مقابل الجنيه.. أسعار الدولار والعملات الأجنبية اليوم الخميس 16 - 10 – 2025    محافظ كفر الشيخ: تنفيذ 6 قرارات إزالة على مساحة 1300م2 بمركز الرياض    تسليم 581 كشك لغير القادرين بقرى ونجوع كفر الشيخ    مصادر طبية فلسطينية: ارتفاع عدد جثامين الشهداء المستلمة ل120 بعد الإفراج عن 30 جثمانا    الكرملين: روسيا مستعدة لتقديم كل المساعدة اللازمة للشعب الفلسطينى    روما يقترب من استعارة زيركيزي لاعب مانشستر يونايتد في يناير    سفيرة مصر في بوروندي تستقبل بعثة الأهلي في المطار.. صور    فيريرا يكشف حقيقة رحيل أوشينج وجهاد عن الزمالك وموقفه من المعد النفسي    محامي زيزو ل"اليوم السابع": أدلة مستحقات اللاعب في اتحاد الكرة    غلق وتشميع مركز حضانات ببنى سويف لمخالفة اشتراطات الترخيص وسياسة مكافحة العدوى    الاتحاد الأوروبي يكرّم مي الغيطي بعد اختيارها عضو لجنة تحكيم مهرجان الجونة    يروى تاريخ الإمارات.. متحف زايد الوطنى يفتح أبوابه فى 3 ديسمبر    كلمة مؤثرة في ختام مهمته.. "رئيس النواب": خدمة الوطن شرف لا يدركه إلا من خدمه بقلب نقي ونية خالصة    كأس إنتركونتيننتال.. وفد بيراميدز يتفقد ملاعب قطر قبل مواجهة بطل الأمريكتين    الأمم المتحدة تدعو باكستان وأفغانستان لوقف دائم للاشتباكات    رحلة عمرة تبرع من أحد الأشخاص لعم "فوزى" صاحب واقعة مينى باص الدقهلية    الحكم على التيك توكر أوتاكا 29 أكتوبر بتهمة بث فيديوهات خادشة    تعليم القاهرة تتابع انتظام الدراسة واستعداد المدارس لامتحانات أكتوبر    رئيس الوزراء: النيل بالنسبة لمصر قضية وجود لا تقبل المساومة    بعد اكتشاف عملات تاريخية بها.. خبير: الكبسولة الرصاصية النادرة تكشف أسرار تشكيل الهوية السكندرية    فرقة دمنهور المسرحية تعرض ها أم مللت في ملتقى شباب المخرجين على مسرح السامر    رئيس الوزراء يشهد توقيع مذكرة تفاهم بين مصر وقطر للتعاون في المجال الصحي    بطلها حسام عبد المجيد.. صفقة تبادلية بين الزمالك وبيراميدز    الرياض تحتضن أكبر معرض عقاري مصري "عقارات النيل" بمشاركة كبار المطورين بعروض استثنائية لعملاء المملكة    القافلة الثانية عشرة التي يشرف عليها التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي تستعد للانطلاق نحو غزة    بنى سويف تنفذ ماراثون الدراجات ومسيرة مشي ضمن فعاليات مهرجان النباتات الطبية والعطرية في نسخته الرابعة    قرار جمهوري بترقية اسم الشهيد اللواء حازم مشعل استثنائيا إلى رتبة لواء مساعد وزير الداخلية    سيف زاهر يشدد علي ضرورة التواصل الدائم مع المواطنين عبر لقاءات ميدانية دورية    طنطا تستقبل عشرات الزوار من السودان للمشاركة في الليلة الختامية لمولد السيد البدوي    الأمين المساعد لشؤون الواعظات بالأزهر تزور معاهد سيوة    ترتيب هدافي الدوري المصري قبل مباريات الأسبوع الحادي عشر    آمال ماهر نجمة إفتتاح مهرجان ومؤتمر الموسيقي العربية ال33    ريم مصطفى بطلة مسلسل «فن الحرب» ل يوسف الشريف في رمضان 2026    «حظهم وحش».. 