الإدارية العليا تستقبل 47 طعنا على نتيجة 30 دائرة ملغاة بانتخابات مجلس النواب    الإدارية العليا تتلقى 47 طعنًا على نتائج 30 دائرة ملغاة في انتخابات النواب 2025    الدكتور محمد عبد العاطي وزير الري السابق يفتح ملف أمن مصر المائي في حوار مع «صوت الأمة»: القيادة السياسية لن تفرط في نقطة مياه واحدة.. والأمن المائي واجب وطني ومسؤولية جماعية    مصر للطيران تحصد أفضل شركة في أفريقيا وتحقق قفزة تاريخية عالميًا    وزير الخارجية يلتقى مفوضة الاتحاد الأفريقى للتنمية الاقتصادية والتجارة    خبير: إعادة التموضع الروسي في أفريقيا تعكس رؤية استراتيجية وتنموية    واشنطن تنتقم وتطلق «عين الصقر» ضد داعش |إسرائيل تنصب حاجزًا عسكريًا بريف القنيطرة جنوب سوريا    مباشر الدوري الإنجليزي - توتنام (0)-(0) ليفربول.. بداية المباراة    حكايات منتخب مصر مع أمم أفريقيا| 2008.. ملحمة زيدان وسيطرة علي الجوائز    «البحوث الفلكية»: الانقلاب الشتوي لا يرتبط بالطقس اليومي أو الأسبوعي    سقوط ونش يُنهي حياة طالبة إعدادي خلال إنشاء برج سكني بطوخ    بدون إصابات.. إنقلاب جرار طوب أبيض أعلى كوبري طما بسوهاج    بعد دفنها.. موعد عزاء الفنانة الراحلة سمية الألفي    وزيرتا التخطيط التنمية المحلية ومحافظ الأقصر يتفقدون تطوير كورنيش ومناطق إسنا التاريخية والسياحية    عن صناعة البيوت    البحوث الإسلامية: مصر تعيش صحوة قرآنية غير مسبوقة    انطلاق قافلة طبية مجانية للمواطنين بالبحيرة الإثنين القادم    الدكتور أمجد الحداد: المضادات الحيوية ممنوعة تماما فى علاج نزلات الإنفلونزا    خلال 10 أيام.. التفتيش على 3605 منشآت يعمل بها أكثر من 49 ألف عامل    السفير صلاح حليمة: المنتدى الوزارى الروسى الأفريقى آلية مهمة لتعزيز الشراكة قبل قمة 2026    تقرير – من بينهم مصر.. 5 منتخبات خسرت افتتاح أمم إفريقيا على ملعبها    تشيلسي ينجو من فخ نيوكاسل يونايتد في الدوري الإنجليزي    أهالى البلد اتبرعوا بسيارة هدية فوزه بالمركز الأول عالميا فى حفظ القرآن.. فيديو    النائب العام يوافق على رفع اسم علاء عبد الفتاح من قوائم الممنوعين من السفر    المركز القومي يطلق مسابقة زكريا الحجاوي لدراسات الفنون الشعبية    مواجهات عنيفة بين الجيش السوداني والدعم السريع في جنوب كردفان    وزير الصحة يتفقد مستشفى الخانكة للصحة النفسية ويوجه بسرعة الانتهاء من أعمال التطوير    ماذا جاء في وثائق إبستين عن ترامب؟    وزير الإسكان يختتم جولته اليوم بتفقد مشروع طريق محور سفنكس    محافظ أسوان يبحث توصيل الخدمات والمرافق ل40 مصنعا.. اعرف التفاصيل    تعليم جنوب سيناء تعلن جدول امتحانات الفصل الدراسي الأول لمرحلة الثانوية العامة صباحي ومسائي    «مصر للسياحة» تخطط لتطوير الفنادق التابعة والتوسع في تطبيقات التحول الرقمي    انهيار مبنيين متضررين من قصف للاحتلال الإسرائيلي على غزة    وزير الشباب من داخل ملتقى التوظيف بالمنيا: نطالب الشباب بالتفاعل لبناء الذات ولا وقت للكسل    النيابة الإدارية تواصل تلقى طلبات التعيين بوظيفة معاون نيابة إلكترونيا.. المواعيد    حقيقة فيديو تجاوز إحدى الرحلات الجوية طاقتها الاستيعابية من الركاب    محمد عنتر: الزمالك "اختياري المفضل" دائما على حساب الأهلي.. والأندية الشعبية في خطر    بعد إعلان ارتباطه رسميا.. هذا هو موعد زفاف أحمد العوضي    الكويت تحتفل بالذكري الثانية لتولي الشيخ مشعل الأحمد مقاليد الحكم .    