نعيش خلال شهر رمضان المبارك نفحات إيمانية جليلة، وما أطيب أن نتحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم خلال هذا الشهر الكريم. وفي حلقات متواصلة، ترصد "الشروق" حياة الرسول صلى الله عليه وسلم في منزله كزوج، موضحة علاقته بزوجاته "أمهات المؤمنين"، في سلسلة بعنوان "نساء النبي"، وذلك كما وردت في الكتاب الذي يحمل نفس الاسم للكاتبة الدكتورة عائشة عبدالرحمن، المعروفة ب"بنت الشاطئ". الحلقة السادسة بين خديجة وعائشة.. سودة بنت زمعة أدركت أنها لن تستطيع الوصول لقلب النبي تقبل المجتمع وقتها أنباء زواج الرسول صلى الله عليه وسلم من السيدة سودة بنت زمعة بشكل لا يطيب لهما، حيث لم يصدقوا أن أرملة مسنة غير ذات جمال ستخلف السيدة خديجة بنت خويلد سيدة نساء قريش، وقال البعض إن سودة لن تخلفها وإنما ستأتي إلى بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم جبرا لخاطرها وعزاء لها عن رحيل زوجها وابن عمها السكران بن عمرو العامري، الذي هاجر بها فيمن هاجر إلى الحبشة، ثم توفي وتركها وقد أسلمتها محنة الغربة إلى الترمل. ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم 8 أشخاص من بني عامر خرجوا من ديارهم في سبيل الله عز وجل، منهم مالك بن زمعة شقيق سودة، وزوجها وابن عمها السكران بن عمرو، وشقيقاه سليط وحاطب وابن شقيقه عبدالله بن سهيل، واصطحب 3 من ال8 رجال زوجاتهن وكلهن عامريات، سودة بنت زمعة، وأم كلثوم بنت سهيل، وعمرة بنت الوقدان، فهكذا خرجت الأسرة المؤمنة برجالها ونسائها من دارها ووطنها راضية بما هو أقسى من الموت في سبيل الله. تأثر رسول الله صلى الله عليه وسلم بما عانته سودة بنت زمعة في هجرتها وفي ترملها، فما كادت خولة تذكرها له للزواج حتى وافق على الفور، ليهون عليها ما ذاقته من قسوة الحياة. أدركت سودة منذ اليوم الأول من زواجها من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن هناك حاجزا بينها وبين قلبه لا يوجد سبيل لاقتحامه، فهي تزوجته وهو حزين على فراق محبوبته السيدة خديجة رضي الله عنها، وفي انتظار العروسة الصبية السيدة عائشة رضي الله عنها، وبين تلك وتلك اندهشت وتعجبت سودة من زواج رسول الله صلى الله عليه وسلم منها، وأيقنت أن الرسول صلى الله عليه وسلم هو من تزوجها لا الرجل محمد بن عبدالله، الذي لم تجرده النبوة من بشريته، وأن نصيبها من هذا الزواج سيكون بر ورحمة وليس حبا وتآلفا. ارتضت السيدة سودة بحالها، وكان حسبها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاها هذه المكانة، لتصبح أرملة السكران بن عمرو أما للمؤمنين، وكان يسعدها عندما يضحك صلى الله عليه وسلم من خفة روحها، أو يستطيب عبارة من عباراتها، وقيل في كثير من الروايات إنها كانت طيبة حد السذاجة. ماذا فعلت السيدة سودة بنت زمعة بعد زواج الرسول صلى الله عليه وسلم من السيدة عائشة رضي الله عنها؟ هذا ما سنعرفه خلال الحلقة القادمة.. اقؤأ أيضا: نساء النبي (5) .. سودة بنت زمعة أول زوجة للرسول بعد وفاة السيدة خديجة بنت خويلد