وزير التعليم العالي يستقبل وفدًا من مجموعة جنوب إفريقيا للتنمية «SADC»    القطاع المصرفي الأمريكي يسجل خسائر غير محققة بقيمة 517 مليار دولار    محافظ شمال سيناء يتابع انتظام امتحانات الثانوية العامة    أسعار الجمبري والكابوريا اليوم الاثنين 10-6-2024 في محافظة قنا    أسعار اللحوم الضاني اليوم الاثنين 10-6-2024 في الأسواق ومحال الجزارة بقنا    تداول 20 ألف طن بضائع عامة ومتنوعة بموانئ البحر الأحمر    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الإثنين    وزيرة الهجرة: نعمل على تدشين المركز المصري الإيطالي للوظائف    تصريح جديد ل حماس بشأن مبادرات وقف الحرب في غزة    بلينكن يزور مصر وإسرائيل وسط مساعي وقف إطلاق النار في غزة    ماكرون: على ثقة أن الفرنسيين "سيقومون بالخيار الصحيح" خلال الانتخابات المبكرة    واشنطن بوست: استقالة جانتس وآيزنكوت تقلب حكومة نتنياهو رأسا على عقب    سنتكوم: أجرينا عملية إنزال جوي للمساعدات الإنسانية إلى شمال غزة    حسام البدري يكشف تشكيل المنتخب الأمثل لمواجهة غينيا بيساو    اتحاد الكرة يكشف تطورات أزمة مستحقات روي فيتوريا    بشير التابعي: الأهلي في حاجة للتعاقد مع أحمد حجازي    شبانة: رمضان صبحي قدم دفوع طبية بشأن فساد العينة    أول إجراء من وزارة الرياضة بشأن أزمة «الدروس الخصوصية» في صالة حسن مصطفى    «التضامن» تعلن اكتمال وصول أفواج حجاج الجمعيات الأهلية إلى الأراضي المقدسة    انطلاق تشغيل قطارات العيد الإضافية.. اعرف المواعيد    «ابعت الأسئلة وخد الحل».. شاومينج يحرض طلاب الثانوية العامة على تصوير امتحان التربية الدينية    توصيلة الموت.. حكايات من دفتر ضحايا لقمة العيش    إخماد حريق داخل شقة سكنية فى إمبابة دون إصابات    تعرف على عقوبة التحريض على الفجور والدعارة بالقانون    5 معلومات عن زوجة أمير طعيمة الجديدة.. ممثلة صاعدة وخبيرة مظهر    بعد غياب 3 سنوات.. هنا الزاهد تعود لدراما رمضان بمسلسل من بطولتها    البابا تواضروس الثاني يدشن الكنيسة الجديدة باسم القديس الأنبا إبرام بالفيوم    الثانوية العامة 2024| انتظام جميع لجان امتحانات المنيا    السعودية تطلق خدمة أجير الحج والتأشيرات الموسمية.. اعرف التفاصيل    السعودية تستضيف ألف حاج من ذوي شهداء ومصابي غزة بأمر الملك سلمان    لميس الحديدي: رحلتي لم تكن سهلة بل مليئة بالتحديات خاصة في مجتمع ذكوري    مع فتح لجان امتحانات الثانوية العامة 2024.. دعاء التوتر قبل الامتحان    تعرف على ما يُستحب عند زيارة النبي صلى الله عليه وسلم    الفلسطيني أمير العملة يتوج بذهبية بطولة العالم بلعبة "المواي تاي"    نشرة ال«توك شو» من «المصري اليوم»: رئيس «اتصالات النواب» يزف بشرى سارة عن مكالمات التسويق العقاري.. وعمرو أديب عن مدرس الجيولوجيا: «حصل على مليون و200 ألف في ليلة المراجعة»    واشنطن تدعو مجلس الأمن للتصويت على مشروع قرار يدعم مقترح الهدنة فى غزة    تركي آل الشيخ يعلن مفاجأة عن فيلم ولاد رزق ويوجه رسالة لعمرو أديب    الكشف على 1346 مواطنا خلال قافلة طبية مجانية بقرية قراقص بالبحيرة    دعوة للإفراج عن الصحفيين ومشاركي مظاهرات تأييد فلسطين قبل عيد الأضحى    ضمن فعاليات "سيني جونة في O West".. محمد حفظي يتحدث عن الإنتاج السينمائي المشترك    هؤلاء غير مستحب لهم صوم يوم عرفة.. الإفتاء توضح    عند الإحرام والطواف والسعي.. 