رئيس هيئة التأمين الصحي في زيارة تفقدية لمبنى الطوارئ الجديد بمستشفى 6 أكتوبر    رئيس هيئة التأمين الصحى فى زيارة تفقدية لمبنى الطوارئ الجديد بمستشفى 6 أكتوبر    سحب 666 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكترونى خلال 24 ساعة    معرض جدة للكتاب يحتفي بيوم اللغة العربية بأمسية شعرية    ضبط طن ونصف استربس دواجن وبسطرمة مجهولة المصدر بشبرا الخيمة    دار الإفتاء تعلن نتيجة رؤية هلال شهر رجب لعام 1447 هجريا بعد المغرب    الدفاع الروسية: تحرير بلدتي فيسوكويه في مقاطعة سومي وسفيتلويه بدونيتسك    عين شمس ضمن أفضل 21% من جامعات العالم في تصنيف Green Metric 2025    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : لعنة الله على تلك .. المسماة " ديمقراطية !?    إزالة 10حالات تعد وبناء مخالف في الغربية    ديربي الإسكندرية يُشعل كأس عاصمة مصر.. سموحة في اختبار صعب أمام الاتحاد    إنبي في مواجهة خارج التوقعات أمام طلائع الجيش بكأس عاصمة مصر    محاكمة 37 متهما بخلية التجمع.. اليوم    نشرة أخبار طقس اليوم السبت 20 ديسمبر| الأرصاد تحذر من أجواء شديدة البرودة    مواقيت الصلاه اليوم السبت 20ديسمبر 2025 فى المنيا    الأنبا فيلوباتير يتفقد الاستعدادات النهائية لملتقى التوظيف بمقر جمعية الشبان    محمد معيط: روشتة صندوق النقد الدولي عادة لها آلام وآثار تمس بعض فئات المجتمع    طائرات ومروحيات أمريكية تشن هجوما كبيرا على عشرات المواقع لداعش وسط سوريا    متحف القرآن الكريم بمكة المكرمة ُيقدم تجربة تفاعلية تحاكي نزول الوحي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العقيدة الإلهية فى الإسلام (2)
نشر في الشروق الجديد يوم 17 - 11 - 2021

‏ومع إبداء الأستاذ العقاد أنه لا يريد فى هذه الصفحات القليلة أن يتتبع صورة الإلهية والربوبية كافة بين أمم الحضارات الأولى، إلاَّ أنه اجتزأ منها النماذج الدالة على ما تراوح عليها بين الارتقاء إلى التنزيه، وبين الهبوط إلى التجسيم أو التشبيه أو التشويه.
ومع أن الديانة المصرية القديمة كانت أرفع الديانات ترقيا إلى ذروة التوحيد والتنزيه، إلاَّ أن عباداتها كانت تهبط أحيانا إلى مهبط الديانات الغابرة التى عبدت الطواطم والأنصاب، وإلى عبادة الأرواح الخبيثة والشياطين!
ولكن لا يفوت الأستاذ العقاد أن يشير إلى أن ديانة مصر القديمة بلغت ذروتها العليا من التوحيد والتنزيه فى ديانة «آتون» التى بَشَّر بها الفرعون المنسوب إليه «إخناتون».
* * *
بيد أن هذه الشواهد من التاريخ القديم، هى فيما يقول شواهد تمثيل لا شواهد حصر وتفصيل. وهى تدل بما ارتقت به أو هبطت إليه على أن فكرة التنزيه كانت مقصورة على فئة قليلة، لم تسلم فى كل وقت من ضعف يعيبها عقلا ويجعلها غير صالحة للأخذ بها فى ديانة الجماعة. ففى الديانة المصرية القديمة لم تسلم فكرة التوحيد من شائبة الوثنية وبقيت عبادة الشمس ظاهرة الأثر فى عبادة «آتون». وقل مثل ذلك على ديانة الهند القديمة التى لم تعلم الناس الإيمان «بذات إلهية» معروفة الصفات أشرف من الكارما والنرفانا. أما التنزيه الفلسفى فى حكمة اليونان على مذهب أرسطو، فقد كاد يلحق الكمال المطلق بالعدم المطلق.
ديانة الإسلام
الحديث عن الديانة الإسلامية، وهى ثالثة الأديان الكتابية فى ترتيب النزول، تصفية ما مال إليه فى الغرب علماء المقارنة بين الأديان، بإجرائهم مقارنات على ما حسبوه، ومنهم بل أكثرهم لم يتورعوا عن حسبان الإسلام نسخة مشوهة أو محرفة عن المسيحية أو الموسوية.
وهذا الانحراف فى التأويل، لا تسعفه النصوص، وإنما تدحضه وتثبت فساده.
وحسبك أن تراجع المراجع التى حملت عقائد العبريين، وأشهرها التوراة والتلمود، لترى أن صورة الإله فى هذه المراجع، ومن أولها إلى آخرها، هى صورة «يهوا» إله شعب إسرائيل.. وهى بعيدة عن الوحدانية يشترك معها آلهة أخرى كثيرة عبدتها الأمم التى جاورت العبريين، ولكن «يهوا» كان يغار منها ولا يريد لشعب إسرائيل أن يلتفت إليها!
فلم ينكر العبريون وجود آلهة أخرى كثيرة غير «إلههم» الذى يعبدونه تارة ويتركونه تارة أخرى، ولكنهم يحسبون الكفر به ضربا من خيانة الرعية لملكها!
