"المياه تروي العطشان"| بعد انقطاع 5 أيام عن منطقة فيصل.. شركة المياه توفر عربات متنقلة لمياه الشرب للأهالي    عدى ال150.. سعر الدينار الكويتي أمام الجنيه اليوم الإثنين 17 يونيو 2024    زيادة أسعار البنزين يوليو 2024 .. جدل وترقب حذر في الأيام المقبلة    لماذا يرفض نتنياهو ضم "بن غفير" إلى مجلس الحرب الجديد؟    إسرائيل تقرر زيادة عدد المستوطنات بالضفة الغربية بعد اعتراف بلدان بدولة فلسطين    رئيس الوزراء الهندي يهنئ الرئيس السيسي والشعب المصري بمناسبة عيد الأضحى    بث مباشر مباراة رومانيا وأوكرانيا فى يورو 2024    بسبب ارتفاع درجات الحرارة.. إيقاف التفويج إلى محطة الجمرات لمدة 5 ساعات    بسبب بقعة زيت.. إصابة 21 شخصا في حادث تصادم على طريق إسكندرية الصحراوي    في ثاني أيام عيد الأضحى.. إقبال الآلاف من المصطافين على شواطئ مرسى مطروح    الأفلام المصرية تحقق 22 مليون جنيه إيرادات في أول أيام عيد الأضحى    سميرة عبد العزيز عن زوجها الراحل محفوظ عبد الرحمن: بكلمه كل يوم ولن أخلع الأسود إلا عند وفاتي    مناسك الحج| أحكام طواف الوداع وسبب تسميته.. ماذا لو تركته الحائض؟    رئيس «الرعاية الصحية»: مجمع الإسماعيلية الطبي قدم أكثر من 3.4 مليون خدمة طبية وعلاجية    كرنفالات وهدايا بمراكز شباب الدقهلية في ثانى أيام عيد الأضحى (صور)    مركز تنمية قدرات أعضاء هيئة التدريس بجامعة أسيوط يحصل على رخصة معتمدة 3 سنوات    ذكرى وفاة الشعراوي، الأزهر يسلط الضوء على أبرز المحطات في حياة "إمام الدعاة"    التخطيط: 31 مليار جنيه استثمارات عامة موجهة لمحافظة بورسعيد بخطة عام 23/ 2024    رئيس جامعة أسيوط يعلن حصول «مركز تنمية أعضاء هيئة التدريس» على رخصة معتمدة (تفاصيل)    طريقة تنظيف الممبار وطهيه باحترافية، مذاق لا يقاوم    نابولي يصدر بيانا شديد اللهجة بشأن رحيل نجمه    الصين تتهم الفلبين بتعمد انتهاك مياهها الإقليمية    الكرملين بشأن تقرير الناتو عن محادثات لنشر المزيد من الأسلحة النووية: هذا تصعيد للتوتر    الإنفاق على الأسلحة النووية يرتفع مع تصاعد التوترات العالمية ليبلغ 91 مليار دولار    ضبط صاحب مخزن بحوزته أقراص مخدرة وسبائك ذهبية بالقليوبية    فسحة للقناطر بالأتوبيس النهرى والسعر على أد الإيد.. فيديو    رئيس بعثة الحج الرسمية: تفويج حجاج القرعة المتعجلين من منى لمكة المكرمة غدًا    نائبة الرئيس الأمريكي: أمتنا محظوظة بكونها موطنًا لملايين المسلمين    «النقل»: تشغيل محطة شحن الحاويات بالقطارات في ميناء الإسكندرية قبل نهاية العام    شروط القبول ببرنامج نظم المعلومات الأثرية ب«آثار القاهرة»    «بطل مسلسل إسرائيلي».. من هو الممثل المصري مايكل إسكندر؟    