3 أبراج تفشل في العلاقات والحب    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 16-10-2025 في محافظة الأقصر    رجال يد الأهلي يواجه البوليس الرواندي في بطولة إفريقيا    الصحة: فحص 19.5 مليون مواطن ضمن مبادرة الرئيس للكشف المبكر عن الأمراض المزمنة والاعتلال الكلوي    كيف ظهرت سوزي الأردنية داخل قفص الاتهام فى المحكمة الاقتصادية؟    بيان عملى وتوعية ميدانية.. الحماية المدنية تستقبل طلاب مدرسة بالمنوفية    الأمن السوري يلقي القبض على ابن عم بشار الأسد    خالد مرتجي: وجود ياسين منصور مكسب كبير للأهلي.. وميزانية النادي تخطت ال8 مليار جنيه    عمرو الورداني: مصر قادرة على إطفاء نيران الفتن وصناعة السلام بشرف وعدالة    الداخلية تكثف حملاتها لضبط الأسواق والتصدي لمحاولات التلاعب بأسعار الخبز    اتحاد طلاب جامعة أسيوط يكرم الدكتور أحمد المنشاوي تقديرًا لجهوده    بعد ملاحظات الرئيس.. النواب يؤجل تطبيق قانون الإجراءات الجنائية إلى 2026    الداخلية تكشف ملابسات فيديو سائق ميكروباص بالبحيرة رفع الأجرة وحمّل ركابًا أكثر من المقرر    350 مليون دولار استثمارات هندية بمصر.. و«UFLEX» تخطط لإنشاء مصنع جديد بالعين السخنة    وزير الاستثمار يعقد مائدة مستديرة مع شركة الاستشارات الدولية McLarty Associates وكبار المستثمرين الأمريكين    إحالة مسؤولين في المرج والسلام إلى النيابة العامة والإدارية    الأولى من نوعها.. جامعة أسيوط تنجح في أول جراحة باستخدام مضخة "الباكلوفين" لعلاج التيبس الحاد بالأطراف    جيش الاحتلال الإسرائيلي يعتقل 24 فلسطينيا في الضفة    بعد توقف 7 سنوات.. انطلاق الدورة الرابعة من معرض الأقصر للكتاب    شوقي علام: سأنضم للجنة الشئون الدينية بالشيوخ لمواصلة الجهد الوطني في مجال الدعوة    الصحة تنصح بتلقي لقاح الإنفلونزا سنويًا    جامعة الشارقة: تقليل هدر الطعام يمثل أحد أكثر الإجراءات فعالية في مواجهة التغير المناخي    التحالف الوطني يستعد لإطلاق قافلة دعم غزة 12 لدعم الأشقاء في فلسطين    مشكلة الميراث    .. ورضي الله عن أعمال الصالحين الطيبين لاغير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بدايات حركة عدم انحياز جديدة
نشر في الشروق الجديد يوم 14 - 03 - 2022

نشرت صحيفة ذا جارديان البريطانية مقالا بتاريخ 10 مارس للكاتب دايفيد أدلير رأى فيه أن سلوك دول العالم فى مجلس الأمن لإدانة الغزو الروسى لا يعد مؤشرا حقيقيا على موقف الدول من الحرب، فالمؤشر الحقيقى ظهر فى سلوك دول العالم من فرض العقوبات الاقتصادية على روسيا وعدم الانضمام إليها حفاظا على مصالحها... نعرض منه ما يلى.
عندما وصل عدد اللاجئين الأوكرانيين الفارين من الغزو الروسى الوحشى إلى مليون شخص فى 2 مارس، دعا مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إلى جلسة طارئة للجمعية العامة. هناك، صوتت أغلبية الدول البالغ عددها 193 دولة بالإيجاب على قرار لإدانة الغزو الروسى على أوكرانيا؛ 141 صوتا لصالحه، وامتناع 35 عن التصويت وخمسة أصوات فقط ضده. حتى أن بعض أقرب حلفاء روسيا فى القارة مثل صربيا أو المجر صوتوا لإدانة الغزو. قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش: «إن رسالة الجمعية العامة قوية وواضحة».