وقد جَمَد العبريون على هذه العقيدة، ولم يتغير اعتقادهم قبل عصر الميلاد المسيحى.
وابتدأ عيسى عليه السلام دعوته الأولى مختصّا بها بنى إسرائيل دون سواهم من العالمين.
ولم يتحول السيد المسيح عليه السلام عن بنى إسرائيل إلى غيرهم، إلاَّ بعد أن قاوموه وصدوه وأصروا على رفضه وإنكار رسالته، وجمدوا على عقيدتهم أنهم شعب مختار بين الشعوب فى إله مختار بين الآلهة، وليس فى عقيدتهم تلك إيمان بالتوحيد، ولا هى مما يتسع لديانة إسلامية، فكيف يتشبه بها الإسلام الذى نزل للناس كافة؟!
كانت العقيدة الإلهية عند العبريين قد تطورت بعد ظهور المسيحية، فانتقلت من الإيمان بإله لأبناء إبراهيم فى الجسد، إلى إله لأبناء إبراهيم فى الروح، وانقضى عصر السيد المسيح عليه السلام وعصر بولس الرسول، واتصلت المسيحية بأمم أجنبية كان فى مقدمتها الأمة المصرية، فشاعت بين العبريين عقيدة إلهية جديدة هى عقيدة الثالوث المجتمع من الآب والابن والروح القدس، وفحواها أن المسيح المخلص هو ابن الله وأن الله أرسله فداء لأبناء آدم وحواء كفارة عن الخطيئة التى وقعا فيها عندما أكلا فى الجنة من شجرة المعرفة بعد أن نهاهما الله عن الاقتراب منها.
وعند ظهور الإسلام، كان فحوى العقيدة الإلهية كما تطورت بها الديانة المسيحية، أن الله إله واحد من أقانيم ثلاثة الآب والابن والروح القدس، وأن المسيح هو الابن فى هذه الأقانيم، وأنه ذو طبيعة إلهية واحدة فى مذهب فريق من المسيحيين، وأنه ذو طبيعتين إلهية وإنسانية (لاهوت وناسوت) فى مذهب فريق آخر.
وكانت عقائد الفرق المسيحية فى جزيرة العرب، وفيما حولها، على هذا النحو الذى لم يكن يغرى بالإعجاب أو يدعو إلى الاقتداء.
ومن الواضح لمن يتابع ويدرس، أن موقف الإسلام من ذلك كان موقف المصحح المتمم، ولم يكن موقف الناقل المستعير.
جاء الإسلام بدعوة واضحة إلى إله واحد منزه عن الشرك، ومنزه عن جهالة العصبية وسلالة النسب، منزه عن التشبيه الذى تسرب من بقايا الوثنية. فالله الذى يؤمن به المسلمون إله واحد لا شركاء له.
«سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ» (يونس 18).
وليس هو برب قبيلة ولا سلالة يؤثرها على سواها، ولكنه «رب العالمين»، خلق الناس جميعا ليتعارفوا ويتفاضلوا بالتقوى، ولا فضل بينهم لعربى على أعجمى ولا لقرشى على حبشى إلاَّ بالتقوى.
«يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ» (الحجرات 13).
وهو سبحانه واحد أحد: «لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوا أَحَدٌ» (الإخلاص 3 4).
وهو عز وجل لا يأخذ أحدا بذنب آخر، ولا يحاسب أمة بجريرة أمة سلفت، ولا يدين العالم بغير بلاغ ونذير.
«وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى» (فاطر 18).
«تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ» ( البقرة 134).
«وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا» (الإسراء 15).
* * *
ودينه سبحانه وتعالى دين الرحمة، جميع سوره عدا سورة التوبة مفتتحة ب «بسم الله الرحمن الرحيم»، ودين العدل.
«وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ» (فصلت 46).
«هُوَ الأوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَىءٍ عَلِيمٌ» (الحديد 3).
«وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَىءٍ عِلْما» (الأعراف 89).
«وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ» (يس 79).
* * *
وليس فى وسع أحد إذن أن يدعى أن الإسلام مستمد من عقائد عرب الجاهلية أو عقائد الفرق الكتابية، فالتمايز والاختلاف جذرى وأساسى وواضح.
وهذا الدين الذى صحح العقائد الإلهية، أتى به من صحراء العرب الرسول الأمى بين الرسل المبعوثين بالكتب والعبادات.
فإذا لم يكن هذا وحيا من الله، فكيف إذن يكون الوحى من الله؟
ليكن كيف كان فى أخلاد المؤمنين بالوحى الإلهى حيث كان، فما يهتدى رجل «أمى» فيما يقول الأستاذ العقاد قادم من أكناف الصحراء، إلى إيمان بالله أكمل من هذا الإيمان الأكمل الذى أتى به محمدٌ عليه الصلاة والسلام، وما كان يمكن أن يكون هذا الذى أتى به بغير وحى من الله، اللهم إلاَّ أن يكون الإنكار تنطعا وحجرا على البصائر والعقول!
Email:[email protected]
‏www.ragai2009.com


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.