«مصر من أكثر البلدان المتضررة من الأزمة، كونها تعتمد على استيراد الغذاء بشكل كبير، وربما تكون هناك خسائر مالية كبيرة لم تشهدها الدولة بعد»، كانت هذه نظرة البنك الدولى للاقتصاد المصرى، فى أحدث تقاريره، الذى أطلقه أمس، بعنوان «الآفاق الاقتصادية العالمية 2010». ويرى التقرير أن مصر، التى تتمتع بتنوع فى اقتصادها، تأثرت بشدة من الانخفاض الحاد فى الطلب الخارجى، إلى جانب انخفاض تحويلات عامليها بالخارج، وتدفقات رءوس الأموال الأجنبية، خاصة فيما يتعلق بالسياحة والاستثمارات الأجنبية. واعتبر البنك الدولى أن مصر من أكثر الدول التى شهدت «انخفاضا كبيرا» فى تحويلات مواطنيها العاملين فى الخارج، والتى تراجعت بنسبة 9% خلال العام الماضى، مقابل 6.3% متوسط انخفاض التحويلات فى الدول النامية. وتبعا للبنك الدولى، تأثير التباطؤ الذى شهده الاتحاد الأوروبى على وارداته من مصر كان «دراماتيكى»، فقد شهد إجمالى الصادرات المصرية السلعية إلى دول الاتحاد الأوروبى «تراجعا حادا»، فبعد تحقيقها نموا بنحو 33% فى عام 2008، فإنها انكمشت بنسبة وصلت إلى 15% فى يوليو 2009. كذلك فإن معاناة الأوروبيين من تداعيات الأزمة، وسعى العديد منهم إلى توفير نفقاته، مع زيادة البطالة، وتراجع معدلات الأجور، انعكست على عدد السياح منهم الوافدون إلى مصر، تبعا للتقرير، وقد تراجعت إيرادات السياحة بنحو 3% خلال 2009. وقد توقع البنك أن يصل معدل نمو الاقتصاد المصرى إلى 5.2% بنهاية العام الحالى، ليرتفع إلى 6% خلال العام المقبل، مقابل 4.7% فى العام المالى 2008/2009، تبعا لبياناته. التعافى الاقتصادى مازال هشًا يرى البنك الدولى أن التعافى الاقتصادى الذى يشهده العالم حاليا سيتباطأ فى وقت لاحق من هذا العام مع انحسار تأثير برامج التحفيز الاقتصادى، وأضاف أن الأسواق المالية مازالت تشعر بالقلق، وأن الطلب من القطاع الخاص مازال دون التوقعات وسط ارتفاع معدلات البطالة، واعتبر أن «تعافى الاقتصاد العالمى مازال هشا»، على حد تعبيره. ووفقا للتقرير، من المتوقع أن ينمو إجمالى الناتج المحلى العالمى، الذى تقلص بواقع 2.2% فى عام 2009، بنسبة 2.7% هذا العام، و 3.2% فى عام 2011. وتشير التوقعات الخاصة بالبلدان النامية إلى تحقق تعافى قوى نسبيا، تبعا للبنك الدولى، حيث ستنمو بنسبة 5.2% هذا العام، و5.8% فى عام 2011، وذلك مقابل 1.2% فى عام 2009 . أما إجمالى الناتج المحلى فى البلدان الغنية، الذى تقلص بنسبة 3.3% فى عام 2009، فمن المتوقع أن يرتفع بوتيرة أقل سرعة، بواقع 1.8%، و 2.3% فى عامى 2010 و2011 على التوالى. الفقراء دائمًا ما يدفعون الثمن 64 مليون فرد آخر سوف يعيشون فى براثن الفقر المدقع (على أقل من 1.25 دولار للفرد فى اليوم) فى عام 2010، مقارنة بما سيكون عليه الحال لو لم تقع الأزمة، على حد توقع البنك الدولى، والذى أكد أن «الأزمة ستترك أثرا بالغا على الفقراء، حيث سيستغرق الأمر عدة سنوات حتى تتمكن الدول من إعادة بناء اقتصاداتها، وخلق المزيد من فرص العمل». وفى هذا السياق، قدر البنك حجم التمويل الإضافى الذى تحتاجه البلدان الأكثر فقرا، التى تعتمد على المنح أو الإقراض المدعوم، بما يتراوح ما بين 30 و50 مليار دولار، وذلك حتى تتمكن هذه الدول فقط من الحفاظ على برامجها الاجتماعية التى كانت قائمة قبل الأزمة. وبحسب آخر بيانات للجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، فقد أصبح 21.6% من سكان مصر يعيشون تحت خط الفقر حاليا، مقابل 16% قبيل الأزمة، و20% آخرين قريبين جدا من خط الفقر، ومن ناحية أخرى وصل معدل البطالة المحلى إلى 9.3% فى الربع الثالث من العام الحالى، مسجلا واحدا من أعلى المعدلات العالمية.