«بيشترى منى محمد وبيشترى منى جرجس، يعنى المسلم والمسيحى. اللى مشغل تسجيل قرآن فى العربية واللى معلق الصليب. اللى راكب مرسيدس واللى معاه 127. كله بيشترى منى». يتحرك صابر، بائع الأعلام، بسرعة وخفة على جانبى شارع مصطفى النحاس بمدينة نصر، المكتظ بالسيارات والحافلات ليبيع العلم المصرى. يتوافد الجمهور دون انقطاع، وينتظر الدور للحصول على علم يرفعه وهو يشجع المنتخب الوطنى المصرى لكرة القدم. يبيع صابر علم مصر بأحجامه المختلفة، يصل طول الأكبر منها إلى مترين. بعض زبائن صابر من الرجال الكبار. «شوية ولاد وبنات حلوين بيلموا من بعض تمن العلم ويحطوا 60 جنيه ويعلقوا العلم على ظهر العربية ويقولوا: مصر مصر». منذ بدء مباريات مسابقة كأس الأمم الأفريقية وصابر يبيع أعلاما «كل يوم» ولكن مع عشية مبارة مصر والجزائر مساء الخميس الماضى ازدادت حمية التشجيع، وصولا إلى المباراة النهائية والتى سيتنافس فيها الفريق القومى المصرى مع نظيره الغانى مساء اليوم. صابر كغيره من بائعى الأعلام الذين تحدثوا للشروق فى الأحياء المتوسطة وفوق المتوسطة بالقاهرة، يرون فى مباريات كرة القدم لحظة نادرة يتوحد فيها المصريون بكل أطيافهم من الرجال والنساء والاغنياء والفقراء، وبغض النظر عن الانتماء الدينى والسياسى ليشجعوا وطنا واحدا فى لحظة انتماء شاملة. شيماء تترجل من عربات الميكروباص المزدحمة فى ميدان العباسية. تحتضن ابنها الذى لا يتجاوز عمره العامين وهو يحمل فى يده الصغيرة علم مصر ويلوح بها ليلامس النقاب الذى تغطى به وجهها. «جبت لعبدالله العلم وهصوره وهو شايل. دى بلدنا لازم نشجعها ولازم نحبها». شيماء الموظفة فى جامعة عين شمس تقول إنها لا تسمع أحدا يتحدث إلا عن مباريات كأس الأمم الأفريقية. «فى المينى باص اللى بركبه كل يوم الصبح وبعد الظهر. وفى الجامعة فى المكاتب بتاعة شئون الطلبة وفى مكاتب الأساتذة والولاد والبنات كله بيتكلم عن الكورة وكله فرحان». فى شارع الخليفة المأمون يلاحظ أحد ضباط المرور أن سائقى السيارات الذين عادة ما يتبادلون الحدة، يظهرون صبرا غير عادى إذا ما كان التباطؤ بسبب شراء العلم. «الواحد منهم بيستنى اللى قدامه ولا كلاكس ولا حاجة. علشان بيجيب علم يشجع مصر. وإن شاء الله ناخد الكاس»، يقول فتحى ضابط المرور وهو يرفع يديه للسماء.