تتغير أدوات وأسلحة الحروب بتغير الأزمنة وتطورها، ومع بداية الهجوم الروسي على الأراضي الأوكرانية، كانت التكنولوجيا وأدواتها حاضرة بقوة، وتوظيفها لتحقيق أهداف بعينها في الحرب. في البداية، قررت شركة جوجل، تعليق خدمة "جوجل ماب" مؤقتا في أوكرانيا، بسبب العمليات العسكرية الروسية الجارية على الأراضي الأوكرانية. وعللت الشركة سبب التعليق لدواعي السلامة بالتشاور مع جهات ميدانية في أوكرانيا، على الجانب الآخر وظفت خدمة تكنولوجية جديدة لكشف التحركات الروسية، والتي تديرها شركة Maxar Technologies الأمريكية. ما كشفته الأقمار الصناعية؟ وأظهرت صور الأقمار الصناعية، قافلة عسكرية روسية ضخمة، تمتد حوالي 40 ميلًا ، تقترب من العاصمة الأوكرانية كييف، وقال خبراء إن الصور التي التقطتها شركة التصوير بالأقمار الصناعية الأمريكية maxar تظهر أدلة على القتال خارج المدينة، بما في ذلك المركبات المدمرة والجسر المتضرر. ووفقًا لمحللي Maxar ، بناءً على الصور التي تم جمعها، تمتد القافلة العسكرية الروسية من مطار أنتونوف في الجنوب إلى الطرف الشمالي للقافلة بالقرب من بريبيرسك، وتكونت القافلة العسكرية من مئات العربات المدرعة والدبابات والمدفعية وعربات الدعم على مسافة لا تزيد عن 17 ميلاً من وسط المدينة، وكان يُعتقد في وقت سابق أن طول القافلة يبلغ 17 ميلاً فقط لكن صور الأقمار الصناعية الإضافية كشفت الوضع، بحسب موقع forces net . كما تُظهر صور الأقمار الصناعية لاجئين يقفون في طوابير عند الحدود للفرار من أوكرانيا وأضرار صاروخية شديدة في مناطق سكنية متفرقة، وأيضاً يمكن مشاهدة منازل محترقة وحفرًا عملاقة منتشرة حول الحقول في ريفنوبيليا، وهي قرية صغيرة بالقرب من تشيرنيهيف، مدينة في شمال أوكرانيا. كما دمرت الهجمات قرية سوكاتشي الواقعة شمال كييف، وتضررت المنازل في القرية الريفية ذات اللون الأخضر، وتُظهر الصور أيضًا تدمير جسر يعبر نهر ستريزين في تشيرنيهيف، كما تضرر الطريق والمنازل المجاورة في الهجوم، ويبدو أن مصنعًا قريبًا من تشيرنيهيف قد تعرض لأضرار جسيمة في الهجمات الصاروخية وظهرت قافلة روسية في الصور وهي تشق طريقها عبر القري، بحسب موقع new uk. وفي منطقة سكنية جنوب مطار أنتونوف في بوشا، وهي مدينة تقع إلى الغرب من كييف، تضررت المركبات العسكرية كما دمرت المنازل المجاورة، وتظهر بعض الصور طوابير طويلة على الحدود حيث فر أكثر من مليون مدني من أوكرانيا، وفي صور أخرى ظهر طريقًا ريفيًا مزدحمًا حيث كان اللاجئون ينتظرون في سياراتهم لعبور الحدود بين سلوفاكياوأوكرانيا. وبينما فر العديد من المدنيين من البلاد، بقي عدد أكبر بكثير من الناس - إما باختيارهم أو لأنه ليس لديهم مكان آخر يذهبون إليه، وتظهر صور الأقمار الصناعية ماكسار طوابير طويلة من الناس خارج محلات السوبر ماركت في مدينتي تشيرنيهيف وكييف لتخزين الضروريات اليومية. هل الأقمار الصناعية تجارة رابحة؟ أرّخت الصور التي جمعتها الأقمار الصناعية "التجارية" حشود القوات الروسية على حدود أوكرانيا والغزو المستمر، وقدمت معلومات استخباراتية كانت متوفرة في السابق فقط من مصادر حكومية - ونادرًا ما يتم نشرها للجمهور العام أو تداولها بصور عامة. أظهرت الأزمة الحالية قدرات شركات مثل maxar Technologies وblack sky ، من خلال قدرتها ومساهمتها في تقديم صور الأقمار الصناعية عالية الدقة الخاصة بها والتي تكشف الأوضاع على أرض الواقع في أوكرانيا، سواء على مستوى التحركات الروسية أو الدمار الذي يخلفه الهجوم العسكري الروسي. في الأسبوع الماضي، قال دانيال جابلونسكي، الرئيس والمدير التنفيذي لماكسار، أن الشركة"تعمل على زيادة الشفافية العالمية، من خلال إنشاء برنامج شراكة مع مؤسسات إعلامية محترفة وموثوقة، وخلق روابط اتصال منظمة مع مئات الصحفيين، سواء داخل الولاياتالمتحدة أو خارجة لتقديم صورة كاملة عن الأوضاع، حيث توفر الشركة أيضاً