فى سنوات ماضية كانت ربات البيوت يفتخرن بغسيلهن الأكثر بياضا والذى يشعل المنافسة بين سيدات الحى وكثيرا ما كانت تقف المرأة فى شرفة منزلها المطلة على الحارة الضيقة أو الشارع الواسع تتباهى بحبال المنشر المحملة بقطع الملابس التى يسطع بياضها تحت أشعة الشمس لكن بمرور الوقت تغير الحال وحل محل المنشر الخارجى منشر داخلى قد تحجبه أسوار الشرفة أو يتوارى داخل الحمام أو حتى فى صالة الاستقبال فلا يرى مستوى النظافة سوى أهل البيت ومع التطور التكنولوجى واختراع الغسالة الفول والنصف أوتوماتيك والعادية انتشرت أنواع عديدة من مساحيق الغسيل. وبماركات عالمية شهيرة بعد أن دخلت السوق المصرية نحو 11 شركة عالمية ومحلية تحمل ماركات مختلفة أصبحت تصنع فى مصر وأصبح توفير الجهد اليدوى فى الغسيل باستخدام الغسالات يشكل عبئا كبيرا على ميزانية الأسر نظرا لارتفاع أسعار المساحيق التى زادت بشكل ملحوظ حيث يصل أقل سعر للعبوة فئة 3 كيلوجرامات ما يزيد على الخمسين جنيها. وقد لا تصمد العبوة إلى نهاية الشهر مع تعدد مرات الغسيل فى مناخ مصرى ملوث بالاتربة يجعل الملابس أكثر عرضة للاتساخ لذلك اطلق اتحاد الصناعات مبادرة لإنتاج مساحيق غسيل مركزة بتكنولوجيا حديثة تسمح بغسيل نفس كمية الملابس باستخدام كمية أقل من المسحوق لتشهد أرفف المتاجر فى مصر خلال الشهور القليلة المقبلة وصول مساحيق غسيل مركزة من شأنها الحفاظ على البيئة. وتعد المساحيق المركزة جيلا جديدا من مساحيق الغسيل التى تستخدم أحدث التكنولوجيات العالمية فى صناعة المنظفات الحبيبية وتسمح هذه التكنولوجيا المتطورة بتركيز المادة الفعالة الداخلة فى تركيب المنظف تكفى لغسيل نفس مقدار الملابس مع الحفاظ على نفس مستوى النظافة فإذا كانت عبوة تزن 4 كيلو جرامات من المسحوق العادى كافية لغسل 16غسلة فإن عبوة تزن 3 كيلوجرامات فقط من المسحوق المركز تكفى لغسل نفس الكمية بنفس الكفاءة وقد تم أستخدام هذه الأنواع فى معظم أنحاء أوروبا والولايات المتحدة وكندا واليابان ويجرى حاليا التحول إليها فى عدة دول فى أمريكا اللاتينية بالإضافة الصين والهند ومصر والمنطقة العربية. 90% من المنتجين ينضمون وتأتى الدعوة لتركيز المساحيق فى مصر فى إطار مبادرة اختيارية للقطاع الصناعى بحسب محمد فكرى عبدالشافى رئيس شعبة المنظفات باتحاد الصناعات موضحا أن 90% من مصنعى المساحيق انضموا للمبادرة متوقعا الاستجابة للمبادرة من الجميع بنهاية العام الجارى ويضيف أن الفوائد البيئية هى التى شجعت اتحاد الصناعات للدعوة لتبنى المبادرة فى مصر حيث تؤكد الدراسات البيئية أن التطبيق سوف يؤدى سنويا إلى توفير قدر من الطاقة يكفى لإضاءة مدينة القاهرة طيلة شهر كامل وقدر من المياه يفى باحتياجات مدينة يقطنها 36 ألف نسمة لمدة شهر ومواد تغليف تكفى لتغليف الهرم الأكبر 125 مرة بالاضافة إلى توفير استخدام أكثر من 3800 شاحنة نقل سنويا وهو ما يوازى اسطولا يصل طوله إلى 346 كيلو مترا بما يقلل من انبعاثات ثانى أكسيد الكربون بنحو 57 ألف طن سنويا ويشير إلى أن استخدام المسحوق المركز سوف يرشد من