ماذا تعنى هذه الرسالة؟ فى الأيام الأخيرة، أشار العديد من المعلقين إلى قرار الأمم المتحدة لإظهار وحدة الغرب والعالم فى مواجهة حكومة بوتين. ولكن لفهم العواقب الجيوسياسية للغزو الروسى، يجب أن ننظر إلى ما وراء المسرح الدبلوماسى للجمعية العامة لنعرف موقف الدول الحقيقى من هذه الحرب، ومن ثم يجب النظر إلى جانب مختلف تماما عن خريطة الدول التى صوتت لصالح الإدانة فى مجلس الأمن، يجب النظر إلى خريطة الدول حول العالم المشاركة فى العقوبات التى فرضتها الولايات المتحدة وحلفاؤها على روسيا.
التناقض بين الخريطتين مثير للدهشة. بخلاف التحالف الحصين الذى يضم الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وكندا، وكوريا الجنوبية، وسويسرا، واليابان، وأستراليا، ونيوزيلندا، وتايوان، وسنغافورة، والاتحاد الأوروبى، اختار عدد قليل جدا من الدول المشاركة فى الحرب الاقتصادية على روسيا، بل ورفضت العديد من دول العالم بما فى ذلك الصين والهند والبرازيل وبنجلاديش وباكستان وإندونيسيا وحتى تركيا حليفة الناتو الانضمام إليها. قال ممثل وزير خارجية إندونيسيا فى مؤتمر صحفى «لن نتبع الخطوات التى اتخذتها دولة أخرى بشكل أعمى».
التزمت أمريكا اللاتينية الحياد. قال الرئيس المكسيكى، أندريس مانويل لوبيز أوبرادور، «لا نعتبر أن (هذه الحرب) تهمنا... لن نتخذ أى نوع من الانتقام الاقتصادى، فنحن نريد أن تكون لدينا علاقات جيدة مع جميع الحكومات». صوتت الأرجنتين لإدانة تصرفات روسيا فى الأمم المتحدة، لكن وزير خارجيتها، سانتياجو كافييرو، أصر على عدم مشاركة بلاده فى العقوبات الجديدة ضد روسيا.
لقد تردد صدى موقف أمريكا اللاتينية فى إفريقيا. يقول بيير سانى، رئيس معهد Imagine Africa والأمين العام السابق لمنظمة العفو الدولية «على مدى خمسة قرون، كنا بيادق فى أيدى الدول الأوروبية المتحاربة والتى عزمت على نهب مصادر أفريقيا البشرية والطبيعية». وأشار سانى إلى أن أوكرانيا تجند المرتزقة «المتطوعين» من دول مثل السنغال وساحل العاج للقتال فى الحرب. ويقول «إذا تصاعدت هذه الحرب فى أوكرانيا، فلا تحضروها إلى أراضينا».
• • •
وسط التقدم الوحشى للجيش الروسى فى أوكرانيا، تحدثت مجموعة كبيرة من المقالات والتعليقات على تويتر عن «اليسار الغربى» وعدم استعداده الواضح لمواجهة حكومة بوتين. وُصف غزو أوكرانيا بأنه «اختبار لليساريين الزائفين» الذين فشلوا فى الرد بقوة وصرامة لدعم الغرب فى جهوده لعزل بوتين وتقويضه وإسقاطه فى نهاية المطاف دفاعا عن القضية الأوكرانية.
لكن خريطة العقوبات تشير إلى أن الصدع الحقيقى ليس بين اليسار واليمين، ولا حتى بين الشرق والغرب. على العكس من ذلك، تكشف الخريطة عن شقاق بين الشمال والجنوب، بين الدول التى نسميها متطورة وتلك التى نسميها نامية. ومن خلال الكشف عن هذا التحول، يمكن للخريطة أن تخبرنا بشىء مهم عن الجغرافيا السياسية فى العصر المقبل لتعدد الأقطاب.
بدأ العديد من المعلقين الحديث عن الحرب الباردة الجديدة بسبب الصعود الصينى وموقف أمريكا منه، ولكن قلة هم الذين توقعوا أن يبدأ بوتين هذه الحرب فجأة. كتب المدير السابق لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية روبرت جيتس لصحيفة واشنطن بوست «لقد أنهى غزو بوتين لأوكرانيا عطلة الأمريكيين التى استمرت 30 عاما». يشير الإخلاء الفورى للممثلين الروس وطرد الثقافة الروسية من مؤسسات الغرب إلى أن فترة السبات الطويلة للحرب الباردة قد انتهت، وأيقظت الحرب الحكومات الديمقراطية على واقع عالم جديد.
