أمام بوابة المجالس الطبية المتخصصة بجوار وزارة الصحة كانوا يجلسون على الرصيف، أو يستندون إلى السيارات النائمة، إنهم فى انتظار قرار العلاج على نفقة الدولة من الجهة المختصة. «ممكن أروح فى غيبوبة كاملة بشكل مفاجئ، وأتعرضت لها 3 مرات، عشان كده بخاف أمشى لوحدى». سعد الدين كمال، 60 عاما، يعانى من خمول الكبد والشلل الرعاش. كان كهربائيا حتى أقعده المرض. «فى قصر العينى القديم، الدكتور كتب لى على علاجا بيتكلف 90 جنيها ولازم أجيبه كل أسبوع». مستشفى قصر العينى القديم غير مختص بصرف أى أدوية أو علاج للمرضى كما يقول سعد الدين لكنها تستطيع كتابة طلب بواسطة اللجنة الثلاثية للمجالس الطبية المتخصصة، مشفوعا بتقرير عن حالة المريض. سعد الدين لم يتسلم قرار العلاج على نفقة الدولة إلا بعد 20 يوما من تقديمه، «القصر العينى كتب لى الطلب فى 20 ديسمبر اللى فات، واستلمت القرار 10 يناير». هجوما عنيفا على وزارة المالية بسبب الديون المتراكمة للمستشفيات وحذرت من انهيار العلاج على نفقة الدولة بعد توقف المستشفيات عن تقديم الخدمة الطبية لهم بسبب المديونية التى وصلت إلى مليار جنيه. طالبت اللجنة الحكومة بالبحث عن حل لإنقاذ المرضى، وانتقدت المراكز الطبية المتخصصة لإصدارها قرار يتضمن إلزام المواطنين الحاصلين على قرار علاج على نفقة الدولة بتحمل جزء من نفقات العلاج. يستنكر سعد الدين كمال بطء الإجراءات، ويرى أن حالات المرضى قد تسوء وليست حالته فقط لوجود «روتين يتحكم فى كل حاجة، ويعطل المراكب السايرة». اللافتة الذهبية معلقة على أحد الأعمدة فى مدخل المجالس المتخصصة بشارع القصر العينى تصف بالتفصيل إجراءات مرضى الفشل الكلوى. «تحليلات وموجات حديثة وتقرير معتمد من مستشفى حكومى، بالإضافة إلى صورة بطاقة المريض على الوجهين أو شهادة ميلاد». أما فى حالة تجديد القرار، يجب تقديم تقرير طبى معتمد من اللجنة الثلاثية وإرفاق عدد وتواريخ جلسات الغسيل الكلوى بالقرار السابق وصورة بطاقة المريض نفسه، وكتب تنويه فى أسفل اللافتة «هام جدا: جميع الطلبات تقدم مجانا وبمعرفة المندوب أو قريب من الدرجة الأولى». د.محمد عابدين مدير المجالس الطبية المتخصصة يعتبر أن إجراءات القرار تستغرق وقتا طويلا فى الحالات المعقدة ذات التكاليف الكبيرة فقط. «وقرار العلاج على نفقة الدولة فى مستشفى حكومى أفضل من العلاج بمستشفى خاص، لأن الحكومى أسعاره مش مكلفة ولنا دور رقابى عليها، لكن الخاصة غالية وما لناش كلمة عليها». لكن بعض الحالات «المعقدة» يتم حسمها فى يومين، إذا تدخلت «شخصية مهمة» فى الأمر. حسين أحمد يحمل أوراق ابنته، التى تعانى من خشونة فى الكتف، واستطاع حسين بمعرفة أحد نواب مجلس الشعب الحصول على قرار العلاج على نفقة الدولة بسرعة، وفى أحد المستشفيات الخاصة، «حالتها كانت خطيرة، ولولا الرجل اللى ساعدنى كان زمانها ضاعت». النواب والعلاج المجانى أثار زوبعة برلمانية الأسبوع الماضى، بعد اتهامات بحصول 11 نائبا بمجلس الشعب على قرارات علاج على نفقة تكلف الدولة نحو 44 مليون جنيه شهريا، واضطر د.فتحى سرور للدفاع عن ممثلى الشعب، فهم «لا يستغلون شيئا لأنفسهم، والأموال التى يتم صرفها فى قرارات العلاج ترسل مباشرة إلى المستشفيات». وأضاف سرور مشجعا: النائب النشط هو الذى يستطيع إمضاء قرارات علاج لأبناء دائرته. رغم ذلك اتهم د. حمدى السيد رئيس لجنة الصحة الحكومة بأنها تضحك على الشعب، «نحن منزعجون لأننا غير قادرين على حل مشكلة مليون ونصف مليون مواطن يتمتعون بالعلاج على نفقة الدولة، فكيف نفعل فى علاج 80 مليون مواطن فى ظل قانون التأمين الصحى الجديد. حتفضحونا».