غدا.. عزاء الموزع الموسيقي عمرو عبدالعزيز في مسجد النزهة بمدينة نصر    أخبار الأهلي: سر تعثر مفاوضات الأهلي مع ثنائي الدوري الروسي    الفرق بين التحلل الأصغر والأكبر.. الأنواع والشروط    إقبال كثيف على مراكز شباب المنيا في ثاني أيام عيد الأضحى    عاجل.. مفاجأة في تشكيل الزمالك المتوقع أمام المصري    عميد طب القاهرة ومدير مستشفى الطوارئ يتفقدان مستشفيات قصر العينى    ب 400 جنيه إسترليني.. علماء يطورون سماعة رأس لعلاج أعراض متلازمة «صدمة الحب»    «لست محايدًا».. حسام فياض يكشف صعوبات مسرحية النقطة العميا    مسؤولون بغزة: قوات الاحتلال قتلت أكثر من 16 ألف طفل خلال الحرب على القطاع    وزيرة الهجرة تطلق «بودكاست» لتعريف المصريين بالخارج تاريخ حضارتهم    اعرف آخر وقت لتقديم الأضحية ودعاء النبي وقت الذبح    نصيحة في كبسولة.. الخطوات اللازمة لتجنب الإصابة بأمراض القلب    وزير الإسكان: جهاز تعمير وسط وشمال الصعيد يتولى تنفيذ 1384 مشروعا    محافظ المنوفية: إطلاق مبادرة "الأب القدوة" ترسيخا لدور الأب    وفاة خامس حجاج الفيوم أثناء طواف الإفاضة    مصرع طفل صعقا بالكهرباء خلال شرب المياه من كولدير في الفيوم    مدير مجازر الإسكندرية: استقبلنا 995 ذبيحة في أول أيام عيد الأضحى.. والذبح مجانًا    إعلام فلسطينى: قصف إسرائيلى يستهدف المناطق الجنوبية لمدينة غزة    حسم موقف سيرجو روبيرتو من الرحيل عن برشلونة    «المالية»: تخفيف الأعباء الضريبية عن محدودي ومتوسطي الدخل    محافظ أسوان يتفقد المطعم السياحي متعدد الأغراض بعد التطوير    فيلم ولاد رزق 3 يحقق أعلى إيراد يومي في تاريخ السينما المصرية    مواعيد مباريات اليوم الاثنين 17 - 6 - 2024 والقنوات الناقلة    المنيا تسجل حالة وفاه جديدة لحجاج بيت الله الحرام    حكم الشرع في زيارة المقابر يوم العيد.. دار الإفتاء تجيب    مصطفى بكري يكشف سبب تشكيل مصطفى مدبولي للحكومة الجديدة    في ثاني أيام العيد.. سعر الدولار أمام الجنيه المصري اليوم الإثنين 17 يونيو 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثلاثة دروس من الفشل الفرنسي في مالي
نشر في الشروق الجديد يوم 22 - 02 - 2022

نشرت مؤسسة إيجمونت مقالا بتاريخ 18 فبراير لنينا ويلن، ترى فيه أن إعلان الرئيس الفرنسى الانسحاب من مالى يمثل لحظة ينبغى اغتنامها لتقييم ما حدث والتعلم من أخطاء الماضى، وفى ذلك تناولت ثلاثة دروس من الممكن استخلاصها من الفشل الفرنسى فى مالى ومنطقة الساحل الأفريقية.. نعرض منه ما يلى.
عندما يتداعى كل شيء، عادة ما نأخذ خطوة إلى الوراء لتقييم ما حدث والتعلم من أخطاء الماضى، أو، كما هو الحال مع فرنسا فى منطقة الساحل، تتراجع خطوة إلى الوراء ثم تنتقل جنوبًا إلى دول شريكة جديدة تكون على استعداد لاستضافة قواتك.
فى حين أن إعلان الرئيس الفرنسى سحب عملية برخان من مالى يبدو مبسطا واستفزازيا، إلا أنه شكل فرصة لتعلم بعض الدروس المستفادة. يبدو أن الأزمة فى مالى تعطى ثلاثة دروس: أولا أهمية وجود استراتيجية يمكن تحقيقها على أرض الواقع وأهداف محددة، ثانيا العرض الواضح للاستراتيجية مهم للحصول على الدعم الضرورى فى الداخل والخارج، ثالثا إذا قررت الانخراط أو التعاون مع القادة الذين وصلوا إلى السلطة عن طريق تعديل أو تجاهل القوانين، فمن المحتمل أنهم لن يحترموا استراتيجيتك.
