائلا، «لا أعتقد أن ثورة يوليو جاءت من فراغ، قبل الحرب العالمية الثانية بدأت تظهر اتجاهات شمولية فى المجتمع المصرى، تمثلت فى الإخوان، وحزب مصر الفتاة الاشتراكى، والحزب الوطنى، ونجد أنه حتى الثلاثينيات بدأت الأحزاب تطلق ميليشيات القمصان الزرقاء والخضراء والصفراء المنتمية للإخوان. وأضاف يحيى، إذن نجد أنه كان هناك جديد ف المجتمع المصرى، عندما جاءت الثورة كان هناك حلم كبير للمصريين اسمه الجلاء يتمثل فى جلاء الإنجليز ولكن جمال عبدالناصر تعامل مع هذا الحلم «ببرجماتية شديدة» واستعان بنجيب باشا الهلالى وكان مستشاره فى هذه الفترة وقام عبدالناصر بقبول معاهدة الجلاء، وكانت أغلب القوى الوطنية عارضتها فى هذه الفترة لكن هو ونجيب الهلالى وبعض أحزاب الأقلية كان لديهم رؤية مختلفة، وبالفعل عقب عدة أشهر انتهت المعاهدة بشكل ما. وتابع يحيى: «الفرصة الحقيقية لعبدالناصر فى اعتقادى لإعادة الحياة الديمقراطية لمصر كانت فى 1956 بعد انتهاء العدوان الثلاثى كانت فرصة مناسبة لإقامة تعددية حزبية»، موضحا أنه كان هناك اقتراح فى 1954 تقدم به حزب الوفد وتمثل الاقتراح فى أن يصبح مصطفى النحاس زعيم شرفى للوفد وجمال عبدالناصر يصبح الزعيم الحقيقى، وذلك فى فبراير 1954 ولكن هذه الفرص ضاعت بشكل أو آخر. وواصل: «فرصة عبدالناصر فى 1956 كانت كبيرة وبعد 1956 نظام الحكم وقع فى أخطاء كثيرة بداية من تجربة الوفد الفاشلة مع سوريا وحرب اليمن ثم 1967، مشيرا إلى أن الفترة التى من الممكن أن يكون بها بعض الرشد، كان هناك تجنٍ على الحريات بشكل ما نظرا لظروف الحرب الضاغطة. قال الكاتب إيمان يحيى: ركزت اهتمامى خلال رواية «قبل النكسة بيوم»: «على مناقشة «مسببات النكسة»، والتزمت بإطار زمنى ركز الاهتمام على يونيو 1967، تعمدت ذلك بحيث لا يكون هناك تشتت بعيدا عن الأعوام التى سببت تلك الكارثة الوطنية، الرواية بها 3 شخصيات، كل شخصية تتحدث باسمها وحسب طريقة وعيها وحسب فهمها للأحداث سواء كانت «كريمة النوبية» أو «الصحفى عبدالمعطى» أو «حمزة النادى». وتابع: هناك إشارت فى بداية الرواية لأحداث يناير، وتتنهى فى 11 فبراير 2011 وطبعا مقصود الربط بين الحدثين، الرواية تتناول قصة حب بين فتاة نوبية واحد قيادات منظمة الشباب»، موضحا أنه لمن لم يحضر هذه الفترة فى الستينيات فقد كان هناك حراك اجتماعى وأبعاد تتعلق بالزواج والحب، كانت تقفز بين الفوارق الاجتماعية، كان هناك نمط اجتماعى آخر. وقال إيمان يحيى: أما عن شخصية الصحفى «عبدالمعطى» فى الرواية استلهمتها من نموذجين، وكانت شخصية كاشفة تلقى أضواء على ما حدث فى هذه الرواية، كاشفا أنه استلهم أجزاء منها من الكاتب الصحفى صلاح عيسى، لافتا إلى أنه خلال كتابة الرواية والإعداد لها، قام بعمل مسح شامل وإلمام كامل ل 4 سنوات من قبل النكسة فى الجرائد، قائلا «قرأت كل المذكرات الخاصة بالأربع سنوات وذكريات الناس الذين تم القبض عليهم فى وحدة الشيوعيين حاولت أن أتتبع مصير «حمزة النادى» فى الحقيقة وهو أحد أبطال الرواية الرئيسيين». «حاولت جاهدا أن أنقل بشكل