8 سنن في الحج يوضحها علي جمعة    ضياء رشوان ل قصواء الخلالي: لولا دور الإعلام في تغطية القضية الفلسطينية لسُحقنا    وصفة سحرية للتخلص من الدهون المتراكمة بفروة الرأس    عددهم 10 ملايين، تركيا تفرض حجرًا صحيًا على مناطق بالجنوب بسبب الكلاب    بمساحة 3908 فدان.. محافظ جنوب سيناء يعتمد المخطط التفصيلي للمنطقة الصناعية بأبو زنيمة    عمر جابر يكشف كواليس حديثه مع لاعبي الزمالك قبل نهائي الكونفدرالية    النسبة التقديرية للإقبال في انتخابات الاتحاد الأوروبي تقترب من 51%    نقيب الصحفيين: نحتاج زيادة البدل من 20 إلى 25% والقيمة ليست كبيرة    ضياء السيد: عدم وجود ظهير أيسر في منتخب مصر «كارثة»    تعرف على فضل مكة المكرمة وسبب تسميتها ب«أم القرى»    القطاع الديني بالشركة المتحدة يوضح المميزات الجديدة لتطبيق "مصر قرآن كريم"    عضو الزمالك: لا أرغب في عودة إمام عاشور للأبيض.. وأتمنى انضمام لاعب الأهلي    "صحة الشيوخ" توصي بوضع ضوابط وظيفية محددة لخريجي كليات العلوم الصحية    عوض تاج الدين: الجينوم المصرى مشروع عملاق يدعمه الرئيس السيسى بشكل كبير    مصر في 24 ساعة| لميس الحديدي: أصيبت بالسرطان منذ 10 سنوات.. وأحمد موسى يكشف ملامح الحكومة الجديدة    لميس الحديدي تكشف تفاصيل تهديدها بالقتل في عهد الإخوان    محافظ المنوفية يفتتح أعمال تطوير النصب التذكاري بالباحور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من هو محمد البرادعي؟
نشر في الشروق الجديد يوم 17 - 02 - 2010

ترددت كثيرا فى كتابة هذه السطور لأنه لم يسبق لى أن كتبت فى أمور تدخل فى إطار الشئون الداخلية، فقد شرفت بتمثيل مصر فى الخارج لأكثر من أربعة عقود، وجل اهتمامى كان دائما الشئون الدولية. ولكن التطاول الذى نال الدكتور محمد البرادعى قبل أن تطأ قدميه أرض الوطن دفعنى إلى الخروج عن هذه القاعدة. وكلى أمل أن يقابل وصول محمد البرادعى إلى مصرنا العزيزة بالترحاب والتقدير.
فالتصريحات التى أدلى بها حول رؤيته لمستقبل مصر كانت مثار ضجة كبرى فى بداية شهر ديسمبر الماضى، وسببا فى حملة غير مفهومة وغير مسبوقة فى التهجم على شخص فى قامة ومكانة وقيمة محمد البرادعى، حاز تقدير وإعجاب واحترام جميع من عرفوه وعملوا معه.
عندما وجهت إليه أسئلة حول مستقبل مصر، قدم تصوره لما يأمل أن يراه فى مصر، وهى أفكار وآمال تدور فى ذهن كل مصرى يحب بلده ويأمل أن يرى مصر دولة عصرية متقدمة بأسلوب علمى مستنير. لا أدعى أننى اطلعت على كل تصريحات محمد البرادعى لأنه قد يكون قد أدلى بتصريحات فى الخارج لم تسنح لى الفرصة للاطلاع عليها ولكن ما قرأته فى تصريحاته حول مستقبل مصر يتفق تماما مع آمال كل مصرى وأجد أننى شخصيا أشارك فى الرغبة أن تتوافر الظروف لتحقيق الآمال التى عبر عنها.
وليسمح لى القارئ أن أعود إلى الوراء لأكثر من أربعين عاما لأتناول بنوع من التحليل شخصية محمد البرادعى كما عرفته شابا فى مقتبل عمره لم يتجاوز الخامسة والعشرين، وسوف أتوقف عند ثلاث محطات رئيسية فى حياته المهنية تمثل عمله فى الخارجية، ثم التخصص فى القانون الدولى، ثم وكالة الطاقة الذرية لدى الأمم المتحدة.