لم يكن إعلان الرئيس الفرنسى، صباح الخميس الماضى، عن انسحاب القوات الفرنسية والأوروبية من مالى مفاجئا للمراقبين فى الأزمة الدبلوماسية القائمة بين البلدين. تدهورت العلاقات تدريجيًا بين البلدين على مدى السنوات القليلة الماضية، حتى قبل وقت طويل من الانقلابين العسكريين الأخيرين، ومع ذلك زادت سرعة تدهور العلاقات بشكل كبير خلال الأسابيع الأربعة الماضية. أدى استعراض القوة الذى قامت به السلطات الانتقالية فى مالى من منع الوحدات الدنماركية علنا من الاندماج فى قوات تاكوبا الأوروبية إلى حرب كلامية غير دبلوماسية، واتخذت التوترات منعطفا خطرا عندما طرد السفير الفرنسى من مالى. بينما كانت الحرب الكلامية والدبلوماسية مشتعلة بين مالى وفرنسا، شهدت المنطقة انقلابًا عسكريًا آخر هذه المرة فى بوركينا فاسو الدولة التى عانت 7 انقلابات و4 محاولات انقلاب منذ الاستقلال، وهو ما يؤكد التذبذب الشديد فى التوازن المدنى العسكرى فى المنطقة وحقيقة أن تحقيق الاستقرار بعيد المنال.
من الواضح أن فرنسا ليست الفاعل الوحيد المسئول عن الوضع المضطرب الحالى، ومع ذلك فهى الفاعل الخارجى الوحيد الذى كان مستعدا وقادرا على لعب دور بارز فى مالى وفى منطقة الساحل عمومًا. لهذا، تلقت فرنسا انتقادات كثيرة من اتجاهات مختلفة، بعضها فى محله، والبعض الآخر فلا، لكن من الواضح أن هناك دروسًا يمكن أن تتعلمها فرنسا وكذلك الفواعل الخارجية الأخرى الموجودة فى المنطقة.
• • •
أولا، بينما تبنت فرنسا، نظريًا، نهجا شاملا للأزمة الأمنية فى مالى يهتم بجوانب التنمية والدبلوماسية والدفاع، إلا أن الدفاع، المتجسد فى عملية برخان، هو الذى تم تقديمه على الجوانب الأخرى. هدفت عملية برخان إلى محاربة الجماعات الإرهابية وزيادة قدرات قوات الأمن المحلية حتى تصبح قادرة على التعامل مع التحديات الأمنية وحدها. فى حين أن الهدف واضح إلا أن طريقة تحقيق الاستراتيجية لم تكن كذلك. أظهر التاريخ أن قتال الجماعات الإرهابية المسلحة يعنى قتالا بدون عدو واضح، وبالتالى بدون نهاية واضحة. وبالتالى هذا القتال يحتاج إلى مصادر كبيرة، مالية ومادية، وتفويض سياسى من السلطات المحلية، واستعداد القوات المسلحة للقتال. فى حين أن بعثة التدريب التابعة للاتحاد الأوروبى فى مالى قدمت التدريب والموارد، إلا أن الجانبين الآخرين تعثر تحقيقهما لأسباب مختلفة، تتعلق بضعف الاستثمارات فى التنمية والدبلوماسية من الجهات الداخلية والخارجية. وفى حين رأى الفرنسيون أن عملية برخان جزء أساسى وليس كافيا من الاستراتيجية، إلا أن هذا لم يكن تصور الجهات الفاعلة المحلية، والذى يمكن إرجاعه إلى فشل فى عملية التواصل.
ثانيا، يعود الفشل فى التواصل بين الفرنسيين والماليين إلى مزيج من العوامل المختلفة. الأول هيكلى يرجع إلى الماضى الاستعمارى، وبالتالى العلاقة الهشة بين الطرفين. فالماضى مازال مؤثرا بغض النظر عما إذا كانت فرنسا لديها طموحات استعمارية جديدة أم لا. هذا الماضى يمكن استخدامه على الفور سواء من قبل القادة الوطنيين ذات الميول الشعبية أو من قبل الجهات الخارجية التى تريد تشويه سمعة فرنسا. العامل الثانى يتعلق بالممثلين وخاصة الممثلين السياسيين الفرنسيين المتعجرفين غير القادرين على الاستماع. فى حين أن المحتوى الفعلى لتصريحاتهم قد لا يكون مثيرًا للجدل فى حد ذاته، إلا أن توقيت تصريحاتهم والطريقة التى تقال بها لا يرتقون إلى المستوى الدبلوماسى. أخيرًا، لعبت محاولات التضليل التى تبذلها الجهات الخارجية دورًا فى تدهور الاتصالات بين فرنسا ومالي؛ فنشر الرواية الروسية من خلال المواقع الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعى والأفلام واللعب على المشاعر المناهضة للاستعمار واستهداف الوجود الفرنسى فى المنطقة بشكل غير مباشر مثال على ذلك.