النبأ السار لجيتس هو أن إدارة بايدن قد وجدت أساس الحرب الباردة، وتسعى قمتها «من أجل الديمقراطية» جاهدة لتوحيد «دول العالم الحر» مع عزل الأنظمة الاستبدادية مثل روسيا والصين. هذا، مع الاستثناءات المعتادة؛ فنفط المملكة العربية السعودية، على سبيل المثال، يمنحها تذكرة مجانية ل«العالم الحر»، كما اتضح من الوفد الأخير الذى أرسلته إدارة بايدن لتأمين دعم المملكة للحفاظ على تدفق النفط خلال الحرب فى أوكرانيا.
• • •
فى عصر القطبية الأحادية فى عطلة الثلاثين عاما الطويلة التى أعقبت انهيار الاتحاد السوفيتى كانت الخيارات أمام الدول بسيطة؛ إما الوقوف إلى جانب الولايات المتحدة، أو الوقوف بمفردها. سعت بعض الدول إلى خلق مقاومة جماعية لهذه القوة المهيمنة، لكن العواقب كانت وخيمة؛ غزوات وانقلابات وعقوبات واسعة لعزل اقتصاداتها عن العالم.
مع قيام قوى جديدة وأقطاب جديدة، فإن الخيارات المتاحة للدول لم تعد مقتصرة على الخضوع أو المقاومة، فظهر خيار ثالث وهو الحياد. يقول بيير سانى «الحياد لا يعنى اللا مبالاة... الحياد يعنى استمرار المطالبة باحترام القوانين الدولية؛ الحياد يعنى أن قلوبنا لا تزال تذهب إلى ضحايا الحروب العسكرية والعقوبات التعسفية التى لم تُفرض أبدا على دول الناتو».
فى الحرب الباردة الأولى كان للحياد اسم، وهو عدم الانحياز. عندما اشتبكت الولايات المتحدة مع الصين والاتحاد السوفيتى فى سماء كوريا، رفض جواهر لال نهرو وجوسيب بروز تيتو الانحياز إلى جانب. قال وزير خارجية يوغوسلافيا، إدوارد كارديلى، للأمم المتحدة فى عام 1950 «لا يمكن لشعب يوغوسلافيا قبول الافتراض القائل بأن الإنسانية اليوم لديها خيار واحد فقط الاختيار بين هيمنة كتلة أو أخرى... يوجد طريق آخر». ولدت حركة عدم الانحياز بعد ذلك بخمس سنوات، وتوحد أكثر من 100 دولة حول العالم حول مبادئ عدم التدخل والتعايش السلمى.
الدول اليوم فى جميع أنحاء العالم مدعوة مرة أخرى للانحياز بين روسيا والغرب، وقريبا جدا بين الغرب والصين. ولكن كما توضح خريطة العقوبات، فإن الضغط المتبادل بين هذه القوى العظمى قد يؤدى مرة أخرى إلى رجوع حركة عدم الانحياز، والمطالبة بتطبيق أكثر عالمية للقانون الدولى.
لا شك أن هذا الموقف المحايد سيكون له عواقب. كثيرا ما كانت دول عدم الانحياز فى الحرب الباردة الأولى ضحية للعدوان والغزو والحصار الاقتصادى. نفس المخاطر موجودة اليوم. ألغت ليتوانيا أخيرا شحنة من لقاحات كوفيد إلى بنجلاديش لرفضها إدانة روسيا فى الأمم المتحدة. الولايات المتحدة أقرت بالفعل قانون مكافحة أعداء أمريكا من خلال العقوبات (Caatsa)، ما يمنحها رخصة لفرض عقوبات على الدول التى لها علاقات تجارية مع الجانب الآخر.
بينما تستعد القوى العظمى لقرن جديد من الحرب، ستزداد الدعوة إلى عدم الانحياز. المهمة هى فهم عدم الانحياز مثلما فعل تيتو ونهرو من قبل؛ ليس على أنها «حيادية» أو «سلبية»، بل لأنها تمثل السياسة الإيجابية والنشطة والبناءة التى تهدف إلى أن يكون السلام الجماعى أساسا للأمن الجماعى، وذلك كما كتبا فى إعلان مشترك فى عام 1954.
ترجمة وتحرير: ابتهال أحمد
النص الأصلى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.