خاص قطعة من تاريخ مصر قبل النكسة، وأرصد الأجواء قبل النكسة فى مصر كيف كانت».. بهذه الكلمات عبر دكتور إيمان يحيى عن سعيه المتواصل ورغبته فى أن ينقل صورة حية للقارئ للأحداث، موضحا أن الرواية عبارة عن مجموعة من الفصول والفواصل، لافتا إلى أنه ينبغى أن تكون الفواصل بالرواية قصيرة وبالفعل حرصت على ذلك فيما عدا جزء من وثيقة صاغها صلاح عيسى ونشرت فى مجلة الحرية وقمت باختصارها، وكانت تتكلم عن 14 سنة على ثورة يوليو 1966. وأضاف: «من الممكن أن نعتبر بعض الفواصل قصص قصيرة، ولكنها حقيقية بشكل أو بآخر، لقد استمدتها سواء من قراءاتى أو كتب ومذكرات»، موضحا «الرواية بها مزيج من خيال ووقائع حقيقية، شخصية كريمة شخصية خيالية، لكن حينما أعود بذاكرتى إلى النكسة، حينها كنت فى عمر ال 13 سنة أجد معطيات وأحداثا كانت واقعية ولكن غلفتها بالخيال، وعن سؤاله حول وجود ثنائية تضاد فى أحداث الرواية، بشأن رفض الطبقة الفقيرة الأغنى منهم، أجاب بأن التضاد طول الرواية موجود، والكوميديا السوداء كان مخطط لها سلفا». وأردف: خططت لشخصيات الرواية الثلاثة الرئيسية، لم يكونوا بمحض الصدفة، ووسط مسار الأحداث لا ألوم أى شخصية من شخصيات الرواية، أنا أدين القمع والديكتاتورية، التى وصلت بنا لهزيمة العام 1967، والرواية بها فصلان فى غاية الأهمية، عن مؤتمر المبعوثين 66، فهذا المؤتمر تم تنظيمه بعدما ذهب عبدالحكيم عامر لسفارة فرنسا، وذهل من النقد الموجه من مبعوثين فرنسا، فعاد لعبدالناصر ونقل الصورة، وانعقد اجتماعان، الأول اجتماع الأمانة العامة للاتحاد الاشتراكى والآخر اجتماع أمانة الجيزة برئاسة فريد عبدالكريم واعتبروا الكلام الذى قاله الفرنسيون ثورة مضادة بشكل أو بآخر، فقرروا عقد مؤتمر المبعوثين، وحضر عبدالناصر يومين من المؤتمر، واستطعت الحصول على بعض المناقشات التى دارت. وعن سؤاله حول استدعائه لما جرى فى العام 2011، قال إنه سجلها فى روايتيين، رواية «الكتابة بالمشرط» ورواية «قبل النكسة بيوم»، قائلا: أنا من أوائل الناس التى شاركت فى 2011، وشاهدت الأحداث منذ بدايتها بوسط البلد، ونظرا لخوفى أن أنسى فالأحداث فقمت باستدعاء التفاصيل فى الكتابة، وعندما أكتب لا يهمنى رأى أحد ممن متوقع أن ينتقدوننى، توقعت أن الناصريين يهاجمون الرواية، وهذا لم يحدث، وهو موقف يحسب لهم لأنه لا وجود لشىء يبرر هزيمة لم تأتِ من فراغ. وتابع: «قرأت 3 روايات ثرثرة فوق النيل لنجيب محفوظ، وميرامار، وبنك القلق لتوفيق الحكيم»، ولكنى وجدت فى رواية «ميرامار» مدخلا لروايتى حيث اخترت فقرتين فى أول الرواية لأنهم لهم دلالة جيدة بشكل ما». واختتم حديثه، أن من حسن حظه أن المنطقة الإبداعية الخاصة بالرواية والتى تستند إلى أحداث منظمة الشباب وتنظيم القوميين العرب، لم يتعرض لهم أحد من قبل روائيا ولم يتم تناولهم بشكل أدبى، مضيفا قرأت جميع الشهادات سواء صلاح عيسى أو الكاتب الصفحى محمد العزبى، مؤكدا على أنه يميل إلى أسلوب التوثيق فى الرواية ويفضله ولذلك على سبيل المثال تطرق إلى ذكر بعض الأغانى فى هذه الفترة.