فيما تستعد القوات الحكومية والمتمردون في مقديشو للتواجه في معركة كبرى، يقبل المقاتلون بطمأنينة على شراء المسدسات والبنادق الهجومية في سوق المدينة الرئيسي. وفر آلاف المدنيين في الأيام الأخيرة من مقديشو كما أغلقت معظم المتاجر أبوابها، اثر تواتر الشائعات عن هجوم وشيك للقوات الحكومية على المتمردين, وفي المقابل ازدهرت تجارة الأسلحة الجديدة والمستعملة بالمفرق. وأشار أحد الباعة عبدي حيرسي في هذا السياق إلى ارتفاع ثمن مسدس صيني هو أهم قطعة سلاح يبيعها بنسبة 25 بالمائة في الأيام الأخيرة. وأوضح: "المسدس الصيني الذي كان يباع في السابق بسعر 560 دولارا، أصبح حاليا في حدود 700 دولار" مضيفا "أنا أتحدث عن قطعة جديدة لا تزال في غلافها", وتابع: "إذا أردتم شراء المزيد يمكن أن نخفض قليلا السعر أو نعرض حسما جيدا على الذخيرة". وأشار البائع الشاب بشيء من الحسرة إلى نفاد قاذفات صواريخ ال"ار بي جي" لديه منذ الأسبوع الماضي مضيفا مع ذلك "يمكنني الحصول عليها من تجار آخرين على أن تقدم إلى زبون جاد". ويقع سوق السلاح في منطقة باكارا ابرز مركز تجاري في شمال مدينة مقديشو. وفي هذه الشبكة من الطرقات الضيقة التي كثيرا ما تستخدمها المجموعات المسلحة في حرب العصابات التي تخوضها، تمتد بسطات المواد الغذائية إلى جانب بسطات الملابس والأقمشة، كما يباع أيضا الذهب والمحروقات وتشكيلات متنوعة من السلع المسروقة. سوق السلاح في ارتوغتي أحد نواحي باكارا، وهي منطقة معروفة جيدا من السكان إذ تشهد باستمرار عمليات إطلاق نار في الجو لاختبار البضاعة قبل شرائها.. وأوضح أحمد محمد - 34 عاما - وهو تاجر آخر أن: "اختبار (السلاح) أساسي للتثبت من أن المنتج يعمل. ولا يمكننا بيع أسلحة غير صالحة". يذكر أن الحكومة الانتقالية اغلقت رسميا في 2007 سوق ارتوغتي ثم أغلقه تنظيم "الشباب المجاهدين" في 2008 حين سيطروا على الحي. ويحرص باعة السلاح منذ ذلك التاريخ على التكتم لكن شراء بندقية هجومية لا يعتبر أكثر صعوبة بكثير من شراء هاتف جوال إذا ما توافر المال. وقال محمد: "لم يعد بإمكاننا عرض بضاعتنا في الشارع كما في السابق لكن من المهم مواصلة العمل والبحث عن زبائن", وأوضح: "الشباب والحكومة يمكن أن يصادروا سلعنا إذا لمحوها. ولذلك فإننا نحتفظ بها في أماكن آمنة ونسلمها مباشرة للمشتري". وأعرب محمود عبدي - 23 عاما - أحد عناصر مليشيا الشباب عن يأسه من العثور على قذائف عيار 106 ملم لقاذفته المحمولة ام40 من صنع أمريكي, وقال: "الأسلحة موجودة لكن الذخائر ليست متوفرة. ولو تمكنا من استخدام هذه الأسلحة لرحلت قوات الاتحاد الإفريقي إلى بلدانها كما حصل مع الأممالمتحدة في 1995". وفي تقرير نشر العام الماضي أشار فريق العمل التابع للأمم المتحدة المكلف مراقبة الحظر على الأسلحة في الصومال، إلى أن "80 بالمائة من الاستثمارات الدولية المخصصة لإعادة بناء قوات الأمن الحكومية تم تحويلها عن هدفها الأول". كما أشارت منظمة العفو الدولية إلى هذا الواقع في تقرير حديث وكتبت "أن الحكومة الانتقالية الصومالية لا تملك القدرة على منع وصول كميات كبيرة من أسلحتها ومعداتها العسكرية إلى مجموعات مسلحة أخرى والى السوق السوداء".