ثالثًا، الدول الغربية الفاعلة التى تنخرط عسكريًا فى منطقة الساحل لأسباب مختلفة، سواء كان ذلك لمحاربة الإرهاب أو الحد من الهجرة، أو تعزيز العمل متعدد الأطراف أو/ ومواجهة النفوذ غير الغربى، يخاطرون بالعمل مع أو من خلال سلطات انتقالية وصلت إلى السلطة بطريقة غير دستورية مثل الانقلابات العسكرية. عندما يحدث الانقلاب أمام الشركاء الدوليين كما هو الحال فى مالي يظهر التحدى فى كيفية التعامل مع الأمر، هل يحافظ الشركاء على الوضع الراهن ويستمرون فى العمل مع المجلس العسكرى، أم يتخذون قرارًا بالمغادرة والانتظار حتى تتولى حكومة منتخبة السلطة؟ أم يسلكون الطريق الوسط من حيث وقف التعاون لفترة محدودة ثم استئناف العلاقات كالمعتاد؟ اختارت معظم الجهات الخارجية فى مالى الخيار الثانى، بينما اختارت بعد الانقلاب غير الدستورى فى تشاد العمل مع السلطات المحلية الجديدة. اختارت فرنسا فى بوركينا فاسو زيادة التعاون العسكرى مع السلطات الانتقالية بدلا من فرض العقوبات.
ردود الفعل المختلفة على الانقلابات من قبل الجهات الخارجية، الثنائية ومتعددة الأطراف، لا ينبغى أن تكون مفاجأة للمراقبين الذين تابعوا بناء وتفكيك العلاقات المختلفة، على الرغم من أن هذا يثير التساؤلات حول المعايير المزدوجة. ومع ذلك، مثلما لا تفاجئنا الردود غير المتسقة على الانقلابات، لا ينبغى أن تفاجئنا الثورات الشعبوية أو الانقلابات العسكرية.
• • •
تظل هناك العديد من الأسئلة غير المجاب عنها مع الانسحاب الفرنسى من مالى. لا يزال مستقبل العمليات متعددة الأطراف للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبى فى مالى غير واضح، ليس فقط بسبب الدعم الذى تقدمه فرنسا للبعثات عبر عملية برخام، ولكن أيضا بسبب عدم اليقين بشأن ما إذا كانت الدول الأوروبية الأخرى ستحافظ على مساهماتها فى السياق الحالى. نجح وجود فاجنر فى مالى فى إثارة المحادثات حول تجاوز الخطوط الحمراء وزيادة رغبة الدول الغربية فى البقاء خوفا من فقدان النفوذ. يركز البيان الصحفى المشترك الذى أعلن أن القوات الفرنسية والأوروبية ستظل موجودة فى المنطقة وتتعاون مع الدول الشريكة الأخرى على النيجر؛ الدولة التى تستضيف بالفعل أعدادًا كبيرة من القوات الأجنبية. يبدو أن الرئيس النيجيرى وافق على استضافة قوات تاكوبا الأوروبية، فى مناخ من المشاعر المعادية لفرنسا، وقد يكون هذا تحركًا يزيد من الاستقرار فى المنطقة.. إذا أردنا تعلم أى درس من الانهيار الحالى فى العلاقات بين فرنسا ومالى، فهو الحاجة إلى مراعاة الجهات الفاعلة المحلية، والتصورات والوقائع، وهو درس لا يبدو أنه قد تم تعلمه حتى الآن.
ترجمة وتحرير: ابتهال أحمد عبدالغنى
النص الأصلى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.