يطالب منتدى دافوس الاقتصادي العالمي في دورته الأربعين، ب "إعادة التفكير والصياغة والبناء" لنظام اقتصادي عالمي بعد هزة الأزمة المالية، "من أجل تحسين وضع العالم". ولكنه لا يذهب إلى حد التشكيك في صلاحية النظام القائم، بل يرغب في إنعاشه من خلال دردشة بمن حضر، حول مواضيع لم تجد حلولا في محافلها الأساسية، مثل التغيرات المناخية أو الانتشار النووي أو إنعاش القارة الإفريقية، باستثناء موضوع إعادة بناء هايتي الذي فرضته الأحداث. يحتفل منتدى دافوس الاقتصادي العالمي هذا العام بالذكرى الأربعين على تأسيسه، في ظل وضع اقتصادي متضرر من جراء الأزمة المالية التي لم يتنبأ محللو المنتدى بإمكانية وقوعها. وفي الوقت الذي ترزخ فيه العديد من الدول تحت وطأة وأعباء الديون المتراكمة من جراء إنقاذ النظام المالي والاقتصادي، اختار الساهرون على المنتدى شعارا لهذا العام يتمثل في ضرورة "إعادة التفكير والصياغة والبناء من أجل تحسين أوضاع العالم". شعار طموح، لكن مناقشته ستتم بمن حضر في دورة يبدو أنها تفتقر للمعنيين بالأمر والذين لهم مسؤولية مباشرة فيما حدث، وفي مقدمتهم كبار المسؤولين الأمريكيين وكبار رجال البنوك في الولاياتالمتحدةالأمريكية. إعادة التفكير.. لكن ليس إلى حد الثورة دورة 2010 من منتدى دافوس الاقتصادي العالمي ستعقد في منتجع دافوس السياحي ما بين 27 و31 يناير بحضور 2500 مشارك من بينهم حوالي 30 رئيس دولة و60 وزيرا، من بينهم رؤساء فرنسا والبرازيل والمكسيك وجنوب إفريقيا وكوريا الجنوبية ونائب رئيس وزراء الصين. وللسماح لكل هؤلاء المشاركين من ممثلي الدول والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني المنتقاة، وممثلي الأوساط الثقافية والدينية والإعلامية، بمناقشة قضايا الساعة في النظام الاقتصادي العالمي، تم تخصيص أكثر من 100 جلسة. أغلب هذه الجلسات اتخذت شعار "إعادة الصياغة والتفكير والتصور"، إما للنظام المالي العالمي، أو للنمو الاقتصادي العالمي على المدى الطويل، أو إعادة التفكير في نمو القارة الإفريقية، بل حتى إعادة تصور نظام رأس المال الذي تتحكم فيه الأسواق، بما في ذلك إعادة التفكير في أخلاقيات المهنة في المجال التجاري. وهذا كله من أجل إعادة الثقة في النظام الاقتصادي. لكن عندما وجهت swissinfo.ch السؤال لمؤسس المنتدى كلاوس شفاب عما إذا كان يقصد بالدعوة الى إعادة التفكير والتصور والبناء، إعادة النظر كليا في النظام القائم الذي كشفت عيوبه الأزمة المالية والأزمة الاقتصادية التي تلتها؟"، اكتفى السيد شفاب بالرد بأن تصوره للنظام "يعني نظاما رأسماليا تشارك فيه جميع الأطراف في تحمل المسؤولية، سواء تجاه الدولة أو تجاه المجتمع. لا يجب التوقع إذن بأن يذهب منتدى دافوس الاقتصادي العالمي إلى حد التشكيك في النظام القائم، إلا إذا كان يرغب بذكاء في ترك المفاجأة للرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، الذي تم اختياره هذه السنة لإلقاء خطاب الافتتاح لكي يشرح تصوره للنداء الذي أصدره قبل مدة من أجل إقامة نظام اقتصادي عادل. مواضيع فرضتها الأحداث إذا كانت المواضيع المطروحة للنقاش في منتدى دافوس الاقتصادي العالمي لهذا العام من المواضيع التي سبق أن تم التطرق لها بشكل أو بآخر، فإن الأحداث فرضت موضوع إعادة بناء هايتي بعد الزلزال المدمر الذي ضربها يوم 12 يناير الجاري، وموضوع التغيرات المناخية التي لم تجد في مؤتمر كوبنهاجن حلولا مقنعة. منتدى دافوس يعتزم تخصيص نقاش هام لمستقبل هايتي. وصرح كلاوس شفاب بهذا الشأن، في الندوة الصحفية التي انعقدت يوم الأربعاء 20 يناير في جنيف: سنقوم بمبادرة كبرى برفقة الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون، المبعوث الخاص للأمم المتحدة في هايتي، من أجل أن تلتزم الشركات الكبرى على المدى البعيد بإعادة بناء الجزيرة التي حطمها الزلزال. كما شدد مختلف مدراء المنتدى على تخصيص مكانة بارزة للنقاش حول التغيرات المناخية عقب مؤتمر كوبنهاجن، إذ يرى كلاوس شفاب بأنه على المنتدى أن يواكب التطورات العالمية، خصوصا عندما تبدو التضاربات في التعاون الدولي واضحة للعيان. حضور عربي؟ وسيكون للعالم العربي حضور مكثف في دورة هذا العام لمنتدى دافوس الاقتصادي العالمي يصل في بعض الأحيان بالنسبة لبعض البلدان إلى أكثر من وزير وعشرات مدراء المصالح والخبراء. ومن بين الدول المشاركة هذه السنة الأردن ممثلا بالملك عبد الله الثاني والملكة رانيا، ورئيس الوزراء، والبحرين ممثلا بولي العهد وعضو من مجلس الشورى، والكويت برئيس الوزراء، والسلطة الفلسطينية برئيس الوزراء، إضافة إلى حضور معتاد وتقليدي للأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى. ويلاحظ غياب متميز لبلدان المغرب العربي، وبالأخص المغرب الذي تعوّد المشاركة في المنتديات السابقة بعدد من الوزراء. وإذا كان للحضور العربي تواجد هام على مستوى الضيوف، فإن مناقشة مشاكله في منتدى دافوس، إما اقتصرت على الخوض في مواضيع عامة، كصِدام الحضارات أو حوار الحضارات أو وصفة شروط انتعاش متوازن لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في عام 2010. وعندما يتم التطرق إلى مشاكل المنطقة الحقيقية، مثل جلسة إعادة التفكير في موازين القوى بمنطقة الشرق الأوسط، أو التحديات التي تواجه منطقة الشرق الأوسط في عام 2010، يترك ذلك لحوار بين الأطراف العربية فيما بينها. الموضوع الأول، بين الوزير الأول الفلسطيني سلام فياض وخالد عبد الله جناحي، الرئيس الشرفي لمجلس الأجندة العام لمستقبل الشرق الأوسط في الإمارات، بينما عُهد للملك عبد الله الثاني تلخيص نظرة الشرق الأوسط لتحديات أجندة عام 2010، وهذا على الرغم من وجود رئيس الوزراء الإسرائيلي شيمون بيريز.