استخدام المياه فى المنازل التى تهدر فى الصرف الصحى. بالاضافة إلى توفير مساحات للتخزين فى البيوت المصرية التى كانت تستغل فى استيعاب كمية المسحوق الأكثر وزنا وفى عبوات كبيرة ونفس الأمر ينطبق على مساحات العرض والتخزين فى المتاجر فالتركيز سيجعل العبوات أقل حجما عن ذى قبل ويؤكد عبدالشافى ان المساحيق المركزة لن ترى النور فى مصر وحدها وانما فى معظم الدول العربية باعتبارها أكبر وأول المبادرات الاختيارية للقطاع الصناعى العربى التى تهدف إلى تحسين المنتجات وتقبل المستهلكين لها مع تحسين الأداء البيئى . تخوفات من زيادة الأسعار من جهته أكد الدكتور شريف الجبلى رئيس غرفة الصناعات الكيماوية أن المبادرة عالمية وستساعد فى الحفاظ على البيئة مشيرا إلى انضمام أغلب اطراف صناعة المنظفات اليها من شركات قطاع أعمال، وقطاع خاص محلى وأجنبى موضحا أن حجم إنتاج المنظفات فى مصر يصل إلى مليونى طن، منها 250 ألف طن مساحيق يدوية و120 ألف طن مساحيق أتوماتيكية وان صادرات مصر قدرت بمليار، و180 ألف جنيه عام 2008، وتمثل 5% من صادرات مصر الكيماوية وأن 11 شركة عالمية ومحلية تعمل فى السوق المصرية. وحول وجود تخوفات من زيادة فى أسعار المساحيق وزيادة الأعباء على المستهلك بعد تركيزها أشار الجبلى أنه لكى يتم تركيز المساحيق فإنه يتعين على كل مصنع إجراء تغييرات فى مصانعهم وعملياتهم وأنها سوف تختلف وفقا للتكنولوجيا المستخدمة وهو ما سيتطلب استثمارات مختلفة من الشركات وبناء عليه فإن كل مصنع سيقرر سياسته التسعيرية بناء على الاستثمارات المطلوبة منه لتمويل عملياته وقال إنه يصعب تعميم الوضع على المصنعين الا أنه نظرا إلى تجارب الدول الأخرى فى هذا المجال فإن الأسعار لم تتحرك صعودا أو هبوطا وهو الأمر المتوقع حدوثه فى مصر بالنظر إلى إدراك المصنعين إلى عدم تحميل المستهلكين أعباء جديدة. علامة مميزة على العبوة التعرف على المساحيق المركزة لن يكون صعبا خاصة وأن المصنعين سوف يضعون علامة تجارية مميزة على العبوات تسمح للمستهلكين بتمييزها عن المساحيق العادية وكما يؤكد الشافعى فإن وجود العلامة المميزة يضمن أن هذا المنتج هو منتج مركز مشيرا إلى إطلاق حملة توعية بخصوص المساحيق الجديدة لتوضيح فوائدها من خلال التليفزيون ووسائل الإعلام المختلفة من المنتظر أن يبدأ بثها فى شهر فبراير المقبل وستسعى الحملة إلى تشجيع المستهلكين على تحسين عاداتهم فيما يخص عملية الغسيل وذلك من خلال استخدام المساحيق بشكل سليم وبكميات مناسبة لتلافى أى هدر فى المسحوق. فى الوقت الذى أكد فيه الدكتور أحمد جابر الأستاذ بكلية الهندسة والخبير البيئى على إجراء دراسة مستفيضة لمدة عامين لتقييم الآثار البيئية للتحول من المنظفات التقليدية إلى المركزة اشترك فيها بتكليف من وزارة البيئة واتحاد الصناعات مكتب استشارى أوروبى متخصص فى الدراسات البيئية قام بمراجعتها وفقا ل10 معايير متعارف عليها دوليا لتقليل الأثر البيئى للمنظفات طوال دورة حياة المنتج من خلال مواد خام كيماوية أقل، ومواد تغليف أقل وانبعاثات أقل وترشيد فى الاستهلاك المنزلى.