وصولًا مجانيًا إلى صور الأقمار الصناعية للمجموعات البيئية والإنسانية من خلال منصة المراقبة الآمنة، بحسب موقع space news. وأضاف جابلونسكي في تصريحات لنفس الموقع: " إن Maxar أتاحت الكثير من هذه الصور للمؤسسات الإخبارية لدعم الشفافية العالمية ومكافحة انتشار المعلومات المضللة نحن فخورون بمساهماتنا في الخطاب العام حول هذا الوضع ونأمل في التوصل إلى حل سلمي ". يفرض الوضع الحالي زيادة الوعي بقيمة ما توفره البيانات الفضائية، ومدى تطور الأعمال التجارية الجغرافية المكانية في هذا السياق، وتقدر حالياً هذه الصناعة ب 9 مليارات دولار ومن المتوقع أن تنمو إلى 37 مليار دولار بحلول عام 2026، حيث تسارع العديد من الشركات الجديدة الممولة من المشاريع إلى نشر الأبراج وخدمات تحليل البيانات عبر الأقمار الصناعية. قال سكوت هيرمان، الرئيس التنفيذي لشركة Cognitive Space وخبير البيانات الجغرافية المكانية الذي يعمل مع مشغلي الأقمار الصناعية التجاريين: "إن الصراع في أوكرانيا وآثاره العالمية تخلق فرصة لشركات مراقبة الأرض الفضائية الجديدة لإظهار قدراتها، لا يوجد فرصة أفضل من هذه لإظهار كيف يمكن للاستشعار عن بعد أن يدعم سرد القصص الإعلامية ويساعد في فهم عامة الناس لأزمة مثل أوكرانيا". وأضاف: "نلاحظ أن التغطية من قبل وسائل الإعلام الرئيسية معظمها مستمدة من البيانات الجغرافية المكانية من مجموعة متنوعة من المصادر التجارية والمفتوحة". وأشار هيرمان إلى أنه في حين أن شركات مثل Maxar قادرة مالياً على توفير الصور لوسائل الإعلام الإخبارية والمنظمات غير الربحية دون أي تكلفة، فإن الأمر أكثر صعوبة بالنسبة للشركات الناشئة التي تحتاج إلى دفع العملاء. وذكر أيضاً أن أحد التحديات التي تواجه شركات مراقبة الأرض –الأقمار الصناعية- الجديدة هو أنها بحاجة إلى تحقيق إيرادات كافية، وقد لا تكون الخدمة العامة والتعرض الإعلامي كافيين لإرضاء المستثمرين، يريد الجميع الاستفادة منها ولكنها مكلفة ويحتاج اصحابها الحصول على أي عائد منها، لذلك كان هناك دائمًا اختلاف داخل هذه الشركات حول دعم الأزمات لوسائل الإعلام. وتستخدم أقمار التصوير البصري مستشعرات الأشعة تحت الحمراء القريبة والموجات القصيرة والأشعة تحت الحمراء لإنتاج صور فوتوغرافية، لكن الجانب السلبي الأساسي المرتبط بها هو أنها لا تستطيع الرؤية من خلال السحب، وفي حالة أوكرانيا فإنها دولة معروف أن شتاءها ملبدة بالغيوم، بحسب موقع space news. ولفت هيرمان إلى أن أقمار مستشعرات الرادار ذات الفتحة الاصطناعية يمكنها اختراق الغطاء السحابي والتقاط الصور في الليل، وقال إن التحدي الآخر لشركات الأقمار الصناعية هو معرفة المكان الذي توجه أجهزة الاستشعار فيه بالضبط للحصول على صورة تستحق النشر. ويتمتع العديد من مشغلي الأقمار الصناعية الأحدث بقدرات محدودة لجمع معلومات استخبارية كافية عما يحدث على الأرض من أجل تشغيل أقمارهم الصناعية بفعالية، لأنهم قد يعتمدون على عملائهم لتوجيههم في الاتجاه الصحيح للحصول على لقطة إخبارية. وأضاف: "ما يجعل شركة Maxar الأكثر قدرة على المتابعة هو أن حكومة الولاياتالمتحدة هل العميل الأساسي لها، كمزود تجاري، حيث يدفع مكتب الاستطلاع الوطني الأمريكي لشركة Maxar حوالي 300 مليون دولار سنويًا للوصول إلى أربعة أقمار صناعية عالية الدقة للصور وأرشيف الصور، وقال كريس كويلتي من شركة أبحاث السوق Quilty Analytics إن هذا يمنح الحكومة "حقوق الشفعة" لتكليف الأقمار الصناعية بمهام أحياناً. وقال كويلتي: "قد يكون الناس على الأرض معهم كاميرات هواتفهم المحمولة التقطوا بعض الصور للدبابات، لكن الأقمار الصناعية فقط هي التي يمكنها التقاط صور فوق رؤوس الجنود وهم يحتشدون". وأضاف: "لم نتمكن من إرسال طائرة تجسس، أو يمكن للروس إسقاطها لذا نعم من المفيد جدًا أن يكون لديك مزودا تجاريا لديه صورا غير مصنفة يمكن مشاركتها".