المحطة الأولى: كان محمد البرادعى أصغر أعضاء البعثة المصرى سنا عندما بدأ عمله فى نيويورك عام 1967، وكان دائما جادا ولديه نوع من وضوح الرؤية حول ما يسعى إلى تحقيقه، وكلف بمتابعة أعمال اللجنة الخامسة المعنية بالشئون المالية والإدارية على أساس أن مندوب مصر فى اللجنة هو الوزير المفوض محمد رياض وزير الدولة للشئون الخارجية فيما بعد سيتولى تمثلى مصر فى اللجنة. ولكن نظرا لأن محمد رياض كان فى نفس الوقت يشغل منصب مدير مكتب وزير الخارجية، انتهى الأمر بأن محمد البرادعى كان من الناحية العلمية بالرغم من صغر سنه الممثل الحقيقى لمصر فى هذه اللجنة المهمة. وشهد له الجميع بالكفاءة والتفانى فى العمل.
بعد ذلك بسنوات عندما عمل فى مكتب وزير الخارجية إسماعيل فهمى كان بلا جدال أقرب مساعديه، ومحل ثقته التامة، وكان إسماعيل فهمى يعهد إليه بأكثر الموضوعات الحساسة.
المحطة الثانية: أثناء عمله فى البعثة الدائمة فى نيويورك قرر محمد البرادعى أن يطلب مزيدا من التخصص فى القانون الدولى. والتحق بناء على اقتراح منى بكلية الحقوق فى جامعة نيويورك وحصل على الماجستير، ثم أخذ الدكتوراه، وكان موضوع رسالة الدكتوراه عن المضايق فى قنون البحار. وحيث إنه كان يدرس مع نفس الأساتذة الذين درست معهم، فكنت أسمع منهم دائما مديحا وإعجابا بتفوقه وسعة اطلاعه. وعندما تولى أحد هؤلاء الأساتذة، وهو أستاذ قانون دولى شهير اسمه توم فرانك، منصب مدير البحوث فى معهد الأمم المتحدة للتدريب والبحوث طلب محمد البرادعى للعمل معه فى المعهد. وشارك معه فى تأليف عدة مقالات مهمة.
المحطة الثالثة: التحق محمد البرادعى بوكالة الطاقة الذرية عام 1984 كمدير لمكتبها لدى الأمم المتحدة فى نيويورك، ولكن سرعان ما اكتشف مدير عام المنطمة هانس بليكس قدراته وكفاءته، فتم تعيينه مديرا للشئون القانونية. وفى هذا المنصب أشرف على إبرام عدة اتفاقيات مهمة تتعلق بالرقابة على الأسلحة النووية. ولمع اسمه كمسئول دولى على أعلى مستوى، مما دفع الدول الأفريقية إلى ترشيحه مديرا عاما للوكالة وأعيد انتخابه مرتين. أثبت محمد البرادعى خلال توليه هذا المنصب السياسى الدولى الحساس أنه يملك القدرة والشجاعة على الدفاع عن معتقداته ومبادئه وأنه صلب قبل المواجهة ولا يرضخ للضغوط. ولازال المجتمع الدولى بأسره يتذكر مواقفه الشجاعة عندما رفض التمشى مع موقف الولايات المتحدة عندما قررت الهجوم على العراق. وفى عالمنا المعاصر لا توجد دولة تستطيع الوقوف أمام الضغوط التى تباشرها الحكومة الأمريكية، ومع ذلك فإن محمد البرادعى بشخصه، وبوصفه مديرا للوكالة الدولية للطاقة الذرية تصدى للرغبات الأمريكية، مما استحق عليه أن يحصل بجدارة هو والوكالة على جائزة نوبل للسلام عام 2005.
أسوق بإيجاز ما أعتقد أنه يمثل الخطوط العريضة التى تعطى صورة أمينة عن إنجازات محمد البرادعى. وكم خز فى نفسى أن أطالع ما نشرته بعض الأقلام من معلومات منقوصة ومغلوطة للنيل من قيمة مواطن مصرى كان دائما يمثل أنبل وأرقى القيم المصرية الأصيلة.
ولا أزعم أنى أعرف ما يدور فى ذهن محمد البرادعى الآن بعد الحملة الشرسة التى تعرض لها. ولكن إذا حكمنا برد الفعل الذى يتمثل فى تأييد شعبى متزايد للأفكار التى طرحها، فيمكن القول إن محمد البرادعى قد نجح فى بث آمال عريضة حركت مياها كانت راكدة منذ نصف قرن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.